أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» كرونولوجيا العصر

‏بإمكانك أن تتابع كرونولوجيا تغير شخصية بعض الأصدقاء عبر محطاتهم الإلكترونية. فترا الفرد منهم متدين سنة 2012 متصوف سنة 2013 يساري راديكالي سنة 2014 يميني محافظ سنة2020 ، عدمي سنة 2022 فعلا الثبات مذموم و الحركة محمودة و تغير نمط التفكير ملازم للحياة نفسها، ‏و لكن الملفت للانتباه أن الغالبية في كل مرحلة تكون مصابة بداء ” الوثوق”ووهم امتلاك المعرفة والحقيقةو السخرية من الآخرين، مرة يحتشدون ضد قضايا وأشخاص، ومرة يقفون معها، وحيناً يَمدحون بالجملة، ثم يَشتمون بالجملة، وبعد أيام ينسون أن شيئا حدث، ثم ما يلبثون أن يخوضوا غمار ضجيج جديد

وفي النهاية تكتشف أن الإنسان كان يسخر ضمنيا من مراحل حياته لا من الآخر، فتجد أسلوب المرء منهم في صياغة معانيه لفظًا وكتابة يكشف طريقته في معالجة أفكاره ويُظهر جانبًا من طباعه الأصيلة، فتجد المتسرّع يتعثّر بلغته، والمتذوّق ينتخب أوعية وجدانه وعقله، والفجّ يأتي بآخر الكلام دون تمهيد، والحكيم يراعي تفاوت الأفهام، واللّين حَسن التقديم، والنبيه حَسن التخلّص، وهكذا. هناك تطبيع ناعم لمواد ورموز وشكليات وثقافة الانتهاك من خلال تمريرها كأحداث أو اهتمامات وهوايات وأزياء وفنون وغيرها، تلقين خفي للتقبّل والتأقلم حيال منابع أدت لمعاناة الإنسان وقهره، لكنها تمرُّ دونما انتباه!

‏المنصات الالكترونيه أصبحت ويكيبيديا شخصية بقليل من الفلاش باك، بإمكان الإنسان أن يرى وجهه في المرآة ..
لذلك أوصي كل واع بألا يصطف مع الجماهير، وألا يبني مواقفه على مواقفهم المتقلبة..عندما تُصبح ذا عقل حُر لا ينقاد ولا يُقلد، لن تأخذك الموجات المختلفة،لن تتشدد عندما يتشدد الناس ولن تنفلت عندما ينفلتون، لن تكون مع القطيع ولن تنقاد بسهولة، فليس الكل يصلح للمزاح وليس الكل يصلح للجد،وليس الكل يصلح لأن تتحدث معه عن العلم والثقافه،وليس الكل يصلح أن تكون معه على طبيعتك.أن تتعامل مع كل شخص بما يتناسب معه ليس تلوناً بقدر ماهو ذكاء اجتماعي يحميك من أن تتصادم معهم أو تنزعج منهم في الأوقات القليلة التي تقضيها معهم ..

عقلك حُر وأذنك ليست للناس ليصبوا فيه قناعاتهم ستكون غريباً في عصر التشدد وغريباً في عصر الانفلات لا تَعِش حياةً لا تُشبِهك مُتمسِّكًا بأشياء لا تجد فيها سعادتك ، لا تقُل كلامًا لا يُشبهك تستَرضي به الآخرين رغبةً بألَّا يكون لك أعداء ، لا تَصِف نفسك بأوصاف لا تُشبهك لتَكسب احترام شخص أو مجموعة أشخاص .. رضاك عن ذاتك يكون في أن تكون أنت ، ويكون في أن يكون كل شيء في حياتك يشبهك.

وفي النهايه أقول… التنوير لن يتحقق بالإكراه ، التنوير قناعة وثقافة تتبلور من خلال طرح الأفكار المتناقضة بساحة مفتوحة سينتج عنها مخاض طويل وصراع مابين الحجج المختلفة ،المجتمعات تحتاج أن تعيش تلك المعركة لتتعود تلقائياً على التعدد والحرية هكذا تترسخ الثقافة التنويرية.

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» هل نحن كرهنا العيش معكم ؟!

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» حواشي عدم الوعي

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع».. ما تطبعوا فلوس وتوزعوها علينا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى