أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» أنا أعرف أنا

‏أنا في مواجهة دائمة مع نفسي. لا يفزعني التعري أمامها. لا تخيفني مواجهتها أفعل معها ما أشاء. أمارس في كثير من الأحيان بشكل مدرك ساديتي عليها. أقرعها أكثر من اللازم. أُؤثّمها على ما اقترفت وما لم تقترف. أجعل من القصص التي لا يتجاوز حجمها حصاة صرحا عظيما ثم أتركه يتهاوى على رأسي.‏

أنا ماهر جدا في إتلاف نفسي مهما تعددت الطّرق، ماهر في حقن نفسي بجميع المخاوف والهواجس والشكوك الدائمة في كل موجودات الكون. بارع في إثارة قصص متخيلة تقضّ حياتي. أدرك ذلك وأحاول التوقف عنه دون جدوى.ولكن في الحقيقة لا يمثّل لي هذا سببا للقلق أو الخوف. أعتبر هذا من أعظم خصالي.

‏ما جدوى السكينة… ما جدوى العيش المطمئن والهادئ!
إنه في الأخير لن يطوّح بك في غير دروب التكلّس والجمود… مقاومة نفسي، مقاومة العالم بشكل مباشر حقن المخاوف ومن ثمّ تشديدها البحث عن أكثر الأفكار عراء وحقيقيّة البحث عن الفوضى عن الريبة،عن الرعب كل ذلك هو وقود روحي ومحرّكها الأساسي. أقطن دائما في الهاوية. يغريني الهامش المفجع. أتلذذ بالحوادث الأكثر خطورة ودراميّة، تغريني النيران والبراكين والفيضانات.

أجد سهولة تامة في الكتابة عن الآخرين وسهولة أكبر في الكتابة عن نفسي بلسان غيري. لكنّني لم أقوي عن الحديث عن نفسي مباشرة دون رهبة باستثناء مرّات نادرة. أكتب دائما ما لا أفكر فيه. لا أتعرف على نفسي إلا بتحطيمها. لا أعثر عليها إلّا عن طريق تضييعها. لا أخص هذه المقالة فحسب بل أيضا لقاءاتي مع الناس. لا أستطيع أن أتحدث مع أي كان دون محاولة إدخاله إلى أعماقي دون أن ألمس وجهه، ويديه. لا أستطيع لقاء أحد دون أن أبدأ في رحلة تحويله إلى كلمات إلى أغنيات أو إلى ريح تهدهد نفسي من الداخل. أفعل ذلك بعفويّة مطلقة!!
لم أستطع ولو لمرة واحدة الخوض في أي تبادل قبل أن أحشر نفسي في أغوار الناس قبل أن أحاول عصرهم وتجفيفهم وتحويلهم إلى شذى يعبق من تحت جلدي. لم يكن هذا مستحسنا دائما.

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» عن الصداقه

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» القراءة يا سادة

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» لذه قضاء الحوائج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى