الموقعتحقيقات وتقارير

صراع الوسطية والتطرف.. كيف واجهت الصوفية محاولات سيطرة الإخوان على «دِين» المصريين؟

كتبت – نورهان أبوزيد

لطالما نسب صراع بين الصوفية والمنتمين لجماعة الإخوان، لما للأوائل من طقوس ومبادئ روحية ورحيمة من شأنها أن تخبر الجميع في العبادة وترغبهم في التقرب من الله، فكما قيل في مسلسل جزيرة غمام تعبيرا عن الصوفية “المحبة تخلي اللي يحب مش عايز يخالف حبيبه”.

على عكس ذلك يلجأ أفراد جماعة الإخوان لفرض شكواهم عن طريق ترهيب من حولهم وابتداع مسائل محرمة لا أساس لها من الصحة ليثبت كل منهم وجهة نظره، لذا فمنذ نشأة جماعة الإخوان وهناك خلاف بين أعضاءها وبين المتصوفين وطقوسهم.

قال الباحث في الشؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق إن: “التصوف هو أحد الأدوات الهامة في القضاء على موجات العنف والتطرف وأنه يميل الى الجانب الروحي ومفردات التصوف كما أنه يميل إلى الجانب الوطني ويدعو إلى المحبة والتسامح”.

وتابع “كما في نفس الوقت لم يتأثر التصوف إلى المرجعية الوهابية لأن المرجعية الوهابية تعتبر المنهج الفكري الأول من حسن البنا وسيد قطب لأن البنا في بدايته كان متأثرا برشيد رمضان صاحب المدرسة التي تعد أحد ظهور التطرف والتشدد الديني نتيجة شطحات محمد بن عبد الوهاب والذي سار على نهجه الكثير من يدعوا الانتساب إلى الإسلام أو السلفية”.

وتابع في حديثه لـ”الموقع“: لذلك نقول إن التصوف ربما يكون الأداة الأولى في المواجهة الفكرية الخاصة في قضية مكافحة الإرهاب لأن التصوف لديه المفاهيم المعتدلة التي لا تميل إلى توظيف العنف أو استخدامه وليس به التشدد الديني كما يحدث في الجماعات الأخرى.

نرشح لك: لا تقام للمرأة ويشترط حضور شيخ الطريقة.. أسرار عن «حضرة الوداع» في الصوفية للشفاعة للموتى

وأضاف فاروق أن جماعة الإخوان بداية المشرب لديهم كان “حسن البنا” الذي كان يتبع الصوفية في بدايته وكان قد اعترض على فكرة تأسيس جماعة الاخوان وتأثر فيما بعد بالتيار الوهابي على يد “رشيد رضا” وهو في مسألة الانتماء إلى الصوفية بدأ يميل إلى تأسيس الجماعة وتوظيف دولة الخلافة التي اعتبرها ركن من أركان الإسلام فكرة إقامة دولة الخلافة ولكن شيخه اعترض على ذلك الأمر ودعا عليه 3 دعوات.

كما أن حسن البنا تم طرده من الصوفية، لم يتركها كما يدعي الإخوان حيث كان يرغب فى البقاء في الصوفية لهدف أنه كان يرغب في استمالة عناصر التصوف وبرغم ذلك كان حسن البنا ضد بعض المفاهيم والمشارب الصوفية إلا أنه كان يبرز انتمائه للتصوف من خلال كتابه ” مذكرات الدعوة” وكان يحاول يوظف بعض الأمور ليجذب جميع الطوائف تجاهه وإلى جماعته وأخذ حسن البنا.

لكن فيما بعد قرر أنه لا يجوز انتماء أبناء جماعة الإخوان إلى الطرق الصوفية وتعد تلك بداية إظهار نوع العداء الذي كان موجود ويروا أن التصوف يمثل القوة الروحية الضخمة التي ستقضي على مشروع جماعة الإخوان لأنه هناك اختلاف واضح وكبير جدا بين حسن البنا وجماعته وبين التصوف وأهله.

نرشح لك: الحضرة المفترى عليها من السلف.. ماهي وكيف بدأت في مصر؟

تابع فاروق: البنا حول الإسلام إلى المؤسسة التي لا يستطيع أحد الدخول لها إلا اذا كان منتميا إليها بينما أهل التصوف يكثروا من الذكر والصلاة وتنقيط الجانب الروحي و الجانب السلوكي فكل تلك الأمور لا تتفكك مع حسن البنا الذي كان يركز على الجانب السياسي أكثر فى تعامله في أمور الدولة و الكثير من المنطلقات الدينية وأيضا السلوكيات العامة.

ومعظم قادة الإخوان ومرجعيتهم الفكرية تعاملوا مع سيرة النبي وكأنها خطط عسكرية من المنهج الحركي للسيرة النبوية لكنهم بدأوا ينظروا لتلك الأمور من جوانب حركية عسكرية وذلك كان واضح في الناتج الفكري لجماعة الإخوان عكس التصوف تماما فالمدرسة الصوفية المتشرعة الآن هى اتخذت عدد كبير جدا من أنصار تيارات الإسلام السياسي.

وذلك لأن مدرسة الدكتور علي جمعه حاليا والتي تضم الكثير مثل الدكتور يوسف الجبر، والشيخ جابر البغدادي، الشيخ محمد عوض المنقوش، والدكتور عمرو الورداني ودكتور محمد مهنا كل تلك المشارب الصوفية تدور في إطار الصوفية المتشرعة القائمة على أصول الشرع بعيدا عن الشطحات الباطنية أو الأمور الباطنية، فهذه مدرسة سحبت العديد من أبناء تيار الإسلامى السياسي، ومنهجها يختلف كليا عن منهج الإخوان السياسي بشكل عام.

وأردف: منهج سيد قطب وحسن البنا رافضا فكرة التوسل للأولياء و التقرب إلى آل البيت أنفسهم، وذلك عكس منهج آل التصوف الذين يتقربوا إلى أهل البيت والتوسل بالنسبة لهم جزء مهم جدا على اعتبار أنه مناقب الصالحين وهناك الكثير من الكتب التي تطرقت لهذه الأمور مثل كتاب ” مفاهيم يجب أن تصحح” للشيخ محمد علي المالكي، وتكلم على مسألة الجواز بالتوسل إلى الله عبر الصالحين والتقرب إلى آل البيت وأن التقرب ومحبة آل البيت جزء أساسي من العقيدة على عكس السلفيين والوهابية فهنا في أمور كثيرة متعلقة ما بين جزء عقائدي وجزء فقهي وجزء مذهبي مختلف ما بين الطرفين.

كما أن التصوف لديه القدرة الروحية على تغير المشهد، وتابع “وأنا اعتبر إن فتح الباب أمام مدرسة الصوفية المتشرعة سيقضي تماما على شطحات الوهابية والتيارات السلافية وجماعات الإخوان ومشروعهم بما له من قوة روحية إيجابية متسامحة تحافظ على روح الدولة الوطنية والتسامح ما بين الآخرين ولم نرى من قبل أحد من أهل التصوف دعا إلى توظيف العنف أو استخدامه أو كان بين أجندته فكرة الوصول إلى السلطة”.

كما نوه إلى أن التصوف هو المشرب الوحيد الذي لديه القدرة على تفنيد مزاعم هذه الجماعات والإيمان بعكسها تماما، مما أن التصوف قائم على فكرة التسامح وذلك واضحا لانزعاج جماعة الإخوان من ذلك الأمر لأن إبراز ذلك التيار على السطح يجذب الكثير من الأجيال الجديدة، وجماعة الاخوان تلعب على استغلالها وتوظيفها من الصعب أن يكن في المدرسة الصوفية الانتقال إلى المدرسة الوهابية، ولكن العكس ممكن أن يحدث لأن الذي رأى روح التصوف وتأثر به صعب عليه أن يميل للتيار السلفي لأن التيار السلفي يكفر أهل التصوف ويعتبرهم خارج الملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى