أراء ومقالاتالموقع

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع» أمريكا تضحي بـ«نتنياهو» من أجل «الغاز الغزاوي»

جاءت الإنتقادات اللاذعة التي وجهها السيناتور ، تشاك شومر ، رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي، لرئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو ، لتؤكد أن وقت إستخراج ثروات غزة من الغاز قد حان ، وعلى حكومة التطرف الإسرائيلية ، إفساح الطريق أمام مكاسب لوبي الغاز ، و تعويض لوبي السلاح الأمريكي ماديا ، مقابل ما سحبته إسرائيل ، من آلاف الأطنان من الأسلحة و الذخائر من مخازن السلاح الأمريكي ، المتواجدة على أراضيها ، من دون موافقة الكونجرس الأمريكي .

كما كشفت هذه الإنتقادات ، عن أن وقت الغاز يتطلب أيضا إبعاد حماس عن السلطة في غزة ، بالتزامن مع الأتيان بحكومة إسرائيلية معتدلة ، بعيدا عن نتنياهو و داعميه الأشد تطرفا ، و على رأسهم ، إيتامار بن غفير ، وزير الأمن الداخلي، الذي يشجع المتطرفين اليهود على إنتهاك حرمة المسجد الأقصى بأمل إقامة الهيكل الثالث ، و بتسلئيل سيموتريتش ، وزير المالية ، الذي يوجه نسبة كبيرة من ميزانية الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، لإقامة مستوطنات جديدة على الأراضي المحتلة، لمزيد من عمليات التهويد .

و ترجع أهمية رسالة شومر التوبيخية لنتنياهو ، أمام مجلس الشيوخ الأمريكي ، كونه أكبر مسئول يهودي أمريكي منتخب ، و أن صدوره من شومر على وجه التحديد في خطبة علنية يوم الخميس الماضي ، يعني أن اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة ، إقتنع تماما بأن حكومة نتنياهو المتطرفة ، لم تعد رجل المرحلة، و أنها لم تصبح فقط عبء على الولايات المتحدة ، بل أصبحت عبء على إسرائيل نفسها لدرجة أنه أصبح ينظر لليهود في العالم كمجرم حرب ، بسبب حرب الإبادة الجماعية بحق نساء وأطفال غزة . و جاءت شكوى جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية بحق إسرائيل لتؤكد تغير نظرة العالم لليهود ، بعد أن كانوا ينالون عطف أوروبا و أمريكا إلى حد الإبتزاز، بسبب تعرضهم لما يطلق عليه الهولوكوست خلال الحكم النازي الهتلري .

يقول شومر في خطابه الذي وصفته الصحف العالمية بأنه يتشابه و الزلزال، لكونه صادر من أكثر المؤيدين لإسرائيل في أمريكا فضلا عن إرتباطه بصداقة خاصة بنتياهو ” إن إئتلاف نتنياهو اليميني المتطرف، لم يعد يناسب إحتياجات إسرائيل بعد 7 أكتوبر، لقد تغير العالم منذ ذلك التاريخ بشكل جذري، و ذلك يتطلب أجراء إنتخابات إسرائيلية جديدة ” .

و قد وصلت شدة تصريحات شومر، اليهودي الديانة ، إلى حد أنه حذر إسرائيل من أنها تخاطر بأن تصبح دولة ” منبوذة ” .

كما طالب شومر إسرائيل بإجراء تصحيحات كبيرة في المسار لتحقيق سلام دائم مع الفلسطينيين ، مؤكدا على أهمية حل الدولتين .

و قد منحت هذه التصريحات الجرأة للرئيس الأمريكي ، جو بايدن، لدرجة أنه أشاد بفحوى خطاب تشاك شومر ، مؤكدا أنه ألقى خطابا جيدا ، عبر فيه عن مخاوف يشاركه فيها عدد كبير من الأمريكيين . أما منظمة “إيباك ” أقوى لوبي صهيوني أمريكي مؤيد لإسرائيل ، فقد إمتنع عن التعليق على خطاب تشاك شومر ، مكتفيا بالإعلان عن تأييده لدولة إسرائيل، و هو موقف يمكن تفسيره بأن إيباك لا تعارض إنتقادات تشاك شومر لحكومة نتنياهو المتطرفة ، التي تسبب تطرفها فيما وصلت إليه الأوضاع اليوم ، بسبب فشلها عسكريا ، و الاستعاضة عن ذلك بإرتكاب مجازر يومية ضد المدنيين .

و ترى صحف غربية أن الوقت قد حان لتعويض عشرات المليارات التي خسرتها إسرائيل و الولايات المتحدة في الحرب على غزة ، و لا أفضل من ثروات غزة من الغاز الذي تم إكتشافه منذ 1999 ، و لم يتم إستغلاله حتى الآن ، خشية أن تصل عائداته لتدعيم المقاومة الفلسطينية عسكريا .

و ترى صحف فرنسية أن الإدارة الأمريكية ، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من أكبر مؤيد لإسرائيل في أمريكا، ترى أن إستخراج ثروات غزة من الغاز التي تقدر بأكثر من 70 مليار متر مكعب ، يتطلب التخلص من حكومة نتنياهو المتطرفة ، و لكن ذلك يتطلب أيضا التخلص من منظمة حماس .

و قد صدقت هذه الصحف الفرنسية بخصوص حماس ، حيث شنت حركة ” فتح ” هجوما حادا يوم الجمعة الماضية على حماس ، و إتهمتها في بيان شديد اللهجة، بالتسبب في إعادة إحتلال إسرائيل لقطاع غزة الذي كانت غادرته في 2006 . ووصفت فتح نتائج هجمات طوفان الأقصى في 7 أكتوبر بأنه أكثر فداحة و قسوة من نكبة 1948 ، بعد أن إقترب عدد القتلى و الجرحى لنحو 150 ألف مدني ، معظمهم من النساء و الأطفال . كما أتهمت حماس بتقديم تنازلات في المفاوضات الحالية مع إسرائيل من أجل حماية رؤوس قادتها .

ووصل بيان فتح في شدته إلى حد قوله “من تسبب في النكبة التي يعيشها حاليا الشعب الفلسطينيى ، لا يحق له إملاء الأولويات الوطنية” في دلالة واضحة عن أمكانية قيام فتح بإبعاد حماس عن السلطة في غزة ، و تولي حكم غزة منفردة ، في مرحلة ما بعد الحرب . و ترجع مصادر المقاومة قبولها التفاوض مع إسرائيل ، رغم البطولات التي أظهرتها طوال أكثر من خمسة أشهر، الى تجنيب المدنيين الغزاويين ، مزيدا من المجازر ، التي تستهدف النساء و الأطفال، فضلا عن تدمير منازل ، و ممتلكات، و أرزاق الغزاويين .

و يرى محللون أوروبيون ، أن التخلص من حكومة نتنياهو و حماس في آن واحد، سيسمح بإستخراج ثروات غزة من الغاز ، مما سيتيح الفرصة لإعادة إعمار القطاع المدمر . كما سيسمح للوبي الغاز بتحقيق مكاسب مادية ، تعوض الولايات المتحدة و لوبي السلاح الأمريكي عما تكبداه من خسائر كبيرة لدعم إسرائيل من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، لا سيما بعد أن إستنفذت إسرائيل كميات هائلة من مخازن السلاح الأمريكية على الأراضي الإسرائيلية من دون الحصول على موافقة رسمية من إدارة بايدن .

تقول صحيفة “نيوأراب” أن إسرائيل سحبت كميات ” رهيبة ” من الأسلحة الأمريكية المخزنة في إسرائيل من دون الحصول على موافقة الكونجرس الأمريكي بحجة أن السحب يقل عن 2 في المائة من المخزون في كل مرة ، الأمر الذي يمكنها ، وفقا للإتفاق الأمريكي الإسرائيلي، من عدم الحصول على إذن مسبق من الكونجرس .

لكن أراب نيوز شككت في الالتزام بنسبة ال 2 في المائة ، و نقلت عن ، جوش بول، الذي إستقال من منصبه المهم في وزارة الخارجية الأمريكية ، إحتجاجا على الدعم العسكري الأمريكي غير المحدود لإسرائيل في الحرب على غزة قوله ” أن هناك غموضا فيما يتعلق بالتزام إسرائيل بنسبة ال 2 في المائة ، فضلا عن عدم الكشف عن نوعية الأسلحة التي سحبتها من المخازن الأمريكية من دون الحصول على موافقة الكونجرس .

و يرى محللون عرب أن عائدات غزة من الغاز ستسمح للوبي السلاح الأمريكي بالحصول على جزء من تورتة عائدات الغاز الغزاوي ، لتعويض مافقدته إسرائيل من سلاح و ذخائر ، تعادل القوة التفجيرية لثلاث قنابل ذرية من نوعية القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على هيروشيما و نجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية .

و يبقى السؤال هل سيرضخ نتنياهو لإنتقادات تشاك شومر و ينظم إنتخابات مبكرة ؟ الإجابة جاءت على لسان نتنياهو الذي رفض تصريحات شومر ، و نفي أن تكون إسرائيل جمهورية موز ، يتم التحكم فيها ، مشيرا إلى أن مجرد قبول حكومته التخلي عن الحكم في الوقت الحالي و إيقاف الحرب ، يعني خسارة إسرائيل للحرب و إنتصار المقاومة ، و هذا يرفضه تماما معتبرا أنه كلما قتل مزيد من نساء و أطفال غزة ، كلما خفف من وطأة فشل حكومته عسكريا و أستخباراتيا في هجمات طوفان الأقصى .

أما حماس ، فقد ردت على محاولات إبعادها عن السلطة ، بإنتقاد الحكومة الفلسطينية الجديدة ، التي شكلها مؤخرا ، محمد مصطفى . و قال القيادي في حركة حماس، محمود المرداوي ، أن الحكومة الفلسطينية الجديدة ، لا تعبر عن إرادة المعركة التي تدور في الميدان، و لا يمكن لها أن تدير المعركة أو تقودها أو تتفاوض بأسمها .و أضاف أن حماس تدير المعركة ، و المعركة جزء منها ، و أن أي حكومة تتشكل في الأراضي الفلسطينية، يجب أن تتم بالتشاور المسبق مع كل المكونات ، السياسية ، و الأجتماعية، و هو ما لم يحدث قبل تشكيل حكومة محمد مصطفى .

و نهاية رغم تعنت نتنياهو و حماس ، فإن مليارات الغاز لن تتوقف عن الضغوط لإيقاف الحرب و منع إجتياح رفح الفلسطينية ، في وقت تزايدت فيه الإغراءات لأهالي غزة الذين يتضورون جوعا ، بأن عائدات الغاز ، و إقامة خط “بحري بري” يربط إسرائيل بالأردن و فلسطين و دول الخليج سيحول غزة لدبي ، فهل يقبل الشعب الفلسطيني الخضوع للإحتلال مقابل المال ، و الإرض أرضه ، و المال ماله ؟ .

اقرأ ايضا للكاتب

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع» ثروات غزة من الغاز ليست السبب الوحيد لحرب الإبادة

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع»أفارقة أمريكا و الصمت حيال مجازر غزة

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع» العدوان الثلاثي وتعمير سيناء

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى