كتبت – أميرة السمان
عندما يبدأ العالم باطلاق تجارب جديدة تكون مصر من أوائل الدول التي تشاركه كل جديد، فعندما بدأت السنيما وأنطلق الراديو كانت مصر من رواد هذه الدول التى ظهر فيها الفن بأنواعه وخلد التاريخ ذلك من خلال صفحات دون فيها انجازات الدولة بذلك، وعندما أعلنت بعض الدول عن اطلاق أول بث للتليفزيون وكان ذلك جديدا على البعض كانت مصر من أوائل الدول التي واكبت الحدث.
وكان عام 1960 الإنطلاقة الكبرى وتحديدا في 21 يوليو حيث بدأ أول بث تليفزيوني بالقاهرة، وكان احتفالا بالذكرى الثامنة لثورة 23 يوليو المجيدة، ليكون شعلة تضيء المجتمعات العربية وتغرس في المصريين القيم والعادات وحب الوطن.
البداية:
بدأت فكرة إنشاء تليفزيون مصرى إلى عام 1947، ولكن أحبط المشروع وتأجل تنفيذه حتى عام1951، وقامت الشركة الفرنسية لصناعة الراديو والتليفزيون فى ذلك الوقت بتأجير أول تجربة للإرسال في مصر، وذلك لتصوير المهرجانات التي أقيمت بمناسبة الزواج الثاني للملك فاروق عن طريق محطة إرسال أقيمت بمبنى سنترال باب اللوق وكان لهذه الشركة هدف آخر أن تعرض على الحكومة المصرية آن ذاك تشييد محطة تليفزيونية بالعاصمة المصرية.
لأول مرة.. ظهور نقيب الصحفيين :
قامت الشركة بترويج مشروعها الجديد حيث وضعت أجهزة الاستقبال التليفزيونية في عدد من الأماكن الهامة بالقاهرة، وأقيم حفل ساهر بهذه المناسبة دعا إليه كبار الصحفيين وعدد من الوجهاء، وظهر لأول مرة نقيب الصحفيين في ذلك الوقت حافظ محمود على شاشة التليفزيون ليوجه التحية إلى أعضاء البعثة الفرنسية التي استخدمت سنترال باب اللوق في فعاليات الحفل الساهر.
ميزانية التليفزيون الأولى:
تقدم الصاغ صلاح سالم بمشروع إلى الرئيس جمال عبدالناصر لإنشاء إذاعة جديدة ومحطة تليفزيونية فوق جبل المقطم وكان ذلك عام 1954، تم الموافقة عليه فورا، وأوكل مسئوليته إلى وكيل الإذاعة للشئون الهندسية “صلاح عامر” وقت ذلك، وعليه اعتمدت حكومة الثورة مبلغ 108 ألف جنيه لإقامة مبنى الإذاعة والتليفزيون على مساحة 12 ألف متر بشارع “ماسبيرو” بـ كورنيش النيل ببولاق أبوالعلا لذلك سُمى مبنى التليفزيون بعد الإنتهاء منه بمبنى “ماسبيرو”.
وخلال عام 1956 بدأت الدراسات وأعلن عن استيراد أجهزة اتصال حديثة، وصممت الاستديوهات ومحطات الإرسال ودراسة وضع نواة للتليفزيون المصري فوق جبل “المقطم” وسرعان ما انتشرت أنباء رسمية للعالم أجمع عن انطلاق البث الإذاعي والتليفزيوني في منتصف عام 1957 ولكن تعطل تنفيذ المشروع بسبب “العدوان الثلاثي” على مصر.
الشركة الأمريكية:
وفى يوليو 1959 فتح باب التقدم بعطاءات لتنفيذ مشروع التليفزيون المصري وتمت الدراسة الفنية لهذه العطاءات خلال 3 أشهر واختيرت شركة ” R.C.A ” الأمريكية أو “صوت أمريكا” واستقر الرأي على استخدام النظام الأوروبي 625 خطاَ و50 مجالا للصورة في الثانية الواحدة، حيث أنه الأكثر ملائمة من الناحية الفنية للتيار الكهربائي المتردد المستخدم في مصر بواقع 50 ذبذبة في الثانية الواحدة حينها، ولم يمر سوى 6 أشهر على بداية المشروع حتى تم الانتهاء منه وبدأ الإرسال في 21 يوليو 1960 بعد صدور تعليمات من القيادة السياسية بضرورة الانتهاء من هذا الإنجاز قبل مرور شهر يوليو من نفس العام، وإتاحة الفرصة لإجراء البروفات الهندسية الخاصة بالاستوديوهات على مسرح قصر عابدين.
أول 5 ساعات للتليفزيون المصري:
بدأ التليفزيون المصرى إرساله لمدة 5 ساعات يوميا وبدأ الإرسال بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم إذاعة وقائع حفل افتتاح مجلس الأمة وخطاب الرئيس جمال عبد الناصر ونشيد “وطني الأكبر” ثم نشرة الأخبار ثم الختام بالقرآن الكريم .
أول قرار مسجل:
بعد افتتاح مبنى التليفزيون المصري وبداية الإرسال صدر أول قرار من محمد أمين حماد رئيس مجلس إدارة هيئة الاذاعة المصرية بإنشاء إدارة عامة للإذاعة المرئية “التليفزيون” تتبع الإذاعة المصرية ليبدأ الإرسال المنتظم لهذا المشروع الجديد، من محطتي الإرسال اللتين أنشئتا فوق المقطم بارتفاع 300 متر فوق سطح البحر.
قناة واحدة:
بدأت مصر مشروع التليفزيون بإطلاق قناة واحدة، وكانت مدة الإرسال محددة بمعدل 6 ساعات يوميا، ثم ارتفعت ساعات الإرسال إلى 13 ساعة يوميا بعد بدء إرسال قناة تليفزيونية ثانية فى 21 يوليو 1961، ثم القناة الثالثة وطوال فترة الستينات شهد التليفزيون في مصر كثير من التطورات عبر العديد من المراحل، حتى قررت الإدارة العامة وقف إرسال القناة الثالثة للظروف الاقتصادية التي أعقبت حرب 1967، ولكن في عام 1970 صدر المرسوم الجديد لاتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري “ERTU”، وتم إنشاء 4 قطاعات وهم: “الإذاعة، التليفزيون، الهندسة، التمويل”، ولكل قطاع رئيس يرأسهم وزير الإعلام.
رابع دولة:
تعتبر مصر رابع دولة عربية تنشأ التليفزيون وذلك بعد دولة العراق والجزائر ثم لبنان يعتبر تليفزيون العراق أول تليفزيون عربي بدأ إرساله التليفزيوني الأول عام 1954.
أشهر مذيعات التليفزيون في الستينات:
بدأ التليفزيون المصري بعد إنطلاقه بعدد كبير من الإعلاميين ولكن لهؤلاء الخمسة بصمات كبيرة نتذكرهم حتى الآن وهم سلوى حجازي، وأماني ناشد، وسميحة عبدالرحمن، وهمّت مصطفى، وليلى رستم.
التليفزيون في منطقة القنال:
وفي عام 1973 بدأ التليفزيون المصري أضخم عملية لتجديد أجهزة الإرسال، وفي سنة 1978 تم توصيل القناتين الأولى والثانية إلى منطقة القناة بشبكة “ميكرويف” وإنشاء محطة بث تليفزيوني لكل من القناتين في محافظات القنال وهم ” السويس والإسماعيلية وبورسعيد”.
التليفزيون المصري بالألوان:
وكالعادة أقبل المواطنين في مصر على شراء أجهزة التليفزيون بشكل كبير وكان ثمن الجهاز وقت ذلك 35 جنيه في 1973 وبدأ التليفزيون المصري اضخم عملية لتجديد أجهزة الإرسال، وتم إرسال القنوات المصرية ملونة تحديداً في 9 سبتمبر 1976، وحتى اليوم أصبحت إنجازات التليفزيون المصري في تقدم كبير بل ووصل إلى الصدارة في المنطقة.
