الموقعتحقيقات وتقارير

رحلة حرام.. بيزنس الزنا من كرخانات الباب العالي إلى ماخور عباس

حكايات «بنات الهوى» .. «بدأت في بيوت الخواطي وأصبحت على الإنترنت»

-زمان كانت الدعارة بـ«رخصة».. والعايقة والمقطورة لولاد الذوات

كتب – عدي الريان

على الرغم من تواجدها منذ بداية الخليقة، إلا أن تجارة «الرقيق الأبيض» أو ممارسة الجنس مع مرور الوقت كانت تتطور وتأخذ أشكالًا مختلفة ومتعددة من الممارسة الحلال والحرام وبكافة الطرق والوسائل، واختلفت مظاهر العمل في إطار «البغاء»، واختلفت الـ»كرخانات» بين الآن وأيام زمان، و«بدأت ممارستها في بيوت الخواطي وأصبحت على الإنترنت» حتى باتت متعة تباع وتشترى بالمال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

»عايقة» و»مقطورة»، هكذا كنا ينقسمن زمان »البغايا» إلى هذين القسمين، فالعايقة تكون القوادة، التي تستقطب النسوة وتقديمهن إلى الرجال، أما المقطورة فهي التي تمارس النشاط. وأمام اسم كل من بنات الهوى كان يكتب سنها وسكنها ورقم رخصتها وتاريخ الكشف الطبي عليها وغيرها.

ومن أجل أعمال تجارة «الرقيق الأبيض» كان هناك نص مادة قانونية، وجاء نصها: أنه بناء على إلتماس العاهرة المذكورة أعلاه فتح محل للعاهرات باسمها وعلى مقتضي المادة «16» من لايحة النسوة العاهرات الصادر عليها قرار نظارة الداخلية «وزارة الداخلية» وقتها، وتصديق مجلس النظار المؤرخة في يونية 1885 القاضية بأن كل من يرغب من الأوربيين أو من أبناء العرب فتح محل للعاهرات يجب عليه أخذ رخصة بذلك من الإدارة المحلية».

وفي عهد العثمانيين الأتراك سُميت بيوت الدعارة بالـ«كرخانات»، فتلك الكلمة ترجع معناها عند الأتراك بـ«كرى» ومعناها النوم و«خانة» معناها محل، وسجل أول تنظيم للبغايا في مقر «الصولباشي» أو رئيس الشرطة، والذي يكون تحت إمارته 40 شرطيا يطلق عليهم بـ«جاويشية باب اللوق» وكان عملهم حصر ومراقبة البغايا.

وخصصت السلطات الفرنسية في أعقاب الحملة الفرنسية (1798 – 1801) بعض المساكن في منطقة «غيط النوبي» كمنازل لبيوت الدعارة والمغنيين للترفيه عن عساكر الجيش، بمقابل مادي.

في عام 1834، لم يختلف الوضع كثيرا، وخوفا من تفشي الأمراض بين عساكر الجيش المصري، أصدر محمد علي باشا، قرارًا بابعاد جميع منازل الغواني من القاهرة إلى أقاصي الصعيد في إسنا وأسوان.

خلال فترة حكم والي مصر عباس الأول في أواسط القرن 19، عادت مرة أخرى، بعدما قرر بعودة بيوت الغواني من جديد إلى الإسكندرية والقاهرة، وسميت بعد ذلك بـ«ماخور»، حتى صدرت لائحة في عام 1855 لتنظيم العمل للبغاء، وسميت لائحة مكتب التفتيش على «النسوة العاهرات»، للسيطرة على الضرائب التي يتم تحصيلها منهم، فكانت اللائحة تنص على أن تلزم كل سيدة بتجديد الترخيص مرتين سنويا.

في عهد الخديو إسماعيل، عام 1880 توسعت القاهرة عن مساحتها في عهد محمد علي باشا، فحرص الخديوي على إضافة أحياء جديدة على النمط الأوروبي وخاصة الفرنسي، وبنية تحتية وشبكة طرق وإنارة ومياه شرب غيرت المشهد في القاهرة تمامًا، مما دفع عدد كبير من الأوروبيين للسكن والإقامة فيها، بحثا عن معيشة أفضل في مصر.

بعد قدوم الأجانب إلى القاهرة، زادت «بيوت الخواطي»، وتواجدت في كل مكان، حتى تضرر منها المجتمع وقتها، نظرا لاختلاف العادات، فصدر قانون الضبطية في عام 1880، والذي بدوره يحدد أماكن بعينها، وأصبح «حي الأزبكية وباب الشعرية، كلوت بك» تلك المناطق لمواصفات محددة لممارسة «الدعارة» بها فقط، ومن أرخص الأماكن من حيث السعر ، كانت منطقة عرب المحمدي والعزبة السودانية.

وفي أول مشاركة سياسية للإخوان بمصر، في فبراير عام 1942م، حيث ترشح المرشد العام حسن البنا عن دائرة الإسماعيلية لمجلس النواب المصري، فيما ضغط الاحتلال الإنجليزي على حكومة «النحاس باشا» الوفدية لتقنعه بالتخلي عن الترشح، ففاوض النحاس باشا البنا حتى يتنازل عن ترشحه وإلا حُلت الجماعة، فوافق البنا على الانسحاب بشروط قبلتها الحكومة، كان من بينها إلغاء البغاء وغلق بيوت الدعارة وجعلها عملًا مجرمًا، مع تحريم الخمر في المناسبات الدينية.

نرشح لك : ثقافة الرشوة.. هل انتهت عادة الدرج المفتوح في المصالح الحكومية ؟

وفي ثوب جديد تحولت أماكن الدعارة داخل «أو تياترات وكازينوهات» بشارع عماد الدين، وكان أغلبهم من الفنانين والراقصات، ومن أكثر رواد تلك الأماكن من الأجانب وبعض الطبقات الراقية، كونها طبقات مثالية لممارسة الدعارة، والحصول على عائد مادي كبير.

وللحد من الدعارة عام 1949، صدر قانون مشروع والذي أقره البرلمان عام 1951 القانون النهائي للآداب العامة، حيث يعد من القوانين القائمة حتى الآن، والذي يجرم الدعارة ويعاقب القائم بها بالسجن المشدد.

وأصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعد ثورة 1952 قرارًا بإلغاء الدعارة في سوريا ضمن حكومة الوحدة عام 1958، لتنطوي بالكامل صفحة الدعارة المقننة في مصر وسوريا، وتبدأ صفحة جديدة من الدعارة من خلال فضاء يستحيل السيطرة عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى