أراء ومقالاتالموقع

مختار محمود يكتب لـ”الموقع” يا خالدُ .. حطَّمْ أصنامَكَ أولاً

يا “خالدُ”.. أعرضْ عن هذا أو لاتُعرضْ، واستغفرْ لذنبك أو لا تستغفرْ. يا “خالدُ”.. اطرحْ فأسَكَ، فأنتَ لستَ “إبراهيمَ”، والإسلامُ ليسَ أصناماً، حاشا لله. يا “خالدُ”.. التزمْ الأدبَ عندما تتحدثُ عن الدين الخاتم ولا تخُضْ مع الخائضينَ .

يا “خالدُ”.. أنتَ لسْتَ نبيَّاً مُرسلاً، ولا مُصلحاً أو مُخلِّصاً ولا مُنقذاً، ولا فيلسوفاً نابِهاً، ولا مُفكراً مُبدعاً. “يا “خالدُ”.. أنتَ مثلُ غيرك من الذين يستبدلونَ الذى هو أدنى بالذى هو خيرٌ، أو بالأحرى.. كالذى بالَ فى بئر “زمزمَ”؛ ليعرفَه الناسُ، وتتحاكى بأمرِهِ القبائلُ.
فى مُقدمةِ كتابهِ الجديد المُعنَون بـ “هذه أصنامُكم وهذا فأسى.. لماذا يُخاصمُ المُسلمون الحداثة؟”.. يُشبِّهُ “خالد منتصر” نفسَه بالنبىِّ “إبراهيم”، عليه السلامُ، الذى خرج على قومه بفأسه مُحطِّماً أصنامَهم التى ورثوا عبادتها عن أبائهم الأولينَ.
هكذا..تتعاظمُ ذاتُ “خالد منتصر” حدَّ التورُّم، فيُشبِّه نفسه بـ”أبى الأنبياء”، والمسلمينَ بـ”الكفار”، ومعتقداتِهم بـ”الأصنام”، ويزعمُ أنَّ الأقدارَ ابتعثته حاملاً فأسَه؛ ليُحطمَ تلكَ الأصنامَ، المتمثلة فى الإسلامِ.. الإسلامِ فقط، وليسَ ديناً سماويَّاً أو أرضيَّاً آخر، الأزمةُ كلُّها تكمنُ وتتركزُ فى الإسلام، ولا شئَ غيرُه.. “وما يجْحَدُ بآياتنِا إلا كلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ”!!
يبنى “خالدٌ” كتابَه على حِزمة من الأكاذيب والمزاعم الواهنة والافتراضات الواهية، والأفكار البائسة، من بينها: خصومةُ الإسلام مع الحضارة، وأنَّ الدينَ ليسَ مصدراً للأخلاق، وطقوسَه ليست مُقدَّسة، وقابلة للتغيير والتحوُّل..”قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ”.
“شيخُ التنويريين”، كما يصفُه السفهاءُ والجهلاءُ، أو”أيقونة المُفكرينَ”،مثلما تنعتُهُ الفناناتُ والراقصاتُ، لا يرى أصناماً تستحقُّ التحطيمَ بفأسِه إلا فى الإسلام، عقائدَ وشرائعَ وشعائرَ وتراثاً وعلماءَ، ومِنْ ثَمَّ.. فقد آلَ على نفسه الأمَّارةِ بالسوءِ تحطيمَ تلكَ الأصنام الافتراضية، على غرار ما فعل خليلُ الله، عليه السلام، مع أصنامِ قومهِ الحقيقية، التى كانوا يعبدونها من دون اللهِ، تعالى اللهُ عما يصفونَ.
الغريبُ.. أنَّ “خالداً” كان فى صدارة المؤيدينَ لـ “فاطمة ناعوت”، قبلَ أربعة أعوام، عندما أنكرتْ “نُبوَّةَ إبراهيمَ”، وسخرتْ من “شعيرة الأضحية”، وتصدى للدفاع عنها؛ مُسترشداً بقراءاتٍ وأفكارٍ غربيةٍ وإلحاديةٍ، تنكرُ وجودَ شخصية النبىِّ “إبراهيمَ” من الأساس، فى مُفارقةٍ غريبةٍ ومثيرةٍ للبؤس، لا يفعلُها إلا إياهُ، فإذا كنتَ يا “كبيرَ التنويريين” كذوباً، فكنْ ذَكوراً.
كما أنكَ يا “خالدُ” أبعدُ الناس شأناً عن المُفكرينَ، كبيرِهم وصغيرِهم؛ لأنكَ لم تأتِ بما لم يأتِ به الأوائلُ، ولكنك تقتاتُ كالمساكينَ، على ما أنتجه الأولونَ من كُتبِ وأفكارٍ، فتنقلُ عنهمْ نقلاً ليسَ أميناً، وتُحرِّفُ الكلمَ عن مواضعه، كما أنَّ نرجسيتك المُتضخمة تمنعكَ من أنْ تنسبَ الأفكارَ إلى أصحابِها، والاجتهاداتِ إلى مُجتهديها، وهذا فى عُرف الباحثين الجادِّينَ والمُعتبرينَ، وأنتَ لستَ منهم بطبيعة الحال، سرقةٌ وغشٌ وتدليسٌ، وهذا غنىٌّ عن البيان والتبيان.
تتجلَّى عدمُ أمانتِك يا “خالدُ” أيضاً، فى أنك تنقلُ أفكاراً تخلَّى أصحابُها عنها قبلَ وفاتهم، وأنكروها، وتبرأوا منها، وتابوا إلى الله مَتاباً، مثل: الدكتور “طه حسين” والدكتور “زكى نحيب محمود”، ودعْ القوسَ مفتوحاً، ثم تسوقُها لأقرانك وندمائك، ومَن تروقُ لهم بضاعتُك المسروقة، وكأنها أفكارُك أنتَ، وأنتَ –هنا- يا “خالدُ” لا تخونُ مَن تسرقُهم، أحياءً كانوا أو أمواتاً فحسبْ، ولكنكَ تخدعُ قراءَك ومُريديك وقارئاتك ومُريداتك، فهل يُرضيكَ يا “خالدُ” أنْ نقولَ لهم: إنَّ شيخَكم الذى أُرسلَ إليكم، بالنصِّ والدليلِ والبُرهانِ، ماكرٌ ومُخادِعٌ ويبيعُ لكم الوهمَ والضلالَ؟!
أمَا وإنَّكَ يا “خالدُ” لم تحققْ الشُّهرةَ المطلوبةَ فى معامل التحاليل الطبية، باعتبارها تخصُّصَكَ الأصيلَ، وتصرُّ على حملِ فأسِكَ؛ لتُحطِّمَ بها الأصنامَ، فَلتُوِلِّ فأسَك شطرَ أصنامِكَ أنتَ، التى تحتفى بها، وتُسبِّحُ بحمدها، آناءَ الليل وأطرافَ النهار. أصنامُك يا “خالدُ”، وما أكثرَها وأغزرَها هى الأوْلى بالتحطيم بالتكسير، والأجدرُ بالتلاشى والاختفاء. كُنْ شُجاعاً يا “خالدُ”، وارفعْ فأسك، وحطِّمْ بها أصنامَك التى تسكنُ جوانحَك وضميرَك وعقلَك، والتى تطوفُ حولها، و تستلهم منها كتاباتك المدفوعة مُقدماً، و تكتبُ من أجل استرضائها، واجعلها جُذاذاً، كبيرها وصغيرها. كُن شجاعاً يا “خالدُ”، وتراجعْ عن أفكارِك الشيطانية، وتنصَّلْ من كتاباتك المسروقة، قبل فوات الأوان، واعتذرْ عن تجاوزاتك وألفاظك الخارجة التى لا تصدرُ عن كاتبٍ أو مُثقفٍ أو مُفكرٍ من الدرجة العاشرة، بحقِّ من تجاوزتَ وتتجاوزُ فى حقِّهم؛ لأنهم لم يُجاروك فى ضلالك القديم وجنوحِك عن الصراط المستقيم وصغائرك التى لا تنفدُ، ولم يُصفِّقوا لك، ولم ينتظموا فى مواكب المتنطعين ممَنَ بايعوك شيخَاً لهم.. “وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ”.
ألا تخجلُ من نفسِكَ يا “خالدُ”، عندما تتهلَّلُ فرحاً؛ لأنَّ “فلانة” خلعتْ الحجابَ، أو مهووساً أنكر فرضيته، أو تحرَّشَ بثوابت الإسلام، أو تطاولَ على أحد علمائه المُتقدمين أو المتأخرينَ، وتعتبرُ ذلك نصراً مبيناً؟ ألا تخجلُ من نفسك عندما تدافعُ عن فوضى أخلاقية، وانحرافاتٍ سلوكيةٍ، وتحاربُ من أجل أن تسودَ وتتمكنَ فى بلاد المُسلمينَ؟ أهذه قضيتك، وتلك رسالتُك؟ ألم يتناهَ إلى علمك يوماً إنذارُ الله لأمثالك يا “خالدُ”: “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ”؟
هل نذرَتَ نفسَك يا “خالدُ”، من أجلِ أنْ تتعرَّى النساءُ، وينحرفَ الرجالُ، وتخلوَ المساجدُ من روادها، ويتخلى الخاصة والعوام عن صحيح دينهم، ويُهانَ علماءُ الدين، ويُهالَ عليهم التراب، وتُحرَقَ كتبُهم، وتُخلَّدَ كتبُك وكتبُ أصنامك، باعتبارها طاقات النور التى تبددُ ظلامَ الإسلام وتقضىَ على تخلف المُسلمين؟
يا “خالدُ”، لا تفرحْ بمن يحيطونك فى حفلات التوقيع، فالذباب لا يتهافتُ إلا على أكوام القمامة، ولا تغتر بأشياعك الذين ينطبقُ عليهم قولُ الله تعالى: “الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ”. يا “خالدُ”.. لا تأخذْك العِزَّةُ بالإثم، ولا تغترَّ بسماسرة الطعن في الإسلام، وقطعان التضليل، وأبالسة التطبيل، والذباب الألكترونى، ممن يؤازونك ويصفقون لك.
يا “خالدُ”..أحاديثُ الإفك صارتْ تملأ الأرضَ والفضاءَ، وغدتْ بضاعة رائجة تُدرُّ على أصحابها مالاً كثيراً، وتمنحُهم تمكيناً كبيراً فى الدنيا، وأنتَ فى الصدارة من هؤلاء، أما فى الآخرة، فإنَّ اللهَ بشَّرَهم بقوله تعالى: “وَيْلٌ لكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ”.
يا “خالدُ”..اطرح فأسك جانباً، واطوِ صفحاتك التى لا تكتبها، واكسرْ أقلامَك التى لا تستخدمُها، وجفِّفْ حبرَك الذى لا تحتاجُه، واحفظْ لسانك من السخائم والسخائف، فهذا ليس ابتداءً من شِيَم العلماء والمفكرين الذين تنسبُ نفسك إليهم زوراً وتزويراً، فإذا كان فى فمك لسانٌ زالفٌ، فللناس ألسُنٌ، واعكفْ على أصنامِك، ودعْ أصنامَ غيرك فى حالها، لا شأنَ لك بها، فلا أنتَ المنقذ من الضلال، ولا المهدى المنتظر. المصلحون الحقيقيون يا “خالد” لا يساومون، ولا يراوغون، ولا يخادعون، ولا يمكرون، ولا يسترزقون من نضالهم، ولا يقتاتون على موائد غيرهم، ولا يرتضون فى أنفسهم الدنيَّة، ولا يعقدون الصفقاتِ المشبوهة، ولا ينطبقُ عليه الوصفُ القرآنىُّ الخالدُ يا “خالدُ”: “وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْت، لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى