أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» عن الصداقه

‏يقول جبران خليل جبران:
ﻻ تطلق مسمّى الصداقة على كلّ عابر يمرّ بحياتك..
حتى ﻻ تقول يومًا: الأصدقاء يتغيرون!
‏إنّ الصداقة كإيمان المرء، تحتاج الى اختبار لمصداقية الإحساس والانتماء والشعور، وتُحيلنا الى الآية القرآنية الكريمة: {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}. ‏إن الإيمان فهو ما وقر في القلب وصدّقه العمل، وأمّا الصداقة فهي ما اختلج في الصدر وصدّقه الفعل وأثبتته المواقف يومًا بعد يوم!
‏المواقف غربال الصداقة، وميزانها ومِجْهرها العظيم!
فإن لم تُمتحن تلك الصداقة وتوضع على محك الاختبار بموقفٍ ما، فهي واقعًا صداقةٌ رخوة لا يُعوّل عليها ولا نحسبها في ميزان العتاد وقد تسقط يومًا ما مع أول امتحانٍ حقيقي وأوّل اصطدام يفضح هشاشتها!
‏تعلّمت من تجارب العمر والحياة، وممّا رأيته وعشته وعانيته ألا أشير بإصبعي إلى صداقةٍ ما إلا من بعد اجتيازها لغرابيل الحياة، لتلك الظروف التي تصهر معادن الرجال والناس وتميّز الرفقة الحقّة من رفقة المصالح والصداقات المؤقّتة!
‏إنّ الذهب مهما صُهر يبقى ذهبًا نفيسًا لا تزيده الظروف إلا جمالًا وندرة ولا يزيده الوقت الا بريقًا ليصبح معتّقًا أكثر، أما المعادن الرديئة فيظهر خبثها مع أول إحراق، وتفقد قيمتها وجمالها عند أوّل احتكاك حقيقي!
‏إنها الأيام كفيلةٌ بأن تكشف لك ما خفي عنك، وتظهر لك الحقائق كما هي من غير تشويش!
علمتني الحياة أنّ خيانةً واحدةً من صديق لهي كفيلةٌ بأن تهدم جبالًا من الثقة والأمان، فالخيانة لا تأتي الا ممن هو خائن في فطرته كما كان يقال قديمًا “لم يخُنْكَ الأمين، ولكنّك ائتمنتَ الخائن”!
‏ولذلك قيل أيضًا “الصديق وقت الضيق”، لأنّ الأوقات العصيبة الخانقة هي التي تظهر الحقيقيّ من المزيّف وتفضح باطن البشر وسرائرهم، وتبيّن لنا من هو المحبّ الصادق الذي لا تغيّره الأحداث والأهوال والظروف!
‏فلا تتسرّعوا في حكمكم على العلاقات، ولا تطمئنوا سريعًا إلا من بعد مرور وقت واختبارات وتجارب مع الطرف الآخر كي يستحقّ أن تنزله منزلة “صديق”!
جزى الله الشدائد كُلّ خير
وإن كانت تُغصصني بريقي
وما شكري لها حمدًا ولكن
عرفتُ بها عدوّي من صديقي

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» القراءة يا سادة

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» لذه قضاء الحوائج

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» عن المحبة بين الحقيقة والزيف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى