أراء ومقالاتالموقع

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» كيرة والجن..الأبطال المنسيون

في البداية سعيد أن لدينا مخرج مثل مروان حامد ونجوم سينما مثل أحمد عز وكريم عبدالعزيز، مثل هؤلاء يحافظون على استمرار وتفوق صناعة السينما المصرية العريقة.

السينما متعة والمتعة تتحقق بصناعة جيدة وهو ما توفر لفيلم كيرة والجن من إنتاج كبير وبدون شك الفيلم يعتبر واحدا من أفضل الأفلام المصرية في السنوات الأخيرة، الفيلم يقدم المتعة السينمائية في جميع صورها.

كيره والجن من الأفلام المؤثرة التي تداعب مشاعر المشاهد  بشكل كبير خاصة لحظات القهر وظلم الاحتلال من خلال استرجاع أحداث تاريخية مع افتتاحية للفيلم ممتازة وحادث مذبحة  دنشواي التاريخي.

جرعة الأكشن كبيرة ولكنها تتسق مع موضوع الفيلم الذي يتحدث عن المقاومة الشعبية للاحتلال الإنجليزي التي هزت ثقة جنود الاحتلال في أنفسهم وجعلتهم يتمنون الرحيل عن مصر وهو الفيلم الأول الذي يتحدث بالتفصيل عن أبطال مقاومة تلك الفترة عدا ذلك كنا نشاهدهم خلال أعمال سينمائية بحيث تظهر المقاومة جزء من الأحداث الدرامية في صور مشاهد مظاهرات أو مشاهد عمليات اغتيال لكن بهذا التفصيل لحياة أفراد المقاومة لم يحدث، لذلك الفيلم يكتسب أهمية تاريخية للاقتراب من واحدة من أصعب الفترات على مصر قبل زوال الاحتلال وإلقاء الضوء على أبطال منسيون ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن، مثلما ذكرهم الرئيس عبدالناصر في المشهد الأخير في خطاب جلاء الإنجليز عام 1956، الشعور بالانتماء لوطن والدفاع عنه بالروح لا يباع ولا يشترى وهو أحد القيم الهامة الموجودة في هذا الفيلم.

نجح المخرج في صناعة عالم تلك الفترة بشكل ممتاز وبتفاصيل مدهشة خاصة الديكور والملابس لذلك سريعا ما تعيش في أجواء تلك الفترة الزمنية الجميلة والمؤلمة في نفس الوقت.

المشكلة الأكبر في زمن الفيلم الكبير السيناريو كان يسير بشكل جيد جدا ورواية للأحداث بشكل مشوق حتى الساعة الأخيرة والنهاية حيث وجدت تعجل في نهايات الشخصيات بدأ يحدث بعد جرعة كبيرة من المتعة والتشويق ورفع سقف التوقعات عاليا ولكن تراجع السيناريو تحديدا عقب وفاة دولت فهمي ، كان ممكن الاستغناء عن الجزء الأخير ونهاية الأحداث، مثلا عن طريق الراوي ليعلمنا بنهايات باقي الأبطال، هنا كان السيناريو أغلق الأحداث وهو في القمة، ولكن فجأة نجد “الهلباوي” يظهر ويقنع الجن بضرورة عودة كيرة وسفرهم، ثم مشاهد أكشن في تركيا كانت الأضعف في العمل وبعضها غير منطقي باستثناء مشهد معركة كيرة وهارفي في مياه البحر كانت جيدة.

أعتقد كانت الأحداث والشخصيات تحتمل جزء ثان من الفيلم وخاصة أن هناك شخصيات كانت تحتاج لمعرفة تفاصيل أكثر عنها وإعطائها مساحة أكبر، أو اختصار الأحداث كما سبق وذكرت وخاصة النهاية كانت صادمة بعض الشيء للمشاهدين وحزينة أيضا.

ولكن هذا لا يؤثر كثيرا على التقييم العام للفيلم هو حدث سينمائي في 2022 بكل تأكيد ويؤكد أن الصناعة بخير.

من مميزات الفيلم إنه أعطى جرعة سينمائية متنوعة لم يكتفي بالأكشن والتشويق والأجواء السياسية ولكن كان هناك الخط الرومانسي قصة كيرة مع إيميلي وقصة الجن مع دولت ممكن القول الخط الرومانسي الأول تفوق على الخط الثاني ومنحه السيناريو فرصة أكبر، في حين قصة الجن ودولت كان يجب منحها مساحة أكبر لا تتذكر  سوى مشهد الرقصة بينهما وخفة ظل الجن “أحمد عز” كانت مميزة.

أيضا مشهد ذهاب الجن وضربه لشقيق دولت لم يكن له داعي في السيناريو حتى رد فعل الأم كان باردا، المشهد غير مبرر وحذفه كان أفضل.

شخصية الهلباوي “سيد رجب” تحول إلى النقيض دون تمهيد وتبرير مقنع وأيضا كيف ترك المحقق هارفي دولت فهمي رغم أنها على قائمة المطلوبين لو كان تم اعتقالها وماتت في السجن كانت نهايتها أفضل دراميا طالما لا نؤرخ لتلك الفترة كما هي.
عنصر التمثيل كان متميزا جدا أحمد عز أكثر النجوم  تحقيقا لنجاحات فنية في السينما المصرية في السنوات الأخيرة وساعده على ذلك اختياراته الجيدة والمتنوعة، قدم واحد من أفضل أدواره وحافظ على انفعالات الشخصية في لحظات الرومانسية بخفة ظل مقبولة ولحظات الجد والانتقام ولحظات الانكسار مع موت والده وصديقه.

كريم عبدالعزيز كنت أعتقد أن سقف الأداء الذي قدمه مع شخصية الطبيب يحيى راشد لن يصل إليه مرة أخرى ولكنه نجح هذه المرة أيضا في تقديم شخصية ستظل لسنوات تتذكرها.

هند صبري كما هي موهوبة ومتمكنة وقدمت أداء جيد جدا لشخصية دولت ومن أفضل مشاهدها وهي تتحدث مع شقيقها داخل الكنيسة.

وكانت مفاجأة في الأداء بالنسبة لي الممثلة اللبنانية رزان جمال حضور قوي وجذاب هي ممثلة جيدة وتستحق فرص أكبر.

أيضا سيد رجب وأحمد كمال وأحمد مالك قدموا أداء جيد ومعهم باقي فريق التمثيل في حدود السيناريو.

قبل أن انتهي يجب أن أشير لتميز العناصر وراء الكاميرا تصوير أحمد المرسي وموسيقى هشام نزيه مونتاج أحمد حافظ وملابس ناهد نصرالله وديكور باسل حسام والمؤلف أحمد مراد.

” الثوار يبدأون الحرب علشان يوقفوا الحرب ” من الجمل التي توقفت أمامها بين إيميلي وأحمد كيرة، وأزيد هنا الثوار يحافظون على الأوطان ولا يزال هناك قصص كثيرة لبطولات في تلك الفترة ومعها حرب الاستنزاف تستحق أن تروى، وأتمنى أن تكون البداية مع فيلم عن معركة رأس العش.

نادرا ما شاهدت فيلم عربي مرتين في يومين متتاليين ولكنه حدث مع كيره والجن.

 

اقرأ ايضا للكاتب :

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» ماذا حدث للمصريين

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» top gun وتأديب الدول المارقة!

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«لموقع» أنتوني كوين.. القصة هي المشكلة والحل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى