الموقعتحقيقات وتقارير

«تعدد الزوجات» يثير سجالا جديدا بين العلماء.. عبد الفتاح العواري: التعدد مشروع بضوابط والمٌعدد غير القادر متجاوز لحدود الله

علي الأزهري: “التعدد” رخصة شرعها الله ولا يشترط علم الزوجة الأولى شرعا

كتبت- منار إبراهيم

شكلت قضية «تعدد الزوجات» سجالاً بين العلماء، بعد ما أثير حولها من جدل خلال الآونة الأخيرة إثر حديث الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر، حول زواج المغترب دون إبلاغ زوجته، إذ قال إن الزواج المؤقت ممنوع ولا يجوز شرعا، موضحا أن الزوج إذا تزوج بأخرى سواء مقيما أو مسافرا ولم يتم إبلاغ الزوجة الأولى، فهذا لم يرد في الشريعة الإسلامية وأن عدم إبلاغها قد يكون فيه مصلحة للأسرة.

ولكن ما الأصل في قضية التعدد، وما ضوابطها، وهل يشترط علم الزوجة الأولى عن الزواج بأخرى شرعا؟، هذا ما سيناقشه «الموقع» خلال السطور القادمة…

قال الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين السابق، إن تعدد الزوجات أمر مشروع لكن الشرع حده بضوابط فمادامت الضوابط متوفرة صح وجاز للمسلم أن يجمع بين أكثر من واحدة، أما إذا لم تتحقق الضوابط وخاف المسلم من عدم العدل فعليه ان يلزم واحدة، وإن لم يستطع القيام بواجبات الواحدة يحرم عليه الزواج.

نرشح لك: أستاذ علم الاجتماع: الوضوح أساس الحفاظ على ثبات الأسرة والزواج دون علم المرأة يؤدي لتفككها

وأضاف عميد أصول الدين السابق لـ«الموقع»، أن الله يقول ” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة” الأمر في هذه الآية للإباحة وليس للوجوب، والمُباح مأذون في فعله مأذون في تركه.

وأوضح أن الضوابط المشروطة لتعدد الزوجات هي أن يغلب على ظنه تحقيق العدل، أن يكون قادرا على القيام بمؤن النكاح “الزواج” من سُكنه ونفقة وتعليم وغيرها من متطلبات البيت المسلم، ولو لم يكن قادر على ذلك وعدد الزوجات عُد متجاوزًا لحدود الله.

ولفت أن “الميل القلبي” أو الحب القلبي أمر لا يملكه العبد وإنما بيد الله سبحانه وتعالى، وقد تكون الواحدة من النساء لحُسن عِشرتها لزوجها وحسن تبعلها له وقيامها بواجباتها أقرب إلى قلبه من الأخرى، فقربها إلى قلبه وتعلق قلب الرجل بها دون الأخرى أمر لا يملكه الرجل إنما هو بيدي الله، وكان النبي ﷺ يعدل في الأمور المادية قائلا: “اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك وأنت له تملك” وهو الحب القلبي.

نرشح لك: الشيخ الأطرش لـ«الموقع»: الزواج على المرأة بغير علمها ضرر لها

وأشار “العواري” أنه لابد أن يُعلم الرجل زوجته الأولى بأنه سيأتي عليها بزوجة أخرى، ليس هناك مانع شرعي أنه إذا أراد ان يتزوج من أخرى أن يُعلم الأولى، لأنه إذا لم يُعلمها لكان زواجه في الخفاء وسرًا ولا يمكنه أن يحقق العدل في المبيت، ولو أراد ان يبيت عند الثانية لدعا كذبًا انه على سفر أو في العمل وغيره، ولكن حينما تعلم الأولى ان هناك ثانية ستأخذ حقها في المبيت، فتحقيقًا للعدل لابد ان يُعلمها بأنه سيتزوج بأخرى.

ومن جانبه قال الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس جامعة الأزهر، إن التعدد رخصة شرعها الله سبحانه وتعالىٰ و دل علىٰ ذلك في قوله تعالىٰ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}.

وأشار أنه ثبُت في السنة عند أبي داود والبيهقي والدار قطني وابن ماجه والطبراني وغيرهم، بأسانيد صحيحه عن سيدنا قيس بن الحارث رضي الله عنه قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرت ذلك للنبي، فقال ﷺ: “اختر منهن أربعًا”، ومن ذلك كان التعدد رخصة من الله تعالىٰ للعباد.

نرشح لك: عضو القومي للمرأة لـ«الموقع»: الزواج حق الرجل شرعًا ولكن بشرط إبلاغ الزوجة في إعلان رسمي عبر المأذون

وأكد “الأزهري” أن التعدد مشروع بضوابط وليس علىٰ إطلاقه منها: كون الرجل يستطيع الباءة القدرة المالية والجسدية، أن يكون عادلًا فيما بينهن، فإن خاف من عدم العدل فليقتصر علىٰ واحدة كما قال تعالىٰ: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة}.

ويكمل ففي الحديث قال رسول الله ﷺ : “من كانت له امرأتان، فمال إلىٰ أحدهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل”، وكان سيدنا النبي صلىٰ الله عليه وسلم يسوي بين زوجاته حتىٰ في السفر، كما قال سيدنا أنس رضي الله عنه: “السنة إذا تزوج البكر أقام عندها سبعًا، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا”.

وأكد أنه على المُسلم العدل بينهن في النفقة والكسوة والمأكل والملبس والمبيت وفي كل شيء إلا أن تأذن إحداهن، و لا يشترط علم الزوجة الأولىٰ، فلم يرد في الشرع ما يشترط هذا، وطالما أنه لم يفعل ما يخالف ما شرعه الله تعالىٰ فليس عليه من إثم.

وأخيرًا حسمًا للجدل في هذه القضية، قال الإمام الأكبر، الشيخ أحمد الطيب، إن من يقولون إن الأصل في الإسلام هو التعدد مخطئون، والمسألة تشهد ظلمًا للمرأة وللأبناء في كثير من الأحيان، وزوجة واحدة تكفى.

نرشح لك : المساواة في الظلم عدل.. لماذا لا تستفيد المرأة من العذر المخفف في “جرائم الشرف” ؟

وأوضح فضيلته في تصريحات سابقة له، أن التعدد من الأمور التي شهدت تشويهًا للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية، مطالبًا المسلمين بإعادة قراءة الآية التي وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، وتدبر ما قبلها وما بعدها.

ولفت “الإمام الأكبر” إلى أن المسلم ليس حرًا في أن يتزوج على زوجته الأولى، فهذه رخصة مقيدة بقيود وشروط، والتعدد حق للزوج لكنه «حق مقيد»، مضيفًا هذا على مسئوليتي الكاملة، فإن الأصل في القرآن الكريم هو: “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً”.

وأكد أن الرخصة تحتاج إلى سبب وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة، التعدد مشروط بالعدل وإذا لم يوجد يحرم، والعدل ليس متروكًا للتجربة إنما بمجرد الخوف من عدم العدل أو الضرر يحرم التعدد، فالقرآن يقول: «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى