حالة الجدل التى أثارها -حتى الآن- مسلسل (الحشاشين) فى الشارع المصرى والعربى، تعلن بما لا يدع مجالًا للشك وجود فوائد أخرى للدراما التاريخية -على وجه الخصوص- تثرى ثقافة المشاهد وتحفزه على البحث والقراءة والاستزادة من مصادر اخرى ، وهو ما ينبت لنا أجيالًا أكثر وعيًا وإدراكا لتاريخنا وثقافتنا.
وبعيدًا عن كونى احد المهتمين والشغوفين بالتاريخ بصفة عامة وتاريخنا المصرى الحديث بصفة خاصة، فأنا ارى أن أجيالًا عده ظلت تستقى معلوماتها التاريخية العامة من الأعمال الدرامية المصرية، خاصة فى عصر ما قبل الإنترنت حيث كان هناك فقرًا شديدًا فى مصادر المعلومات بالنسبة للمتلقى العادى.
لكن فى المثال الذى نعايشه الآن وأقصد مسلسل (الحشاشين) ، نجد أن هذا العمل فجر داخل عدد لا بأس به من المتابعين، الرغبة فى البحث عن حقيقة هذه الطائفة التى ذاع صيتها قبل اكثر من الف عام ، وربما تطرق فى بحثه إلى ما أحاط بهذه الطائفة من توازنات وامور فى تلك الحقبة من التاريخ العربى والاسلامى .
واذا كان هناك انتقادات كثيرة قد بدأت تظهر على السطح تجاه (الحشاشين) ، فإن ذلك لا يعنى أبدًا إغفال حق صناع العمل علينا؛ فى الإشادة بعملية التجديد فى إختيار قصص تاريخيّة منسية، لتتجسد على الشاشة الفضية، وإن كان المأمول أن يغوص القائمون على الإنتاج-مستقبلًا- فى ثنايا تاريخنا المصرى الحديث، لتقديم أعمال قد تقلل كثيرًا من مساحة الجدل العقيم وتفتح الباب لمناقشات وحوارات أكثر ثراء وانعاكسًا على الواقع المعاش ، حتى لا يكون هناك انفصالًا نفسيًا بين المتلقى والأعمال الدرامية التاريخية، ولذلك ستبقى أحد أهم وظائف الدراما التاريخية – خاصة- والفن والثقافة بصفة عامة ، وهو إثارة الأسئلة وفتح باب الحوار المجتمعى، ومن ثم تشكيل الوعي العميق الذى لن يتأتى إلا بالبحث والتقصي وجمع الأدلة والعودة للمراجع الموثقة وسؤال المتخصصين وبذل الجهد، للوصول إلى قناعة أو رؤية ذاتية حوّل الكثير من أمور تاريخنا .
اقرأ ايضا للكاتب
