الموقع

فيصل شمس يكتب لـ«الموقع» .. والآن الهجوم على محمد صلاح

حين احترف المدافع المصري الخطير “هاني رمزي” في أحد الأندية الأوروبية لم نصدق أنفسنا، ورقصنا من الفرح والبهجة لأن ابننا البار يطرق أبواب المجد، ورغم وجود عدة لاعبين احترفوا قبله لكنه صمد لمدة 15 عاما كاملة ما بين سويسرا وألمانيا.

صحيح أن الفرق التي لعب لها لم نعرفها جيدا، وكان من الصعب حتى نطق أسمها مثل “كايزر سلاوترن” و”نيوشاتل زاماكس” ، ولم نكن نعرف أحواله ومستوى جودة لعبه، فالتليفزيونات من الأساس لم تكن تنقل مباريات الدوريات الأوروبية على الإطلاق، وصحيح أنه لم ينل جائزة معروفة في الدوري السويسري أو الألماني، لكن في النهاية كان مصدر فخر كبير لجميع المصريين.

لقد تأخرت مصر كثيرا في موضوع الاحتراف في كرة القدم، وكانت القوانين واللوائح خانقة للغاية لمن يريد أن يجرب حظه في أوروبا، في الوقت الذي كانت بلاد أفريقيا متخمة باللاعبين المحترفين، لكنه كان عذرا جيدا حين نواجه أحد الهزائم في البطولات الأفريقية، فكان المعلق دائما ينعى هزيمتنا بوجود تسعة لاعبين من الفريق المنافس محترفين في أوروبا بينما نحن لا يوجد لدينا غير القليل ومنهم هاني رمزي.

هذا التأخير الطويل جعل لاعبينا لا يفهمون اللعب قي أوروبا بشكل جيد، وفيما أثبت الكثير من اللاعبين الأفارقة والعرب أنفسهم في الأندية الأوروبية بعد سنوات طويلة من الاحتراف، كان لاعبونا يخطون على استحياء هنا وهناك لإثبات وجودهم فقط، ولم نكن نطمع في أكثر من ذلك على اعتبار أننا مبتدئين في هذا العالم الاحترافي المرعب، حين أحرز “عمرو زكي” 10 أهداف في الدوري الانجليزي رقصنا طربا مرة أخرى، وأيضا لم نطمع في أكثر من ذلك، وطبعا ظهرت إنجازات قليلة بعد أن تم فتح باب الاحتراف الأوروبي على مصراعيه وظهرت أسماء مثل “محمد زيدان” و “أحمد حسام” وغيرهم

حتى ظهر فجأة “محمد صلاح” وأربك كل حسابات السنين والتوقعات الخجولة لمستقبل الكرة المصرية، فاللاعب الذي بدأ حياته في نادي “اتحاد بسيون” صار ينتقل بسلاسة غريبة بين أندية معروفة في الدوريات الكبرى مثل بازل السويسري، تشيلسي الانجليزي، روما الإيطالي ثم قفز إلى ليفربول الانجليزي وهو واحد من أقوى وأعرق أندية العالم، كل ذلك ولا زال الموضوع في إطار التمثيل المشرف والموهبة اللطيفة، لكن يفاجئنا “محمد صلاح” بحصوله على لقب هداف الدوري الانجليزي مرتان وأحسن لاعب في الدوري مرتان وجائزة بوشكاش لأحسن هدف وينال الألقاب المحلية والأوروبية والجوائز المتتالية ولا زال يمتعنا ويشعرنا بالفخر ويصنع أفضل تسويق سياحي لمصر وللشخصية المصرية على مستوى العالم.

هل نسكت؟ هل نحترم أنفسنا؟
طبعا لا، فالبعض يملأه الحقد الأحمق ونوازع الغيرة ولا أقصد فقط من هاجم “محمد صلاح” مؤخرا بل إنني ألمح هذه الإشارات منذ فترة طويلة في أحاديث أو صمت الكثيرين ومن بينهم لاعبي كرة حاليين أقصى ما حققوه هدف في اللحظة الأخيرة في مباراة محلية ساذجة ومن بينهم معلقين ومحللين كرويين وغيرهم وغيرهم.

القصة الكلاسيكية القديمة للغاية عن (حزب أعداء النجاح) يبدو أنها متحققة فعليا وليس بالسهولة أن نتخلص منها، البعض يغرق في ذاته المجروحة أو المقهورة أو عديمة الأهمية لدرجة استباحة كراهية أي نجاح مهما كان قويا وساطعا.

دعك من كرة القدم، يمثل “محمد صلاح” الشاب المصري الموهوب المجتهد الذي يحافظ على زوجته التي تزوجها في القرية ولم تلعب برأسه أوروبا وفتياتها، يمثل الاحترام والارتباط بالجذور، فرغم قدرته على شراء عشرة فيلات في أرقى كومبوندات مصر لنفسه وأهله ليعيشوا فيها في هناء تام ودون أن يلومه أحد، لكنه لم يفعل ذلك ولا زال حين يهبط مصرا يعود إلى قريته ويقضي أجازته في بيت والده وسط أهل القرية، يمثل الشخصية المحبوبة الطيبة وهو ما يقوله عنه زملاؤه ومدربه وإدارة النادي وجمهور ليفربول، وحتى سكان مانشستر التي يعيش فيها، بل وحتى الأمير وليام ولي عهد المملكة المتحدة وزوجته، يمثل التسامح المصري العميق الذي أدى بإسهاماته الشخصية إلى تراجع كراهية المسلمين في المملكة المتحدة حسب دراسات علمية.

هذا السفير المبجل يستحق الاحترام والتقدير مننا جميعا، مثلما يستحق الانتقاد المحترم، ولن نخوض في أقاويل البعض التي لا تستحق الذكر.

اقرأ ايضا للكاتب : 

فيصل شمس في أول مقالاته لـ«الموقع» يكتب صلوا على النبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى