أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» سيمفونية «الصف الابتدائي»!

خطفت أغنية “رق الحبيب” قلب الموسيقار الفذ محمد القصبجي وطقت باب مشاعره المكتومة تجاه كوكب الشرق أم كلثوم، فحبس نفسه مع عوده داخل غرفة منزل “أسرة فؤاده”، وعكف على تلحين كلماتها الرائعة إمضاء “العاشق الآخر” أحمد رامي .. واستغرقت تجربته الفريدة ٦ ساعات فقط انتهى خلالها من ختم اسمه بواحد من أعظم الألحان في تاريخ الغناء والطرب الخالد.

ومثلما فعل “القصبجي” الأسطورة، أراد وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي أن يضع تلاميذ المرحلة الابتدائية على مستوى الجمهورية مع أولياء أمورهم داخل “قفص” البيت على مائدة المذاكرة وتحصيل عشرات الدروس في زمن قياسي ..

ثمانية أشهر مابين الترمين الأول والثانى .. واعتقد معالى الوزير أن المنظومة التعليمية الهشة منذ أجيال قادرة على محو آثار الماضى بـ “أستيكة” الشيتات المُجهَزة والبوكليت المبهر وسيول التقييمات الشهرية، وانتهاء بالامتحانات النهائية وأسئلتها موديل “٢٠٢١” .. ولاأظن أن الوزارة تناست أو تجاهلت أوضاع المعلمين المؤسفة ومستوياتهم المؤلمة فى ممارسة أرفع وأنبل مهنة لتربية النشء .. أو أنها تغاضت عن نمط التلقين الذى غرسته الإدارات التعليمية المتهالكة .. ولكن الرؤية الجديدة تعجلت النتائج وخططت لقطف الثمار مبكرا قبل موعدها وأصول رعاية بذورها، ليبدو الحصاد غير مكتمل النمو والنضوج!.

وتجسدت هذه الثمار الفاسدة فيما نشره الكاتب الصحفى الشريف محمد السيد صالح فى مقاله الأسبوعى الأخير بجريدة “المصرى اليوم” حول التقرير الشامل لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى عن أداء الطلبة والمعلمين ومديرى المدارس والمعاهد الأزهرية مع منهجى اللغة العربية والرياضيات للصف الرابع الابتدائى بعد تطوير المناهج.. والتقرير الصادم ظل مختبئا داخل “جحور” الوزارة وحبيسا لأدراجها رأفة بالتجربة، وتجنبا للسخرية وفتح باب المحاسبة والمساءلة .. وإذا رغب القارئ فى معرفة تفاصيل التقرير، أنصحه بقراءة مقال كاتبنا الشجاع وتأمل الأرقام والإحصائيات ليدرك حجم “المأساة” الناجمة عن التسرع فى اتخاذ القرار، وعدم التأنى فى دراسته وتنفيذه بشكل تدريجى ووفقا لجدول زمنى دقيق ومرسوم بالمسطرة!.

وللأسف، يدفع أبناؤنا مع آبائهم وأمهاتهم الثمن باهظا من أموالهم وأعصابهم .. بل ويفقدون الثقة مستقبلا فى مفعول وتأثير هذه السياسة التعليمية “المقامرة” .. فالأرقام المذكورة فى التقرير “المستتر” مُفزعة ومرفوضة باعتبارها مقياسا ظالما ويفتقر إلى الموضوعية عند الحكم على أداء الطالب أو مستوى معلمه .. أو حتى ثقافة وقدرات أهله .. وقد يكون التقرير فرصة لتصويب الخطأ وترشيد حماس معالى الوزير فى تطبيق نظريته الحديثة لإصلاح التعليم فى مصر .. وقبل بداية العام الجديد، يمكن وضع هذا التقرير الشامل على مكتب الدكتور شوقى وكتائب خبرائه ومستشاريه لتفنيد حقائقه وبحث ألغامه بأمانة وهدوء لكيلا تنفجر شظاياها داخل كل بيت ومدرسة وتقضى على ما تبقى من “ذكاء” الأبناء و”صبر” الآباء!.

إن فلسفة التعليم تختلف عن منطق الإبداع على طريقة القصبجى فى تجربة “رق الحبيب” .. فبناء الإنسان لايتحقق فى ٦ ساعات أو ٦ أيام أو ٦ شهور وسنوات .. والرهان على إنجاز الفكرة فى عام دراسى واحد خاسر بكل معايير الحكمة ورجاحة العقل، وقد تسمح مساحة الموهبة الفنية بخلق “أغنية خالدة” فى زمن قصير مع أيضاً قدر كبير من الجهد والعرق والتركيز .. أما سيمفونية “المرحلة الابتدائية” فتحتاج إلى بروفات متقنة وأوركسترا متناغم .. ومايسترو محترف!.

اقرأ ايضا للكاتب : 

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» عار «المسنين» !

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» مشروع «مو» القومي!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» اذكروا محاسن موتاكم .. أو اصمتوا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى