أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع»رؤية تحليلية لوثيقة سياسة ملكية الدولة

فرضت الأوضاع الاقتصادية الراهنة، مجموعة من المعضلات والعقبات.. تطلبت التناول الجاد من قبل مؤسسات الدولة وأجهزتها المعنية.. ومن ثم فإن التحركات الأخيرة لمجلس الوزراء، وإصدار ما يعرف بوثيقة”سياسة ملكية الدولة”، جاءت متسقة تماما ،مع هذه الأوضاع ومافرضته من تحديات تذكر..

وتعتبر الوثيقة خريطة تفصيلية كفيلة بإيضاح حجم ملكية ومساهمات الدولة بمختلف الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب توقيت تخارجها انسحابها من بعض هذه الأنشطة ، والأهم أيضا إيضاح الأسس والسياسات فى تقاسم السوق ما بين الدولة والقطاع الخاص وبالنسب المحددة.

تؤمن العقيدة الليبرالية بتأمين المجتمعات الاقتصادية.. كما تؤمن أن أهم وأبرز أدوار الدولة تكمن فى حماية القطاع الخاص.. ذلك عبر تنظيم وتشريع الحياة الاقتصادية كون أن هذه الدولة تعد بمثابة المصدر الرئيسى للتشريع والسلطات العامة، وحسنا أن تصب توجهاتنا وبالتزامن مع الجمهورية الجديدة، فى تحديد خريطة ملكية الدولة فى أهم القطاعات الاقتصادية، وتحديد تخارجها مع منح القطاع الخاص الفرصة كاملة، رغبة حقيقية فى خلق مجتمع استثمارى ، بالاستناد وبالأساس على مقاييس منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، ، فى استهداف حقيقي لتحسين المؤشرات الاقتصادية، حيث جاء ضمن أهم مستهدفاتها.. رفع معدلات الاستثمار ما بين 25%:30%، بما يحقق رفع معدلات النمو الاقتصادى، وهو ما سيترتب عليه، تراجع معدلات الفقر والبطالة.. أيضا أرادت الدولة تركيز وتوجيه إسهاماتها واستثماراتها فى قطاعات أصيلة ربما يعجز القطاع الخاص عن إدارتها وإنجاحها.. أيضا استهدفت الدولة ما يعرف بحوكمة تواجدها بالأنشطة الاقتصادية، أى التواجد بناء على معايير ومقاييس بعينها، وأن تتحول من إدارة أنشطة الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة، وهو ما جاء متفقا مع نظرة “جون لوك” المفكر والفيلسوف الإنجليزى 1632_1704 والذى اعتمد الدولة كمحرك رئيسى للحياة الاقتصادية، وبما يحقق الرأسمالية، لكن بشرط التحرر الكامل من الحكم المطلق.

غير أن الوثيقة وخلال صياغتها، تمت مراعاة مجموعة من المعايير، بناء عليها سيتم تحديد الأنشطة وحجم المساهمات سواء من قبل الدولة أو القطاع الخاص، ولعل أبرزها تصنيف السلع والخدمات من حيث مدى ارتباطها والأمن القومى، أيضا تحديد العائد من تواجد الدولة بصناعات وأنشطة بعينها، عدم المزاحمة بين القطاعين العام والخاص، تحديد مدى قابلية القطاع الخاص لاستثمارات بعينها، والأهم تحديد مستوى ربحية الأصول المملوكة للدولة.

بالتالى فإن ملكية الدولة للأنشطة الاقتصادية، وحسبما ذكرت الوثيقة تنوعت ما بين تخارج من أنشطة معينة وعلى مدار 3 سنوات، وما بين استمرارية التواجد مع التثبيت والتخفيض، التواجد مع التثبيت والزيادة، وجميعها توجهات سيتم تحديدها بناء على نوع النشاط الاقتصادى وقدرات الطرفين.

عموما الوثيقة فى مجملها شاملة ومحددة الأهداف والتوقيتات، وربما صيغت فى آنية معقولة، ناهيك عن أن إتجاه الدولة لإعداد هذه الوثيقة والاستعانة بها، فيه إشارة بتنوع آليات وأساليب الدولة فى تناول الأزمات الاقتصادية والتعامل معها.. لكن يتبقى معرفة مدى وعائد تطبيقها على تحسين الأوضاع والنهوض بها، وهو ما يصعب قياسه إلا من خلال رضا المواطن، وقبوله بهذه الأوضاع.. وإن كنا ننتظر طرحها للحوار المجتمعى، وإجراء المقترحات عليها.

اقرأ ايضا للكاتب

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» فى واقعة استشهاد أبونا«أرسانيوس» .. ماذا لو تبادلنا الأدوار؟!

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» الحسابات الجيوستراتيجية الغائبة عن الموقف الروسى_الأوكرانى

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» شكوك حول الحرب العالمية الثالثة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى