أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» سلب الحرية

إن مسّ حرية الفرد حتى لأتفهِ شيء يخصه، كاختيار لون حذاء أو تقليم أظافره، أو لأعظم شيء يخصه، كاختيار معتقداته أو شريك حياته، لا يختلف عن قتله، يموت الفرد رويدا رويدا كلما سُلبت منه حرية الأشياء.‏تحقيق أي مجتمع لأيِّ مستوى حضاري ومعرفي حقيقي، مرهون بتحقيق الفرد لذاته، مناط بامتلاكه حرية يستطيع بها الانسجام مع مبادئه وقناعاته ومُعتقداته، فقدان هذه المساحة يعني فقدان حقيقة كل شيء.

القمع والإكراه الذي يتعرض له الفرد منذ الصغر تحت ذريعة التربية والتوجيه والطاعة شوهت تعاريف الحياة وأفرزت مجتمعات عديمة الإحساس بقيمة الإنسان كفرد، وفاقدة لإدراك معنى الحرية كأصل ارتكاز للصدق والحقوق. ‏التربية مبدأ مختلف تمامًا عن كل هذا الحاصل، فرض التوجهات والقناعات ليس تربية، التأنيب حال التساؤل والاختلاف ليس توجيهًا، انصياع الفرد لأفكار على أنها أفكاره بالإكراه والإرغام والبرمجة ليست طاعة حقيقية، إن السلوك والشعور والقناعات غير النابعة من حرية الاختيار كذبة وخدع وهمية، ‏كبح عقلية الفرد منذ الصغر وتأطيرها ضمن سياج السائد المطلوب تسلب منه الإحساس بالقيمة، قيمة ذاته كإنسان مسؤول له كيان واستقلالية، أن يكبُر بلا وجود فعلي لذاته، بل لذواتٍ أخرى لم يخترها ولا يعرفها، لذلك يعجز عن الانسجام والصدق حتى مع نفسه!

‏سلب الحرية يوازي سلب الحياة تمامًا، إن الجثة لا تفعل شيئًا، لا تُفكر، لا ترفض، لا تتحرك، وهكذا مسلوب الحرية حين يعتاد يفقد الإحساس بقيمة ذاته واستحقاقاته، يتحولُ إلى أداةِ سلبٍ أخرى، إنه يمارسُ الشيء نفسه مع من تحته ومن حوله، يُنجب ليسلب قيمَ أطفاله بحجة التربية!

الحرية هي صناعة الذات للذات لا تقليد ذوات، هي صناعة ذاتية داخلية منطلقة من اختياراتي تتجاوز وضعي الراهن وقدرتي على التعالي عليه هي تحمل مسؤولية صناعة وجودي. ‏‎الحرية هي قدرة الذات على الإيجاد وتسخير وجودك من أجل تلك الذات التي تعني مجموع الذوات . ‏الحرية الحقيقية هي الخروج من جهل الشعوب والتبعية العمياء والتعصب الأيدلوجي لأحزاب خارجية اتبعناها لتعبئة فراغ خوائنا المعرفي والايدلوجي،لفقداننا إبداع مفاهيم أصيلة تتماهى مع ثقافتنا الاجتماعية،
عبارةٌ خلّدها التاريخ ل “نيلسون مانديلا”. ليس حرًا من يُهان أمامه إنسان، ولا يشعر بالإهانة، نيلسون مانديلا هذا الرجل الأسطوري الذي استطاع بكفاحه وصبره وتجلّده وطموحه أن يتغلب على قانون الفصل العنصري البغيض.

أغلب المصابين بالرهاب الاجتماعي يعانون من نزعة الكمال، لا يريد أن يقع في أي خطأ، يتوخى الحذر من أي نقد أو رأي سلبي من الآخرين عليه، فما بالك لو حدث الأسوأ وهو السخرية والاستهتار به!!

إذا أخطأت وتلعثمت فاضحك مع من ضحكوا وتجاوز وواصل أداءك، لا تعطي آراء الآخرين أكبر من حجمها فتعليقاتهم عابرة وزلتك ستنسى، ولا تظن أنهم يراقبونك بالحدة والتركيز التي يصورها لك القلق الاجتماعي فكلٌ منهم مشغول بنفسه أكثر من انشغاله بك.
وتذكر بأن الثقة هي شجاعة ارتكاب الخطأ على الملأ. واجه خوفك من النقد وتقبله إن حدث، ولا تطالب نفسك بالكمال بل بالتعلم والنمو، تخفف من حديثك!

اقرا ايضا للكاتب :

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» شماعه الأخطاء

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» الجذور والأصول

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع»: المحاولات والتجارب

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى