أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» عن الحرج السياسي للحكومة

حالة من عدم القبول انتشرت بين معظم الطبقات المصرية، عقب تعديل قانون الشهر العقارى، بإضافة المادة 35 مكررا ، و بموجبها يتم تقديم طلبات تسجيل الأحكام المثبتة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله، أو تقريره، أو تغييره، أو زواله والتي فصلت في موضوع النزاع دون الأحكام التي انتهت فيها الخصومة بناءً على إقرار بأصل الحق أو التسليم بالطلبات أو الموثقة للصلح بين أطرافها إلى المكتب المختص متضمنة الحكم وما يفيد نهائيته وبيانات العقار محله والحقوق العينية المقررة عليه وبيانات التكليف وشهادة سلبية من الجهة المختصة بعدم وجود مخالفات على العقار.

و من ثم يُعطى الطلب رقما وقتياً، وينشر المكتب على نفقة الطالب إعلانًا في إحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار لدعوة من لديه اعتراض على تسجيل الحكم لتقديم اعتراضه أمام قاضي الأمور الوقتية خلال شهر من تاريخ النشر، ويفصل في الاعتراض خلال سبعة أيام بقرار نهائي مسبب، فإذا انقضى الموعد المذكور دون اعتراض من ذوي الشأن أو رفضت الاعتراضات تحول الرقم الوقتي المعطى إلى رقم نهائي، أما إذا تقرر قبول الاعتراض يقوم قلم كتاب المحكمة بإخطار المكتب المختص لإلغاء الرقم الوقتي .

إلى هنا و الأمور ما زالت على ما يرام بالنسبة للأطراف كافة، لتزداد تعقيدا بما تضمنته نفس المادة المادة 35 مكرراً، حيث حظرت على الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية نقل المرافق والخدمات أو إتخاذ أي إجراء يتعلق بالعقار إلا بموجب سند رسمي يحمل رقم شهر أو قيد، و من ثم أمهل القانون أصحاب الحقوق لتوفيق أوضاعهم فأرجأ سريان القانون إلى ما بعد ستة أشهر من اليوم التالي لتاريخ نشره.

و هو ما يعنى إلزام المواطن بالسير فى الدائرة أعلاه، بكل إجراءاتها المتشابكة و المتداخلة، و المكلفة أيضا بحسب رسوم التسجيل سواء فى الشهر العقارى منذ بدء إجراءات التقاضى، مرورا بضريبة التصرفات العقارية_ 2.5% من قيمة العقار_ و حتى مصروفات و أتعاب المحامين .. صحيح نتفهم أن كل ماسبق و ما تضمنه تعديل القانون يقتضى الصالح العام، مع إثبات الملكية بشكل قانونى يضمن مزايا للمالك و فى نفس الوقت يسهم فى رفع القيمة السوقية للعقار .. إنما إذا كانت القوانين بالأساس مُشرعة من أجل تنظيم حياة الأفراد و معاملاتهم على كافة المستويات ، و فى مختلف مناحى الحياة، إلا أن الأصل أو الجوهر فى مضمون التشريع، هو تسهيل سبل العيش على المواطن و التخفيف عن كاهله.

و بالرغم من أن إشعال فتيل الأزمة جاء من قبل السلطتين.. التشريعية ممثلة فى مجلس النواب، و الذى مرر القانون خلال دورته الماضية، و لم يطرحه للحوار المجتمعى ، و التنفيذية ممثلة فى الحكومة التى قبلت به دون دراسة لتبعاته على الطبقات المختلفة، إلا أن بداية الإخماد جاءت منذ أيام من قبل المجلس نفسه، و قياداته الحزبية و الشبابية، حيث أقرت تشريعية النواب إرجاء العمل بالقانون المعدل حتى 31 من ديسمبر سنة 2021.. ليأت الحسم القاطع و المدرك لأحوال المواطن من قبل الرئيس ” عبد الفتاح السيسي”، و الذى وجه بتأجيل تطبيق القانون رقم 186 لسنة 2020 الخاص بتعديل قانون الشهر العقارى، و ذلك لفترة انتقالية لا تقل عن عامين، و حتى إجراء حوار مجتمعى.

لا ننكر تحركات الحكومة و مجهوداتها، بل نقدر صمودها فى معترك تحديات، تراجعت أمامه أعتى الحكومات، إلا أن الأزمة ليست الأولى من نوعها و التى تصطدم فيها الحكومة بالمواطن، و تعرض نفسها لما يعرف ” بالحرج السياسي” _ إن جاز التعبير_، فبينما تطالعنا من وقت لآخر بإنجازاتها من أجل توفير حياة كريمة للفرد، و سعيها من أجل تدبير احتياجاته، تتواجه معه و تضغطه بالتزامات لا يعرف منطقا واضحا يدفعه للوفاء بها و تحملها.

و هنا لسنا بصدد اللوم أو حتى الانتقاد، بل على العكس نفند الأمر من أجل سرعة تداركه و احتواء المواطن، فالحكمة و رشاد الحكم، و الأهم المشروعية تقتضى رضا المواطن و قناعاته، و هو ما لن يتأتى إلا من خلال صون هذه المجهودات و تكليلها بتسهيل حياة الفرد الذى يعد الأصل فى الأمر، بل بالأكثر فإن الدول و الأنظمة أقيمت من أجله و من أجل ترتيب حياته، فطبقا لنظرية العقد الاجتماعى و بدايات تأسيس المجتمعات على أساس أفراد حاكمة و أخرىين محكومين، تلك النظرية و التى تفترض الخضوع من قبل المحكومين، و بالمقابل توفير الراحة و الأمان من قبل الحاكمين.. بالتالى من المهم رضا الفرد و راحته منذ نشأة المجتمعات، و لا سيما فى ظل أوضاع و مستجدات نعلمها جميعا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى