أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» لا تكبر..إنه فخ!!

أتساءل…تُرى من أي شيءٍ يكبر الإنسان ؟

هل يكبر حقًا مع مرور الأيام، أم تشيّخه المرارة والآلام ؟

كلما مُني بخيبة، أشرقت شعرةٌ بيضاء في رأسه لتعيش نهارها الأبدي كالسراب .تلمع أحلامنا من بعيد وترقص لها قلوبنا مثل الأطفال. لقد عشت صغيرا مثل بقية أقراني أحلم وألعب وأتأمل بحياةٍ هادئة وسعيدة كان ثمن السعادة قطعة حلوى، وبعض المثلجات وكنت أقشر الضحكات على النكات البيضاء البسيطة وأحلّق بأحلامي بعيدًا .. فقط لم تكن الحياة معقدة إلى هذا الحد لكنها الحياة أخذتني أنا وأقراني على حين غرّة.

تعبنا من ملاحقة أحلامنا التي مزّقت قلوبنا.

اليوم أقف مبتعدا عن هذا الطفل تفصلنا نظرةٌ وأربعون عامًا والكثير الكثير من الخيبات اكتب الآن بينما هذا الصغير يحدق بي جيدًا، كما لو أنه يسألني بعينيه ونظرته المصوّبة نحوي ربما أو صوب المجهول لمَ قلبُك ممزق؟

كأنه يقول أحلامنا قتلتنا!

اليوم..لا أدري كيف أُقنعُ هذا الصغير أنها مهمةٌ شاقةٌ جدًا أن يكون الإنسان على ما يرام .مهمّة شاقّة أن توضّح له كيف أن الألم والخيبة والخذلان والفقد مُوجعٌ جدًا ومؤلم وقاتل ومشتت لحياتك وأفكارك إن لم تجد له معنى .

لا أدري كيف أقنعه بقسوة ولا مبالاة الآخرين بقناعاتهم الهشّة.

اليوم:لا أدري ماذا أقول له عن كمية الكتب التي التهمها قراءةً ووعيًا في كل ظروفه العادية والصعبة وكيف أصبح عاجزًا من أن يستفيد منها ليرمّم أوجاعه.

يا صديقي الصغير… الجهل لعنة والوعي جحيم وتأكد يا صديقي بأن الجروح قصاص والدعوات ستحوم حول قلبك لترمّمه….. سلامٌ على قلبك يا صديقي ببساطة لا أريد أن أعيش مائة عام لأني لست سلحفاة!!

أتمنى أن أموت باكرًا قبل أن أصاب بالزهايمر ويضطرّون لمسكي من ذراعي كأعمى كي يَعبروا بي الشّارع .

البخلاء فقط هم من يريدون أن يعيشوا طويلا ممتنعين بصرامة عن التّدخين مثلا لأنه مضر بالصحة ويسبب الوفاة
يريدون أن يعمروا كي يعرفوا ماذا سيحدث في نهاية القرن قبل أن يموتوا!

يصبحون عجزة مخرفين ورغم ذلك يتبعون ريجيمًا ويتمشّون بسرعة في النوادي ساعة كلّ يوم كأنهم يركضون بروح رياضية، وبين مكان ومكان يكحّون بالتقسيط….. وماذا بعد ذلك؟ يموتون أخيرًا لتأكلهم الدّيدان بسهولة أكبر!!

فكرة أن تعيش طويلاً حتّى يضع لك أحفادك حفّاضات وينقلوك من غرفة إلى غرفة بسيارة الإسعاف وتحكي لهم نفس الحكاية كل يوم ألف مرة وهم يقولون لك: نعم جدي العزيز معك حق.وهم واضعين سمّاعات هواتفهم بموسيقى صاخبة في آذانهم، فكره مميته فعلا.

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» هذا ما وجدنا عليه آباءنا

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» الصراع الدموي

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» لن تعجب أحد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى