أراء ومقالاتالموقع

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» جوائز الدولة .. طوبى للمخلصين

تمثل جوائز الدولة في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية التقدير الرسمي الأكبر الذي يمكن أن يحصل عليه أديب أو فنان أو باحث أو مفكر، لذلك كان الإعلان عن فوز ثلاثة أسماء بجائزة النيل وهي الجائزة الكبرى التي تمنح على مجمل الأعمال أو المشوار الأدبي أو الفني أو المنجز الفكري ، وهم الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد والمخرج الكبير داود عبد السيد ونقيب المحامين الراحل رجائي عطية، يعبر عن القيمة الخالصة التي قدموها على مدى أكثر من نصف قرن من إبداع وفن وفكر متميز يعبر عن الحياة المصرية وعن طبيعة الإبداع وقدرته على رصد الواقع ومعالجته فنيا بطرق ووسائل مبتكرة.

إذا تتبعنا مشوار الحائزين على الجوائز سنجد سمة مشتركة تربط بينهم ، ألا وهي الإخلاص، كل منهم أخلص في المجال الذي اختاره وأبداع فيه وقدم إضافة حقيقية تعبر عن بصمة خاصة وروح مميزة يمتلكها المبدع أو الفنان أو المفكر.
الإخلاص والدأب والإصرار بل والهوس بالكتابة هو ما يميز مسيرة الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد صاحب طيور العنبر ولا أحد ينام في الأسكندرية وبيت الياسمين والأسكندرية في غيمة وغيرها من الروايات البديعة التي تعبر عن طاقة جبارة في الحكي والأسلوب وابتكار تقنيات جديدة ومتنوعة في السرد الروائي . هذا ما يجعل إبراهم عبد المجيد يستحق عن جدارة هذا التتويج بالجائزة الكبرى وهي جائزة النيل.

الأمر نفسه ينطبق على المخرج الكبير داود عبد السيد الذي يعتبر أهم مخرج مصري موجود على الساحة حاليا، ظهر إخلاصه وعشقه للفن منذ قرر أن يحمل كاميرا على ذراعه ويصور أفلاما تسجيلية عن الحياة الإجتماعية عام 1976 ، وبعد أن عمل مساعدا للمخرج يوسف شاهين في فيلم الأرض ومع مخرجين آخرين بدأت مسيرته في الإخراج بفيلم الصعاليك 1985 ، ثم قدم لنا تحفا فنية ممثلة في أفلام ” البحث عن سيد مرزوق” و” مواطن مخبر وحرامي ” بالإضافة إلى أفلام ” الكيت كات ” و” أرض الخوف ” و” رسائل البحر ” التي تم وصفها بأنها من أهم مائة فيلم عربي خلال القرن العشرين.

الاسم الثالث الذي كان نموذجا للإخلاص حيا ، ومثالا للإخلاص في مشهد موته هو المفكر الكبير والمحامي القدير ونقيب المحامين الراحل رجائي عطية الذي توفي وهو يترافع أمام المحكمة دفاعا عن ستة من المحامين متهمين بالتجمهر ، والذي قدم للمكتبة العربية العديد من الكتب المهمة والقيمة عن التاريخ الإسلامي والتشريع وفلسفة الأديان .

الإخلاص أيضا ينطبق على أسماء شبابية حصلت على جوائز الدولة منهم الدكتورة ريم بسيوني الكاتبة الروائية التي حصلت على جائزة الدولة للتفوق، بعد أن قدمت العديد من الروايات المهمة لكن مشروعها الخير عن فترة المماليك في رواية أولاد الناس وسبيل الغارق التي تدمج فيها بين الحياة الصوفية والتاريخ الحديث وروايتها الأخيرة ” القطائع ـ ثلاثية ابن طولون” التي تبحر فيها في التاريخ الإسلامي عبر مراجع ومصادر متعددة لتنسج وتسجل وتبدع روائيا أحوال مصر في ظل نهايات الحكم العباسي وخلال الدولة الطولونية.

كذلك ينطبق الأمر على الكاتب الروائي حسام العادلي الذي فاز بجائزة الدولة التشجيعية عن روايته ” نجع بريطانيا العظمى ” التي تعتبر عملا فريدا من نوعه في الحكي والترددات الزمنية والأسلوب وبنية الشخصيات، وهي رواية لها عمق تاريخي تحتاج إلى بحث دؤؤب وعمل شاق ومخلص.

تمنى الكثيرون وأنا منهم أن تكتمل فرحتنا بفوز أسماء أخرى قدمت منجزا إبداعيا كبيرا في الأوساط الأدبية والثقافية مثل الدكتورة فاطمة المعدول الرائدة في أدب وثقافة الطفل ، والشاعر الكبير إبراهيم داود الذي يعد علامة وحالة شعرية خاصة ومميزة وفريدة من نوعها في قصيدة النثر المصرية.. فهما أيضا من المخلصين الذين يستحقون كل حفاوة وتقدير.

اقرأ ايضا للكاتب

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» علمنة التعليم

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» شيرين أبو عاقلة .. النموذج والمثال

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» أدبيات الغدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى