أراء ومقالاتالموقع

محمد الكفراوي يكتب «الموقع» معرض الكتاب في الميزان

أكثر من نصف قرن مروا على معرض القاهرة الدولي للكتاب ، في هذه الأيام وحتى يوم الخميس المقبل تقام الدورة الثانية والخمسين للمعرض في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالقاهرة الجديدة ، وهو احتفالية ثقافية كبرى إن لم تكن الأكبر التي تقام سنويا في مصر ، وتم تأجيله من موعده الأصلي في شهر ياناير إلى 30 يونيو لتفادي الاصابات بفيروس كورونا ، كما تم اتخاذ العديد من الاجراءات التنظيمية والوقائية لمنع العدوى ، أهمها تحديد عدد الزوار يوميا 100 ألف زائر، وهو تقريبا نصف العدد الذي كان يزور المعرض يوميا في السابق، وحجز التذاكر إلكترونيا ، وهي تذاكر مجانية ، وبالنسبة للنشاط الثقافي تم تحويله من نشاط فعلي في قاعات مغلقة إلى منصة إلكترونية تبث ندوات شعرية وثقافية وفنية تم تسجيلها مسبقا .
من المعروف ان المعرض أقيم هذا العام في ظروف استثنائية ، ومن المؤكد أن إقامته استهدفت بالاساس انقاذ قطاع النشر الذي يصل حجمه إلى مليارات الجنيهات ، والذي عاني على مدى عام ونصف من جائحة كورونا ، بسبب قلة الاقبال على شراء الكتب والغاء معارض الكتب والتجمعات بشكل عام ، فتراجعت القوى الشرائية ، وهدد شبح الكساد هذا القطاع الذي يعتبر من أهم القطاعات الثقافية .

لهذا السبب تقرر إقامة المعرض مع أخذ الاجراءات الاحترازية ، كما تم اقامة معارض الكتب في العديد من الدول العربية مثل الامارات والعراق وغيرهما ، وهو قرار صائب ولا يخلو من وجاهة حتى تتعافى الصناعة الثقافية الأهم التي عانت كثيرا بسبب كورونا .

لو وضعنا معرض الكتاب هذا العام في ميزان مع المعرض في سنواته السابقة ، من المؤكد أن الكفة لن تميل لصالح العام الحالي ، على مستوى الاقبال والنشاط وحماس الجمهور في الحضور والبيع والشراء ، فالقوة الشرائية للجمهور ضعيفة ، أزمات مادية متتابعة تعرض لها الكثيرون بسبب فيروس كورونا ، وانعكس ذلك بشكل مباشر على القوة الشرائية في مجالات عدة ، وهو ما حدث بالطبع في مجال المنتجات الثقافية او في مجال النشر . وإن كانت الوزارة أطلقت مبادرة ” ثقافتك كتابك ” لمواجهة ارتفاع أسعار الكتب في دور النشر المختلفة ، بحيث تكون هناك كتب متاحة بمبالغ من جنيه الى 20 جنيها ، وهو حل مناسب للزوار الذين لا يستطيعون شراء الكتب مرتفعة السعر ، لكن تبقى هناك أزمة في دور النشر نفسها التي ربما تعاني من عدم البيع او قلة الجمهور ، فالظروف الاستثنائية التي اقيم فيها المعرض في ظل كورونا ودرجة الحرارة المرتفعة وغياب الفعاليات الثقافية على الارض وتحويلها لمنصة الكترونية فضلا عن اقامة المعرض في مركز المؤتمرات الجديد في القاهرة الجديدة وهو بعيد نسبيا عن وسط المدينة أو مدينة نصر التي كان يقام فيها المعرض القديم ، كل ذلك أدى لقلة عدد الزوار ، رغم توفير إمكانيات كثيرة لتفادي هذه العوامل ، مثل التأكيد على ارتداء الكمامات ، والصالات المكيفة بالكامل ، واتاحة المواصلات الى المعرض من كل الميادين في اتوبيسات مكيفة ، رغم ذلك الا أن الحضور لم يكن كالسنوات السابقة ، ما عدا في أيام قليلة مثل يوم الجمعة 9 يوليو. كما اعتمد الناشرون أو العارضون على عقد الاتفاقيات البينية باعتبارها المكسب الاساسي او الفرصة الوحيدة لتعويض خسائر الفترة السابقة .

خلال أيام ينتهي المعرض، هذا الحدث الثقافي الأهم ، الذي يعتبر فرصة لمعرفة واقتناء الكتب والتواصل بين القراء والناشرين وبين الناشرين وبعضهم البعض ، ومن المؤكد ان جميع من حضروا المعرض أو تمنوا حضوره ينتظرونه العام المقبل في موعده القديم خلال شهر يناير من كل عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى