أراء ومقالاتالموقع

أشرف مفيد يكتب لـ”الموقع”بعنوان حفاوة “تونسية” .. لأننى من بلد فردوس عبد الحميد

التفاعل الكبير مع مقالى الذى نشرته الأسبوع الماضى عن السفيرة ليلى عمارة ، أنعش ذاكرتى وجعلنى اتذكر مواقف أخرى مشرفة للمرأة المصرية فى مجالات مختلفة ومن بينها ما حدث معى أثناء زيارتى لتونس للمرة الأولى فى حياتى عام ١٩٩٠

لمتابعة “المهرجان الدولى لفنون الصحراء” وكان هذا المهرجان يقام فى مدينة “دوز ” التى تقع جنوب تونس بالقرب من بلدة “الشابية” مسقط رأس الشاعر العربى الكبير أبو القاسم الشابى الذى من أشعر كتاباته ” إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر”.

المهم أننى دات يوم كنت أجلس على المنصة ضمن المتحدثين فى إحدى ندوات المهرجان وبينما كنت أتحدث بتركيز شديد عن الفنون التراثية ، فوجئت بفتاة تونسية فى العشرينات من العمر تجلس أمامى فى الصف الأول وهى تنظر نحوى باهتمام ملحوظ ، ولأن ذلك حدث وأنا فى عز الشباب منذ اكثر من ٣٠ عاما فقد اسعدنى جداً هذا الأمر وأدخل السرور الى قلبى ،

واستمرت تلك النظرات تتزايد وتتطور الى أن انتهت الندوة حتى فوجئت بها تتجه نحوى وتقول لى .. “أستاذ انا عايزة اقولك حاجه” .. ازدادت سعادتى وأيقنت أن الاعجاب قد وصل لمرحلة متطورة وأنها سوف تصارحنى بمشاعر الإعجاب التى تسعد

الرجال ، فقلت لها وانا فى غاية السعادة .. تفضلى، قالت : انا عايزه اقولك انى بحب فردوس عبد الحميد جداً وأرجوك أوعدنى انك تسلم لى عليها وتبلغها تحياتى وتحيات عائلتى بالكامل.. فى هذه اللحظة كأنها ألقت على جسمى “جردل ماء بارد” بهذا الكلام الذى فصلنى تماما وأخرجنى من “المود” الذى عشته طوال فترة الندوة .

سألتها بكل غيظ : وماذا تحبين فى فردوس عبد الحميد بالذات ، نحن لدينا فنانات بعدد شعر رأسك، لم تتردد لحظة وقالت على الفور : لأنها فنانة محترمة وتشبهنا وتمثل أدوارها بصدق وبتلقائية وببساطة .. أرجوك سلملى عليها.

لم ينقذنى من حالة “الغيظ” وأناراستمع هذا “الغزل” فى فردوس عبد الحميد سوى إبن محافظ الإقليم الذى جاء ليخبرنى بأنه لابد من الانصراف الآن لتلبية دعوة والده وتناول الغذاء فى منزلهم ، فهذا الشاب كنت قد تعرفت عليه منذ أول يوم وصلت فيه

الى مدينة دوز واصبحنا أصدقاء ، المهم ما أن وصلنا الى المنزل حتى فوجئت بحفاوة بالغة من أسرة المحافظ فقد كانت زوجته سيدة “وقورة” قالت لى أنها سعيدة باستضافتى فى بيتها لأننى من بلد “فردوس عبد الحميد ” واخبرتنى بأنهم يعشقونها وكانت مفارقة غريبة أنها ذكرت لى نفس ما قالته لى “فتاة الندوة” عن مبررات حبها لفردوس عبد الحميد .. المرأة المصرية الجدعة “الملتزمة” التى لم تتورط فى تقديم أى مشهد ” خليع” طوال مشوارها الطويل مع الفن الراقى.

وقتها شعرت بأن فنانتنا الكبيرة صاحبة فضل فى تلك الحفاوة التى أحاطنى بها الاشقاء فى تونس .

ولأن “وعد الحر دين عليه” فقد قمت بتوصيل هذا “السلام ” وكان ذلك فى المرة الوحيدة التى قابلت فيها فردوس عبد الحميد ، حيث كنت اقوم باعداد برنامج فى إذاعة الشرق الأوسط وكان يقدمه صديقى وزميل الدراسة مجدى كامل الذى اصبح فيما بعد “كبير مذيعى الشرق الاوسط” .. فقد اخذنى معه لتسجيل حلقه مع زوجها المخرج الكبير محمد فاضل وكان ذلك بعد عودتى من تونس بعدة شهور وحكيت لها ما حدث بالتفصيل وسط ضحكات الجميع .

تحية تقدير واحترام لفنانة قديرة احترمت نفسها وقدمت فناً راقياً فاحترمها الجميع داخل وخارج مصر.

ليس هذا وحسب بل اصبحت عنواناً للمرأة المصرية صاحبة “السيرة” الطيبة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى