أخبارالموقع

في ذكرى نصر العاشر من رمضان.. حكاية البروفيسور محمود سعادة.. لولاه ما بدأت الحرب

كتبت – دعاء رسلان:

في مثل هذا اليوم، رفع الجيش المصري راية النصر على الاحتلال الإسرائيلي، وأعلن تحرير بلاده من العدوان، وسط الحرب والحر والصيام والنار، إنها ذكرى انتصارات 6 أكتوبر 1973 الموافق 10 من رمضان، التي تحل اليوم السبت.

لم تتوقف انتصارات العاشر من رمضان على الخطط العسكرية فقط، ولكن كانت حربا شارك فيها جميع فئات المجتمع، ولعل الدكتور محمود يوسف سعادة، واحد من أساطير حرب أكتوبر، الذي لعب دور بارز في الانتصار.

الدكتور محمود سعادة، كان أستاذ بقسم التجارب نصف الصناعية بالمركز القومي للبحوث ثم شغل منصب نائب رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا ومدير مكتب براءة الاختراع في التسعينات ثم أستاذا متفرغا بالمركز القومي للبحوث حتى توفاه الله تعالى في 28 ديسمبر 2011، وقد حاز على جائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون.

بدأت حكاية الدكتور “سعادة”، في الوقت الذي تزايد فيه قلق المخابرات المصرية من الخبراء الروس والتقارير التي كانوا ينقلونها لرؤساءهم، وقد تم ضبط عمليات تجسس يقوم بها خبراء سوفيت ونقلها لجهات غير معلومة، في الوقت الذي كان من المفترض عملهم على رفع كفاءة الجيش المصري استعدادا للحرب، حسبما ذكري مجموعة مؤرخين 73.

لم تتوقف المواقف الغريبة من السوفيت عند هذا الحد، بل وصلت إلى توقف الاتحاد السوفيتي عن إمداد مصر بإطارات الطائرات، ومن المعروف أن لكل إطار عدد مرات هبوط يتم بعدها استبداله، وكان توقف توريد الإطارات يعني توقف الطائرات عن العمل ومن ثم انخفاض كفاءة القوات الجوية تدريجيا حتى تصل إلى الصفر.

سعى الطيارين المصريين إطالة العمر الافتراضي باحترافيتهم المعهودة عن طريق تقليل قوة الهبوط على الأرض وجعل الهبوط أكثر هدوءا لتقليل استهلاك الكاوتش، وكان ذلك حلا مؤقتا، بينما في الدفاع الجوي فقد تضاعفت المشكلة بسبب وقود الصواريخ، وأنه كان له فترة صلاحية محددة، كما أن السوفيت توقفوا عن توريد وقود الصواريخ.

وقود الصواريخ، كان بمثابة العمود الفقري للاستعداد للحرب، وأنه دون ذلك لم يكن هنا سبيل لها، ولكن الدولة سعت سرا للوصول لحل لهذه الأزمة بين العقول المصرية، حيث توجه اللواء محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي إلى العلماء المصريين المدنيين، وفي سرية تامة تم عرض المشكلة عليهم.

الدكتور محمود يوسف سعادة، كان من بين العلماء الذي حاول للوصول لحل لأزمة وقود الصواريخ، حيث انكب على الدراسة والبحث، فنجح في خلال شهر واحد من استخلاص 240 لتر وقود جديد صالح من الكمية المنتهية الصلاحية الموجودة بالمخازن.

النجاح الذي حققه الدكتور “سعادة” في خلق وقود صواريخ صالح من الوقود منتهي الصلاحية، كان بمثابة “فك شفرة” لمكونات الوقود إلى عوامله الأساسية والنسب لكل عامل من هذه المكونات.

تم إجراء تجربة شحن صاروخ بهذا الوقود وإطلاقه ونجحت التجربة تماما، وقد كان لابد من استثمار هذا النجاح فتم تكليف أجهزة المخابرات العامة بإحضار زجاجة عينة من هذا الوقود من دولة أخرى غير روسيا، وبسرعة يتم إحضار العينة، كما تم استيراد المكونات كمواد كيماوية. وانقلب المركز القومي للبحوث بالتعاون مع القوات المسلحة إلى خلية نحل كانت تعمل 18 ساعة يوميا، وتمكن أبناء مصر مدنيين وعسكريين، الذين اشتركوا في هذا الجهد العظيم في إنتاج كمية كبيرة (45 طن) من وقود الصواريخ، وبهذا أصبح الدفاع الجوى المصري على أهبة الاستعداد لتنفيذ دوره المخطط له في عملية الهجوم.

توفير الوقود للقوات الجوية، كانت مفاجأة ضخمة للخبراء السوفييت، الذين كان مازال بعضهم موجودا، وهم الذين علموا بما قام به المصريون دون استشارة أو معونة من أي منهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى