أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: عن إجبار مديرة مستشفى للطبيبات بارتداء الحجاب.. هل من حقها؟

لا يُمكن أنْ تتصور الطبيبات داخل مستشفى خاص كائن بمنطقة مصر الجديدة، بِتعليماتٍ صادرة من المديرة خاصة بضرورة ارتداء الحجاب لاستكمال العمل وعدم فسخ العقود.

تَجاوزَ الموضوع منها حدود التكليفات الخاصة بتنظيم سير العمل داخل المستشفى والالتزام بالمواعيد لِلحديثِ عنْ أمورٍ شخصية لهم حق الحرية فيها تلكَ الطبيبات مثلَ: «المكياج والحجاب».

المَوضوع بِكل بساطة هو انتهاك صريح لحقوق المرأة والتعدي على حُريتها الشخصية بطريقة غير مَقبولة..

لِكون أخطر مَا جاء في الأمر صيغة التهديد، التي بَعثت بها مديرة المستشفى للطبيبات، عندما قالت إنَّ عدم الالتزام بمثل هذه التعليمات ستكون الطبيبة مُعرضة للفصل من العمل بسبب عدم ارتداء الحجاب.

شباب وفتيات الأطباء كانوا يتوقعون تنبيهات من مُديرة المستشفى تخص تحسين جودة الخدمة الطبية وتجنب شكوى المرضى وعدم الوقوع في أخطاء طبية بدلاً من الاهتمام بأمورٍ رُبما لم تكن هيَّ الأساس في مُمارسة العمل الطبي.

أنْ تقوم مديرة المستشفى بإرسال هذه التعليمات عبر خاصية «الواتس آب» لهؤلاء الأطباء فـ لكونها تناست أهم قواعد العمل الطبي الخاصة بضرورة الاهتمام بالمريض وتوفير الرعاية اللازمة له والتواصل المستمر مع أهالي المرضى لطمأنتهم.. هذه أهم البنود الذي يَجب إرسالها لشباب وفتيات الأطباء لا إرسال تعليمات وتنبيهات رُبما لم تكن هذه التعليمات من حقها في الأساس..

في هذه التعليمات التي وصلتني نسخة منها وجاء نصها كالتالي: «بقولك.. نبهي على كل الناس تلتزم باللبس.. ممنوع لبس سابوهات.. الدكاترة البالطو مَكوي ونضيف.. البنات ممنوع تسيب شعرها.. ممنوع مكياج كتير.. الدكاترة تحلق.. الدكتورة لو شافت حد مش ملتزم هتنهي عقده».. معاني كثيرة أبرزها التهديد بالفصل في عدم الالتزام..

ورُبما صيغة أسلوب التهديد والوعيد مع شباب وفتيات الأطباء أو مع أي موظف أو عامل تأخذ منحنى آخر لم تكن في صالح الالتزام بالعمل بل الاستهتار به، لأنَّ الشخص الذي يشعر بالتهديد طوال الوقت لم يهتم بالعمل على الإطلاق لأنه لم يَشعر بفكرة الأمان الوظيفي، وإذا شعر بهذا التهديد والوعيد يكون الخاسر الأول والأخير مكان العمل وليس الطبيب أو الموظف.

ما سبقَ يَقود إلى مُراجعة لحسابات كثيرة في فهم فكرة التعامل مع الأطباء أو حتى الموظفين أو العمال بمثل هذه الطريقة الخاصة بالتهديد والوعيد، التي لا تليق بمكان كبير مثل هذا المستشفى، والذي رُبما يتم تصنيفه من المستشفيات القائم على اختيار طاقم طبي من أعلى المستويات.

أتمنى من مُديرة المستشفى التي أعرف كَونها أستاذة جامعية بكلية طب عين شمس، الكلية الأعرق في مجال الطب، التي يَشتهر أساتذتها بـ عمالقة الطب في مصر، هيَّ وكلية القصر العيني الفرنساوي وكلية طب أزهر القاهرة، أنْ تتراجع عن مثل هذه التعليمات.

يَبدو مستغربًا على شباب وفتيات الأطباء هذه التعليمات التي لم يسمعوا عنها في أي وظيفة.. إذ كانت الصدمة عميقة وقوية دفعت بعضهم للتحدث إلى وسائل الإعلام وضرورة النقاش حول هذه التعليمات.

لذا بدل أن تستقبل شباب الأطباء المُقبلين وبقوة على السفر خارج مصر للعمل في أوروبا وأمريكا ودول الخليج، بـ الترحاب وتسهيل التعامل معهم، وجدت نفسها تُواجه تصاعد لهجة التصدي لمثل هذه التعليمات سواء كانت مَخفية بين شباب وفتيات الأطباء أو مُعلنة للتحدث لوسائل الإعلام وإرسال هذه التعليمات مُوثقة للصحافة.

هذا هو حال شباب وفتيات الأطباء في المستشفى حاليا، التذمر من مثل هذه القرارات، لأنَّ صانع القرار داخل المستشفى المتمثل في «المديرة» لا ترى العمل إلا من منظار التهديد والوعيد التي مهما وُصفت مثل هذه التعليمات تظلُ غير مُوفقة على الإطلاق.

بِوسعنا القول، إنهُ على مديرة المستشفى مُراجعة تعليماتها مع ضرورة الابتعاد عن صيغة أسلوب التهديد والوعيد..

لِكونْ أسلوب التهديد أخطر منْ عملية الخصم للطبيب أو الموظف أو العامل، الذي لم يَلتزم بمواعيد عمله.

حفظَ اللهُ مِصرَ ومُؤسساتها.

اقرأ ايضا للكاتب : 

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: منصب وزير الخارجية بين عشيقين.. الأمريكي والأوروبي.. هل آن أوان تغيير العُرف؟

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: جميلة إسماعيل تُغازل الشارع علناً.. وتفاوض النظام سرًا

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: رِسالة الجمهور لـ«الطنطاوي».. حُلم الأحزاب صار كابوسًا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى