أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع»: الحوارات الوطنية وفلسفة المردودات

وربما القبول العام والرؤية التوافقية حول هذا الحوار.. منذ وأن أعلن عنه الرئيس السيسي وخلال إفطار الأسرة المصرية العام الماضى.. جعل الأمر أشبه بإعداد خُطة وطنية أو إستراتيجية موسعة تستهدف بالأساس النهوض بهذا الوطن.. وبغض النظر عن أية قناعات أو أهداف أخرى.. وتحت عنوان “الحوار الوطنى.. معطيات ومحددات” أبرزت كاتبة هذه السطور وخلال مقالة سابقة مجموعة من التساؤلات يمكن التعويل عليها كمرتكزات للحوار الوطنى جاء أهمها على الإطلاق.. آليات إجراء الحوار.. أهداف هذا الحوار.. الجهات والمؤسسات المعنية بإستراتيجياته .. معايير نجاحه.. والأهم الأطراف المشاركة ومدى تمتعها بالقبول لهذه العملية السياسية الجديدة أى الحوار.

ومن ثم فإن الوقوف على هذه المرتكزات والإلمام بها من شأنه صياغة المعادلة الحوارية وبكافة بنودها، ولعل المشهد الافتتاحى والذى طولعنا به الأربعاء الماضى، وضم تشكيلة من مختلف التوجهات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والثقافية وغيرها من معظم الأطياف والفئات المصرية، تمكن من ترسيخ التصور المبدئى تجاه العملية الوطنية ومجرياتها، أيضا الإلمام التام بالجهات المشاركة، وإن مثلت تركيبة فريدة اجتمعت على حالة كاملة من التوافق مفاداها إتمام هذه المهمة الوطنية فى ضوء الإمكانات المتاحة والتحديات المعرقِلة.

وبالتعاطى الجيد مع كلمة الرئيس السيسي، سلط الضوء على المعايير الحقيقية لتقييم هذه النوعية من الحوارات، من خلال التركيز على المقومات المصرية سواء التى تعلقت بالقدرات والإمكانات من جانب أو حجم التحديات من جانب آخر، مع وضع الأطر لهذه الحوارات وأهمها أن تكون شاملة وفعالة، وأن تأتى بالنتائج المرجوة.

غير أن ما صدر عن مجلس أمناء الحوار الوطنى، من لوائح تضمنت التنظيم الإجرائى لعمل اللجان وسير جلساتها، أيضا ما تعلق بالمهام وصياغة التوصيات والمخرجات، والأهم مدونة السلوك والأخلاقيات، عُد فى مقدمة آليات البدء فى هذا الحوار بمحاوره الرئيسية السياسية والاقتصادية وأيضا المجتمعية.

وربما المردودات لهذه الحوارات قد تبرز فى المادة الأخيرة، والتى من المقرر أن يتم بموجبها رفع التقارير النهائية إلى السيد رئيس الجمهورية وما تحويه من مخرجات وتوصيات بما فيه القضايا النقاشية والخلافية، عقب حالة من الحراك الوطنى قد تستمر لشهور، لا بد وأن تتخللها الشفافية التامة مع إلمام الرأى العام أولا بأول بكافة المقترحات، والأهم توضيح الإخفاقات وأسباب التعثر حال تواجدها.

وتتضح الفلسفة الحقيقية لهذه المردودات، على نحو جلى بخصوص ما تم إقراره وتشريعه، ومن ثم تنفيذه عبر السلطتين التنفيذية والتشريعية، سيما مايخص الموضوعات والتى حددتها أكثر من 19 لجنة، وقسمت إلى المحاور الثلاثة المتعارف عليها سياسية واقتصادية ومجتمعية:

المحور السياسي

وطبقا لمفرداته والمتعلقة بلجان مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابى والنظم الانتخابية وغيرها، يقتضى المعالجة التشريعية الدقيقة للقوانين النيابية ونظم الإشراف القضائى، ذلك فى ظل حساسية هذه النوعية من القوانين وخصوصيتها، أيضا قوانين المجالس المحلية بتعقيداته وتراكماته، والإدارات المحلية واتجاهاتها نحو المركزية.

والأهم مراجعة أوضاع الأحزاب وهيكلتها الداخلية وبما يضمن تحجيم سيولتها وتنظيم تواجدها، أما لجان العمل الأهلى وحقوق الإنسان فربما مثلت حجر الزاوية بالمحور السياسي فى ظل حتمية التوصل إلى مقترحات تشريعية جادة فى هذه الأصداء وبما يتفق مع الرؤية المصرية والنهج المصرى الأخير .

المحور الاقتصادى

فى ظل الظروف الراهنة والتى تمر بها البلاد، ومع السياسات الاقتصادية المتبعة والمتلاحقة، يأتى المحور الاقتصادى ليمثل عصب الحوار الوطنى، خصوصا فى ضوء اللجان والتى جرى تنسيقها بدقة وعناية، عقب تحديد الإشكاليات الاقتصادية المعاصرة، وأبرزها لجنة التضخم وغلاء الأسعار والمعنية بتحديد الأسباب مع الوقوف على التداعيات، والأكثر فعالية هنا هو بحث الإجراءات السريعة لمعالجة هذه النوعية من الظواهر.

وذلك حتى مع عدة من السياسات المصرفية والنقدية المتبعة من قبل الأجهزة المصرفية وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف، إلى جانب اللجان المعنية بمعظم المؤشرات الاقتصادية المؤثرة سواء المتعلقة بالدين العام وعجز الموازنة، أو معدلات النمو وهياكل الإصلاح الضريبى، وتشجيع الاستثمارات وتحفيز الصناعة وبحث مشكلاتها وجميعها تتطلبها المرحلة.

المحور المجتمعى

وهنا تطرق مجلس أمناء الحوار الوطنى إلى محور استثنائى، أبرز بجد الرؤية الثاقبة، وبالرغم من الحاجة الملحة للمحوريين السابقين إن كان السياسي أو الاقتصادى، إلا أن المحور المجتمعى يظل دائما الفيصل إذا ماتناولنا فكرة الوطن وكيفية النهوض بها، وهنا تم تسليط الضوء على منظومتى التعليم والصحة.

وذلك مع التركيز على البحث العلمى وقضايا الفكر والثقافة، وجميعها يلزمها القوانين المحفزة والمخصصات اللازمة، من أجل مواجهة إخفاقاتها وتنميتها، ليأتى عنصر الشباب ضمن أبرز لجان المحور المجتمعى، وهو مايقتضى ضرورة بحث كيفية تطوير هولاء وإعدادهم الإعداد الجيد، بما يضمن استغلالهم الاستغلال الأمثل.

وعليه فإن بلوغ مرحلة تشريع وتنفيذ هذه المقترحات، ومن ثم الأخذ بها بما ينعكس على الوطن وأبنائه، يضمن عن جد النجاح الفعلي لهذه العملية الوطنية، وربما يرسخ الآلية المصرية الجديدة فى التعامل مع أية إشكاليات قادمة.

اقرأ ايضا للكاتبة:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى