أراء ومقالاتالموقع

محمد الكفراوي يكتب لـ«الموقع» عن روبي وابن عربي وأشياء أخرى

الفن ليس له حدود ، ليس له قواعد ثابتة أو نمط واحد ، فهدف الفن غالبا هو اللعب على مشاعر الجمهور والتماس معها، أو تحويل القطعة الفنية سواء كانت موسيقى او اغنية او لوحة أو عمل نحتي او قصيدة أو غيره إلى انعكاس لمشاعر متباينة داخل النفس البشرية . هذا ما يسعى له الجميع ويحاولون الوصول إليه وكلما اقترب الفنان من تلك الغاية ، كلما اكتسب نجاحا وشهرة ومحبة الجمهور .

بمجرد سماع اغنية ” حتة تانية ” للفنانة روبي لا اعرف لماذا استدعت ذاكرتي مقدمة مسلسل السبع وصايا ، الذي عرض في شهر رمضان قبل 7 سنوات تقريبا ، عام 2014 ، وأثار جدلا كبيرا وقتها ، المقدمة التي تحمل كلمات شيخ التصوف العلامة الفقيه محيي الدين ابن عربي ، هي قصيدة يقول مطلعها ” فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما ” هذه المقدمة الغريبة والمختلفة عن السائد والمألوف وقتها في المسلسلات التليفزيونية، اكتسبت شهرة كبيرة من خلال لحن الموسيقار هشام نزيه ، الذي ظل يتردد صداه في وجدان كل من أحب هذا العمل الفني البديع الذي يبدو كزلزال يغوص في اعماق النفس البشرية ويصل إلى حالة من التجلي المرتبطة بالصوفية، ورغم صعوبة الكلمات وقدمها وانتمائها لمعجم صوفي نخبوي للغاية، إلا ان توظيف المجموعة لتقديم الكلمات مع اللحن استطاع أن يخلق حالة فنية مخيفة، لدرجة أن البعض اعتبر المسلسل مسلسلا دينيا رغم أنه مسلسل اجتماعي ينحو إلى السريالية .

في المقابل جاء لحن ” حتة تانية ” الراقص الخفيف المتواتر ليعبر عن حالة حب لطيفة بكلمات بسيطة قدمتها روبي بطريقتها المحملة بتاريخ من الأداء الإيروتيكي المحبب للجمهور . وربما يكون الشبه بين اللحنين الثقيل المشبع بكلمات صوفية والخفيف الروح والدم هو قدر الجمال الكامن في كل منهما ، وإن كانت الجماهيرية هي المقياس الوحيد فبالطبع أغنية روبي هي التي تكتسح ، لكن عند الوقوف على أصول الفن وقيمته والمغامرة فيه فلا شك أن لحن السبع وصايا كان الأخطر والأهم . لكن يظل الشبه بينهما الذي قد تلاحظه الأذن المجردة بعيدا عن النقد الأكاديمي الذي يزن المسألة بالورقة والقلم والمازورة ، تقاربا في الروح الفنية او الحالة الحركية التي أراد الاثنان تقديمها في اللحن .

كل هذا يضعنا أمام معضلة الإبداع والتأثر ، ففي التأليف الموسيقي هناك مبدعون حقيقيون وهناك من يتأثر بهم ويحاول ان يقدم نمطا يشبه ما يقدمونه ليحظى بالقيمة والفائدة الكبرى التي يمثلها الإبداع ، وفي الوقت نفسه يقوم بتطويعه في قالب سهل بسيط محبب، بحيث يحظى بمحبة أكبر قدر ممكن من الجمهور .

الفكرة نفسها قدمها فنانون كبار ومبدعون لهم وزنهم، بداية من القصائد المغناة لكبار المطربين مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ، انتهاء بكاظم الساهر الذي غنى الكثير من قصائد نزار قباني . والهدف الأساسي هو الوصول بهذا الفن النخبوي إلى الجمهور العام .

نرشح لك

محمد الكفراوي يكتب «الموقع» معرض الكتاب في الميزان

نرشح لك

تعرف مع الكفراوي على أبرز ما فاتك في معرض القاهرة للكتاب

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى