أراء ومقالاتالموقع

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» اليسوس آنستي

بالحقيقية قام .. عيد قيامة مجيد، كل عام وجميع الأقباط بخير، وغني عن الذكر هنا أن ” الأقباط ” تعني المصريين مسلمين ومسيحيين، وإن كان تم اختصار الكلمة في الإشارة إلى المسيحيين فقط فهذا نتيجة خطأ شعبي انجرت إليه بعض النخب غير الواعية، ويجب أن نعتاد بشكل أو بآخر على استعادة مدلول هذا المصطلح الذي يشير إلى الشعب المصري أو إلى الأصول المصرية الضاربة في القدم، إلى الخصوصية التي يتمتع بها المصريون والتي تشكل ملامحهم وسماتهم وأبعادهم الأخلاقية والروحية والنفسية .

الشخصية المصرية تتسم بقدر كبير من الاعتدال والسماحة والود والمحبة، هي باختصار تمثل عصارة الإنسانية وقلبها النابض، لذلك فلا تجد بين المصريين الأصلاء أي ضغائن او حساسيات أو إحن، التعامل بينهم يقوم على الود وحب الخير والروح الطيبة السمحة، هكذا الامر منذ آلاف السنين وهكذا سيستمر حتى النهاية.

من هذا المنطلق ومن تحليل طبيعة الشخصية المصرية كما جاءت في أعمال علماء وباحثين وكتاب كبار مثل جمال حمدان صاحب ” شخصية مصر ” ومحمد شفيق غربال صاحب ” تكوين مصر” وميلاد حنا صاحب ” الأعمدة السبعة للشخصية المصرية” يتمتع المصري بذاكرة وجدانية تمتد لآلاف السنين، هذه الذاكرة كامنة في عمق كل فرد ينتمي لمصر، أيا كانت درجته العلمية أو مستواه التعليمي أو مهنته أو وظيفته، هذه الذاكرة التي تحتشد فيها كل صفات الشخصية المصرية مع تعاقب الأزمان من الفراعنة إلى الفرس واليونان والرومان والعرب، شكلت الهوية المصرية بابعادها المختلفة وسماتها الخاصة وروحها الأصيلة المتفردة بين العالم، شكلت طبيعة شعب عرف بالبساطة والسماحة والتعاضد .

لا يحتاج المصري إلى فتوى أو نص ديني أو غيره من الحجج ليهنيء المصري بعيده، وأتصور أن تدخل من يعتبرون أنفسهم رجال دين في هذا الأمر هو اتقاء للنبرة السواداوية المتعصبة التي يمارسها بعض الجهلة المتنطعين على الدين الذين لا يفهمون جوهر الدين بقدر ما يأخذون بشكلياته، بعض هؤلاء المتنطعين يلعبون على وتر المعرفة المحدودة لقطاع من البسطاء والمهمشين، يمارسون عليهم سلطة دينية غير مستحقة بالمرة بادعائهم امتلاك العلم ومعرفة الحقيقة، وهم في الأساس يدعون ذلك لمصلحة تخصهم أو فائدة تعود عليهم، بعضهم ” يركب التريند” ويحاول الحصول على شهرة أو مكاسب معينة من الدخول في هذا الجدل العقيم، البعض الآخر ينطلق من أرضية التشدد والتطرف الديني الذي عادة ما يكون بيئة خصبة لتفريخ الإرهابيين، في النهاية من يعرف طبيعة الشخصية المصرية وقوامها الروحي والوجداني على مر التاريخ، سيتأكد أن رؤيتها للدين رؤية بسيطة وسطية قوامها الحفاظ على المثل العليا والقيم الإنسانية الأساسية التي يتفق عليها الجميع.
تهنئة المسيحيين بالعيد لا يجب أن تدخل في خانة الحلال والحرام، في رأيي أن من ينظر إليها من هذه الزاوية يفتقد لأبسط قيم ومعايير الإنسانية، وبالطبع يفتقد للقيم والمباديء والسمات التي تشكل الروح المصرية الأصيلة، ومن المؤكد أنه ينتمي بجذوره العميقة لسلالة أخرى غير المصرية.

اقرأ ايضا للكاتب

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» عن عز الدين نجيب وثلاثية الحرية والمقاومة والبعث

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» التصوف .. الأبعاد التاريخية والممارسة الواقعية 

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» عن القناص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى