أراء ومقالاتالموقع

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» شيرين أبو عاقلة .. النموذج والمثال

سيشخص ضمير العالم مبهوتا أمام هذا النموذج المثال لفترة طويلة، نموذج الصحفية المخلصة والمؤمنة بالقضية حتى آخر لحظة في حياتها، نموذج الإنسان الذي يرفض أن يركن لمعادلات معقدة ويصر على موقفه المنحاز للحقيقة وللعدل بصرف النظر عن العواقب.

استشهاد الصحفية والمراسلة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة لم يعطنا درسا في الإيمان بالقضية الفلسطينية، واستعادة حق الفلسطينين المهدور المغتصب فقط، بل يصل هذا الحدث إلى أبعد من ذلك، فلا شك أن سقوط الشهيدة في ساحة المعركة – وهي نفسها ساحة العمل بالنسبة لها – يمثل قيمة مضافة لما يجب أن يكون عليه الصحفي أو الإعلامي أو المراسل الذي يصر على نقل الحقيقة للعالم ، مهما كانت المخاطر أو المصاعب التي يمكن أن يتعرض لها، حتى لو كان ثمن ذلك حياته، إنه العمل حتى النفس الأخير، والنضال حتى الموت، ربما هي لم ترد ذلك، بالطبع لا أحد يريد أو يبحث عن الموت وهو يؤدي عمله، لا أحد يتوقع الموت وهو يؤدي واجبه أو يعبر عن قناعاته، لكن حين تطورت الأحداث وسقطت الشهيدة برصاص الاحتلال الصهيوني وهي تنقل أحداث اقتحام مخيم جنين من أرض الواقع؛ كما اعتدنا عليها دائما تنقل للعالم جرائم الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة، هذا الحدث يجب أن يكون شرارة لانتفاضة جديدة لاستعادة الحق الفلسطيني المسلوب، يجب أيضا أن يكون علامة وإشارة على قيمة التفاني والإخلاص والجدية والمثابرة في تأدية العمل، باعتباره واجبا إنسانيا بالإضافة لكونه قناعة شخصية، هذا الحدث يجعلنا نستعيد قوة الصحافة والإعلام والدور الحيوي والمقدس الذي يقوم به الصحفي لكشف الحقائق، في وقت ارتكن فيه الكثير من أهل المهنة للاستسهال واللامبالاة وأحيانا التدليس والتلفيق، فضلا عن التجاهل والتكاسل.

إذا كان استشهاد شيرين أبو عاقلة فرصة لاشعال جذوة القضية الفلسطينية من جديد، فهو فرصة أيضا لاستعادة وهج الصحافة وقوة الإعلام من خلال تمثّل هذا النموذج الفريد في الإخلاص والتفاني في العمل، في التمسك بالقضية وبقناعات لا تحيد أبدا عن الحق والمثل العليا التي يحتفي بها الضمير الإنساني عموما.

تحية لروح الشهيدة، تحية واجبة لدورها النضالي الوطني الشريف، تحية واجبة لإخلاصها وتفانيها في عملها ما يضعها بامتياز في إطار النموذج والمثال الذي يجب أن يحتذى حين نتحدث عن الصحافة وعن دورها العظيم الذي كادت أن تفقده بسبب تفريط الكثير من أهل المهنة، وتحية واجبة أيضا لكل مخلص لهذه المهنة وكل من يقف على خط النار ويتحدى كل الصعاب، ويواجه المخاطر بدأب وإصرار وشجاعة، ليقدم لنا نموذجا ومثالا لصحافة حقيقية وإعلام صادق.

اقرأ ايضا للكاتب

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» أدبيات الغدر

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» زمن الفرحة

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» اليسوس آنستي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى