أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: وعن شد «فيشة» التلفزيون وأخواتها قبل النوم.. هروب أم تسكين وزيرة البيئة لأزمة المناخ؟

ليسَ لدى الدولة المِصرية وقت في أنْ تَخسرَ في أزمة التغيّرات المناخية أكثر من الوقت الحالي الذي تَعيشه من أزمة انقطاع الكهرباء، والتي ترتب عليها توقف لبعض الأعمال والأنشطة..

فكلّما زادَ حديث المسئولين بوزارة البيئة عن أزمة التغيّرات المناخية كلّما زاد الموضوع تعقيدًا لأن الحديث يأتي بدون رُؤية واضحة تَسيرُ عليها الوزارة..

والدليل على ذلك مداخلة وزيرة البيئة ياسمين فؤاد، لبرنامج «يحدث في مصر»، عندما بدأت حديثها باستئذان من الإعلامي شريف عامر، بألا يُقاطعها، إذ جاء نص مداخلتها كالآتي: «اللي بيحدث في العالم كله هو كانت حاجة مُتعارف عليها إن هيحدث كدا في تغير المناخ.. ودي اسمها الظروف الجوية الجانحة.. تبقى متوقع ارتفاع في درجات الحرارة فيحدث جفاف.. تبقى متوقع أمطار فيأتي سيول».

وعندَّما يسمع المواطن العادي حديثها يُبادر في ذهنه أنَّ الوزيرة ستصُرح بمعلومات حولَ رؤية وخُطة الوزارة في التعامل مع أزمة التَغيرات المناخية إلا أنَّ حديثها كان كلاما مُرسلاً لا يَتضمن معلومة جديدة وخلافه، حيث استأذنت المذيع بألا يُقاطعها في هذه النقطة تحديدًا التي تُريد توضيحها.. السؤال ماذا أوضحت بشأن الأزمة!.

ولم تَكتفِ بهذا بل جاءت الدهشة عندما قالت نصًا: «في الحقيقة إن أوروبا عندها مَشاكل أكثر من عندنا.. وإحنا في نعمة إن احنا بلدنا جافة طول عمرها.. وعندنا نظام التكييف في المنزل وهناك في أوروبا معندهمش تكييفات.. لأن الصيف عندهم قليل والشتاء بيعتمد أكتر على نظام التدفئة.. واللي بيحصل عندهم حاجة غير مسبوقة»..

السؤال هنا متى يَكف الوزراء عن نغمة «إحنا في مصر.. وهمَّا في أوروبا.. وإحنا في نعمة.. وهما في كابوس».. مِصرُ بحاجة ماسة لوزراء لديهم خُطة ورؤية حقيقية بدلاً من الحديث عن نغمة المُقارنات المُستهلكة بالدول الأخرى.. هذه النغمة نتمنى الانتهاء منها.

وبدعابة بسيطة من الإعلامي شريف عامر، كانت مُمثلة في سؤال جاء مَفادهُ كالآتي: «نعمل إيه في مصر علشان نتكيف مع التغيرات المناخية»، لِترد عليه الوزيرة: «تناول شرب الماء بكثرة وارتداء ملابس قطنية.. ولمَّا نيجي ننام نشد فيشة التلفزيون.. لأن الفيشة دي بتسحب الكهرباء حتى بدون تشغيل الجهاز.. والمطلوب نشد الفيشة علشان هنوفر كتير في الكهرباء».

رُبما الإعلامي شريف عامر، كان يُريد أنْ يَسمع منها رؤية وخطة الوزارة.. فوجهَ لها سؤالاً ثانيا: «هذا هو التكّيف على مستوى سلوك الفرد.. لكن على مستوى الخبراء والحكومة ما الواجب عمله»، لترد الوزيرة بكل تلقائية: «عندنا 3 حاجات شغالين عليهم.. الخُطة الوطنية للتكيف لما بيحدث آثار جانحة لتغير المناخ.. لو الدنيا حر المحاصيل بتتلف.. وبيحدث تبخر للمياه وفي هذا الوقت تقل المياه للأراضي الزراعية وتنتشر الأمراض.. والمفروض إن كل قطاع من الصحة والزراعة والموارد المائية له دور مثلما كان يحدث عند أي أزمة مثل أزمة السيول والأمطار التي تحدث في فصل الشتاء».

هذا هوَ أبرز ما جاء على لسان وزيرة البيئة أثناء مُداخلتها مع الإعلامي، شريف عامر، من أشياء كانت تُريد التأكيد عليها وعدم مُقاطعة المذيع لها في البداية ورُؤيتها بشأن التغيّرات المناخية وخُطة الوزارة في التعامل مع الأزمة من وجهة نظرها.. لكن في الواقع حديثها مع الإعلامي شريف، لا يَتضمن خُطة ورؤية حقيقية.

ولا تزالَ هناك أسئلة كثيرة كانت تدور في ذهن العامة من المواطنين وليس المتخصصين لم تتطرق إليها الوزيرة مُتمثلة في الآتي: هل خاطبت وزارة البيئة الدول الكبرى التي لم تفِ بتعهداتها المالية مع مصر لمواجهة التغيرات المناخية.. هل قدمت الوزارة رؤية مهمة بالتعاون مع خبراء البيئة.. هل خاطبت وزارة الزراعة لمعرفة حجم الأضرار التي وقعت على بعض المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات..

وهل خرجت دراسة من وزارة الزراعة بالتنسيق مع البيئة بشأن المحاصيل الذي يجب زراعتها في موجات الحر القاسية.. هل استجوبها البرلمان بشأن مناقشة خطتها في ملف التغيرات المناخية.. هل وضعت خطة بشأن متى تتحول الدولة نحو الطاقة النظيفة والتخلص التدريجي من البنزين والسولار وخفض تكلفة استيراد الدولة من المواد البترولية.

ما أود قوله، أنَّ التمسّك بنغمة «احنا.. وهما» يَقود أركان الحكومة إلى تضييع الوقت بدلاً من القول بأنَّنا في طريقنا لزراعة آلاف الأشجار وزراعة محاصيل أكثر قدرة على تحمل فترات الجفاف ومُخاطبة الدول الكبرى بالالتزام بتعهداتها تجاه مصر بشأن الأموال التي قد أُعلن عنها في مؤتمر المناخ الماضي بمدينة شرم الشيخ ومخاطبتهم بالحصول على تعويضات مضمونة من الدول المتقدمة التي يقولون إنها مسؤولة عن أزمة تغير المناخ..

الأسئلة كثيرة في هذا الملف والإجابات يَظن البعض أنها في دولاب وزارة البيئة.. لكن الواقع بخلاف ذلك.

حفظ الله مِصرَ وشعبها وأرضها وأمنها من كل مكروه وسوء.

إقرأ أيضاً للكاتب:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى