أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» صديقي ورد الاعتبار

قال لي أحد أصدقائي… أشعر بالأسى على نفسي لأني جعلت منها مرتعاً للوافدين والعابرين ، وأسكنت في حناياها ثُلة من الكاذبين والزائفين ؛ أشعر بالأسى لأني منحت ثقتي من لا يستحقها ، ووهبت مشاعري من لا يقدرها ، وأعطيت كلي لمن لم يعطيني بعضه ؛ أشعر بالحزن والندم الشديد لأني خذلت ممن ظننتهم مكسبي الوحيد .

صديقي العزيز… نحن ضحايا البدايات الخادعة ، والوعود الكاذبة ، والوجوه الزائفة ؛ نحن ضحايا ثقتنا العمياء بهم ، اندفاعنا اللا واعي نحوهم ، غزارة إنهمارنا عليهم ، إظهار مشاعرنا الحقيقية لهم ؛ نحن ضحايا تمسكنا المستمر وغفراننا المتكرر وتجاوزنا الدائم عن أخطائهم وسوء تصرفاتهم وقبح أفعالهم .

فأنت لم تُهزم لأنك غبي أو أحمق ولم يوقعون بك لأنك ساذج أو أخرق ؛ بل لأن أصلك طيب ومعدنك نفيس ونواياك أنقى من نواياهم وروحك أطهر من أرواحهم وأخلاقك أرقى من أخلاقهم وقلبك أجمل من قلوبهم
أنت تعرضت للأذى والخيبة والخذلان لأنك أنت الفريد من نوعك ، وليس هنالك منك اثنان .

ورد اعتبارك هو ألا تعاتب أحداً على أفعاله وضحالة اهتمامه وقلة سؤاله وجفاف مشاعره،ألا تعاتب أحداً على غيابه المتكرر وإهماله المستمر وأذاه المتعمد، لأن الجميع يدرك ما يفعل ، ويعي ما يقول ، ويميز الخطأ من الصواب ، وليس من المعقول أن تكون تصرفاتهم شيء من الحماقة ، أو ضرب من الجنون .

ومن هنا يجب أن أوضح لك…أنهم طالما لهم الحق في افتعال الأكاذيب واختلاق الأعذار ،فنحن لنا الحق في إغلاق أبوابنا خلفهم وعدم الانتظار، طالما لهم الحق في غيابهم، فلنا الحق في رفض عودتهم ؛ فمن يعاملنا حسب مزاجه ، ولا يأتي إلينا إلا في وقت فراغه ، وحين مصلحته عليه أن يغادر قلوبنا ، ويختفي من حياتنا ، ولا يعاود أبداً طرق أبوابنا !
فلا تؤذي نفسك بوضعها في أماكن لا تليق بها ،ولا تمنح مشاعرك لمن لا يقدرها ، ولا تهدر طاقتك تجاه من يستنزفها ؛ ولا تعطي الفرص لمن لا يستحق ، وتحاول مع من لا يحاول ، وتتمسك بمن يود الإفلات
أنت تؤذي نفسك باستمرار عندما تبالغ بالالتفات نحو الوراء ، وتتحسر على ما مضى ، وتندم على ما فات وانتهى
من شاء الخروج من حياتك أفتح له الباب، ومن همّ بالوداع هَّيأ له الأسباب ، ومن رام الغياب أمنحه تذكرة ذهاب دون إياب ، ومن أراد الارتحال أفسح له المجال ؛ لا تتمسك بأحد ، ولا تستجدي بقاء أحد ؛ دعهم فقط يتوارون عن الأنظار ويذهبون لغيرك ، وسيدركون كم كانوا حمقى ، حينما أفلتوا يدك .

‏{ ولا يلتفت منكم أحدٌ وامضوا حيث تؤمرون }
هذي الوصية كانت لآل لوط عليه السلام .. إلا أنها تصلح لكلّ زمن، نحن نحتاج إليها كأشخاص…لا يجب أن نقف في المنتصف نلوك أوجاعنا ونمضغ خيباتنا، نحتاج أن لا نلتفت للوراء ، للآلام، للأوجاع، ولا للخيبات
نحتاج أن نتعلم من التجارب والمضي حيث أمر الله..
أن نَقْلِبَ الصفحات ونبدأ من جديد دون أن نبقى أسرى للماضي..نحتاج أن نكمل المسير بعلم الله ورعايته متوكّلين عليه ومنيبين إليه..
اللهم توفيقًا وصلاحًا وسدادًا،وتيسيرًا ورضًا وقناعة،
اللّهمّ جبرًا وسعادةً وهناءً وأمنًا وأمانًا….. يارب

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» أنا أعرف أنا

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» عن الصداقه

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» القراءة يا سادة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى