الموقعتحقيقات وتقارير

الولادة القيصرية في مصر «سبوبة» وشق بطون بلا داع.. «الموقع» يحقق ويكشف مخاطرها وأهم أسبابها

عبدالستار: البرازيل قضت على القيصرية.. ومصر الأولى عالميا

تكلفة القيصرية تكفي لإنشاء مستشفي جديدة كل عام

متوسط أسعارها 30 ألف فى الخاص..و5 آلاف في العيادات

“بيومي”: بعض الأطباء يوهم السيدة بحاجتها للقيصرية بلا مبرر

” جبريل”: 15 دقيقة أفضل للطبيب من 12 ساعة ..ومطالبات بحملات قومية للتوعية بمخاطرها

تحقيق- أسماء مدحت ومنه وهبة

حكايات تمتلأ بهن “جروبات” نسائية، تحكي بعضهن عن أطباء أخبروهن بحاجتهن للولادة القيصرية، وحاولن إقناعهن بها؛ وأنها الأكثر أمانًا من الولادة الطبيعية! لا وحذروهن من خطورة الولادة الطبيعية، ومدى صعوبتها، وآثارها المحتملة على الجنين…

في النهاية يخضعن للقيصرية اعتقاداً منهن أنها الأكثر سهولة، لن يتعرضن فيها لأي ألم مثلما يحدث في الولادة الطبيعية.

بل وفي بعض الأحيان، تطلب السيدات الولادة القيصرية لأنها لن تستطيع تحمل آلام “الطلق”، ويستجيب الطبيب على الفور، دون أن يرى سببا طبيا لإجراء هذه العملية الطبية…

«الموقع» يرصد في هذا التحقيق، زيادة نسبة الولادة القيصرية في مصر في هذه الآونة، بدرجة غير مسبوقة، للحد الذي تم تصنيف مصر وفقا لمنظمة الصحة العالمية أنها الدولة الأكثر في العالم إجراءً لهذه العملية وبدون داع طبي أو سبب علمي…

يكشف التحقيق اشتراك الطبيب كمسؤول عن شيوع العمليات القيصرية في مصر، مع وجود اقتصاد خفي قدره البعض بـ 3 مليار جنيه سنويا، يشترك فيه الطبيب والمستشفى، إذ يبحثون عن الأكثر ربحا والأعلى أجرا وهو ما توفره الولادة القيصرية مقابل الطبيعية…

كما يسلط التحقيق الضوء على أضرار الولادة القيصرية وتأثيرها السلبي الذي قد يكون سببا فى وفاة الأم أو حرمانها من الإنجاب ما تبقى من عمرها!

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء، فإن أرقام الولادة القيصرية في مصر تؤكد أن 72% من السيدات يخضعن للولادة القيصرية، في حين تقول المنظمة العالمية للصحة إن الولادة القيصرية لا يجب أن تتخطي نسبتها من 10% إلى 15% من إجمالي عدد عمليات الولادة التي تحدث سنويا.

أسعار الولادة القيصرية في مصر
الدكتور شادي عبدالستار، رئيس الجمعية العربية لطب الجنين، يقول إن أسعار الولادة الطبيعية أو القيصرية تتفاوت بنسبة كبيرة على حسب المكان الذي تحدث فيه عملية الولادة، فمثلًا : في المستشفيات الخاصة أو المستشفيات الكبرى قد يتراوح سعر الولادة بها من 15 ألف إلى 30 ألف جنية، أما في المستوصفات والمستشفيات الصغيرة تصل سعر الولادة بها إلى 5 آلاف جنيه، وبصفة عامة سعر الولادة القيصرية أغلى من الولادة الطبيعية.

ويضيف عبدالستار، أنه وفقًا لجهاز مركز الإحصاء فأن نسبة الولادة القيصرية في مصر تقدر بنحو 72% في حين أن منظمة الصحة العالمية تقول إن الولادة القيصرية لا يجب أن تتخطي نسبتها من 10% إلى 15%، وأكثر من 50% من السيدات في مصر يتم شق بطونهم دون داعي طبي، و نسبة الولادات الطبيعية في المحافظات الحدودية التي لا توجد بها خدمات مصرفية جيدة كثيرة، أما في المحافظات الحضرية مثل: القاهرة وبورسعيد وإسكندرية والسويس تصل نسبة القيصرية بها لأكثر من 72%.

• البرازيل قضت على الظاهرة

أوضح “عبد الستار”، أن البرازيل كانت تعاني من أنها الدولة الأولى في العالم في ارتفاع نسبة الولادة القيصرية بها، وقامت رئيسة وزراء البرازيل حينها، بحل هذه المشكلة عن طريق إنشاء صندوق به 10 مليار دولا؛ لخفض معدل الولادات القيصرية، وعمل حملات توعية للشعب بفائدة الولادة الطبيعية وخطورة الولادة القيصرية.

وللأسف معظم السيدات والآنسات المقبلين على الزواج حاليا يعتقدن أن الولادة القيصرية هي النعيم والولادة الطبيعية هي الجحيم وهذا غير حقيقي لأن كل الكائنات الحية تلد طبيعي والقيصري هو الاستثناء.

• حملات توعوية

ونصح استشاري النساء والتوليد، أنه يجب أن نزيد وعي السيدات عن طريق البرامج التليفزيونية والحملات الإعلانية المكثفة وعودة ما يسمي بـ “الرائدة الريفية” وهي بنت شابة حاصلة على دبلوم يتم تدريبها وكانت تزور السيدات قديمًا في البيوت للتحدث عن وسائل تنظيم الأسرة ونصح السيدة الحامل أن تذهب للوحدة الصحية لكي تأخذ التطعيمات ومتابعة الحمل، لافتا إلى أنه يجب توعيتهم وإعطائهم تدريب مكثف عن أهمية الولادة الطبيعية ومخاطر الولادة القيصرية على الأم وعلى المولود.

وتابع، يجب توفير الأجهزة اللازمة في المستشفيات الحكومية والخاصة التي تساعد على الولادة الطبيعية مثل: جهاز CTG الذي يعمل على متابعة انقباضات الرحم عند السيدات أثناء الولادة ومتابعه ضربات قلب الجنين، فإذا زادت قبضات الرحم عن اللازم سوف يؤثر علي ضربات قلب الجنين ومن الممكن أن يتوقف قلبه، وفي هذا الوقت نستطيع أن نلحق الأمر بالولادة القيصرية.

وكشف “عبد الستار”، أن هناك ما يسمي بـ “البارتوجرام” وهو عبارة عن ورقة يتابع بها الأطباء تقدم الولادة الطبيعية ويجب أن تتوفر في جميع المستشفيات للحد من الولادة القيصرية، فإذا كانت مؤشرات هذه الورقة طبيعية فتتم عملية الولادة الطبيعية، واذا شعر الطبيب أن الولادة تأخرت بشكل معين وبها بطء فيضطر أن يلجأ إلى التدخل بالولادة القيصرية لمنع حدوث أي مشاكل للجنين.

وطالب، بوجود قانون يحمي الطبيب والفريق الطبي بشرط أن تكون وزارة الصحة لديها إرشادات بكل حالة وأن يتبع الطبيب هذه الإرشادات، لأنه إذا حدث للجنين أي مشكلة عقب حدوث الولادة الطبيعية يتم عمل محضر ضد الطبيب.

٠الاقتصاد الخفي

وأكد عبد الستار، على أن مستشفي قصر العيني والتي كان تلجأ إليها الحالات المعقدة، أصبحت الأعلى في نسبة الولادات القيصرية، وذلك بسبب عجز بعض الناس عن دفع تكاليف القيصرية في العيادات أو المستشفيات الخاصة.

كما يرى، أن رفع سعر الولادة الطبيعية لكي تصبح أغلى في السعر من القيصرية هو الطبيعي؛ لأنها تستغرق وقتا أكثر مع الطبيب، في حين أن القيصرية لا تستغرق أكثر من نص ساعة أو ساعة إلا ربع بحد أقصي، وبالتالي هي بالنسبة للطبيب إجراء أسهل وأكثر ربحا.

نرشح لك : بعد تصريحات «أبو القمصان» المثيرة للجدل.. هل يجوز أن تأخذ الأم أجر على رضاعة طفلها؟

وهناك إحصائية تقول إنه لو جمعنا التكلفة التي تتحملها الدولة نتيجة عمليات الولادة القيصرية غير المبررة، كان يمكن أن نفتتح كل عام مستشفى نساء وتوليد تعليمي في حجم مستشفي الجلاء التعليمي بالقاهرة.

• مخاطر القيصرية

مخاطر الولادة القيصرية كثيرة، منها أنه ينتج عنها مشيمة ملتصقة قد تنتهي باستئصال رحم الأم، ومن ثم تفقد الأم قدرتها على الإنجاب بقية حياتها…

وأصبحت المشيمة الملتصقة هي بمثابة كابوس يؤرق كل الأطباء وسببها الرئيسي تكرار وزيادة معدلات القيصرية في العالم كله.

أما قرار الحد من الولادة القيصرية حاليا فلا يجب أن يكون قرار طبيًا بل يجب أن يكون قرارا سياسيا، ويجب على الدولة اتخاذ قرارًا بشأن هذه المشكلة القومية وحلها.

• أسباب القيصرية

الدكتور خالد بيومي، أستاذ النساء والتوليد بجامعة الزقازيق، يقول إن الاحصائيات الأخيرة في مصر تشير إلى غرتفاع نسبة عمليات الولادة القيصرية في مصر إلى 75%، والسبب أن أغلب السيدات بمصر يفضلن إجراء الولادة القيصرية عن الولادة الطبيعية.

ويوجد أسباب عديدة للولادة القيصرية منها ارتفاع سن الزواج والمستوى الاقتصادي المتدني والأمراض المصاحبة للحمل والسمنة وعدم ارتخاء العضلات وأسباب أخرى عديدة، بالإضافة لرغبة الدكتور في الحصول على الأموال وسرعة الولادة والكثير من الناس يعتقدون أن الولادات القيصرية آمنة وذلك غير صحيح.

وتابع “بيومي”، أن حل هذه المشكلة يعتمد على الدولة عن طريق إطلاق الحملات القومية عبر التلفزيون والاعلام وسائل التواصل الاجتماعي، فالنظام الطبي في مصر من الصعب أن يسيطر على هذه المشكلة إلا إذا قامت وزارة الصحة بفرض قوانين على الأطباء والمستشفيات.

وعلى سبيل المثال إذا كانت سيدة أول مرة تلد وتريد الولادة القيصرية فيجب أن نجد أولا أسباب طارئة للجوء لهذا الحل، مع وجود متابعة ومراجعة وعقاب حازم لمن يخالف القواعد المتفق عليها وذلك يحتاج إلى تكاتف الجميع.

ويجب أن نعترف، أنه يوجد بعض الأطباء الذين ليس لديهم ضمير حتى اذا كانت السيدة لا تحتاج لولادة قيصرية يقومون بإيهامها أنها تحتاج إليها وهذا واقع نعيشه.

نرشح لك :تراجعت ولا بنزيد .. لماذا يتخبط المصريون بسبب الزيادة السكانية بعد بيان التعبئة العامة والإحصاء؟

وبحسب “بيومي” فإن هناك مخاطر كثير للولادة القيصرية رغم التقدم الحالي وتوفر الإمكانيات، لكن هناك مخاطر كبيرة، منها..دخول الأم في التصاقات لا يمكن الإفاقة منها لآخر العمر وفي الحمل الثاني يمكن حدوث ما يسمي بـ “التصاق المشيمة” وفي حالة حدوث ذلك من الممكن أن يؤدي إلى وفاة الأم وإذا لم يقم الطبيب بتشخيص الحالة بشكل صحيح سوف تموت الأم واذا تم تشخيصها تحتاج إلى طبيب جراح ذو كفاءة عالية ويوجد مخاطر عديدة اخرى.

• 15 دقيقة أفضل من 12 ساعة

الدكتور محمد جبريل، أستاذ النساء والولادة جامعة الأزهر، يقول إن أعلى نسبة للولادة القيصرية في العالم في مصر فتقريبا تعادل 90%، فمن النادر أن نجد سيدة تلد طبيعي وجميع الاتهامات الموجهة للأطباء صحيحة؛ فالطبيب يفضل إجراء عملية الولادة القيصرية التي من الممكن أن تستمر 15 دقيقة أفضل من الولادة الطبيعية التي ينتظر حوالي 12 ساعة بسبب الطلق.

وأيضا، لايجب أن نغفل أن عدد من السيدات يطلبن الولادة القيصري لتجنب آلام الولادة الطبيعي.

وأوضح جبريل، أن الطبيب يتفادى حدوث أي مشكلة أثناء الولادة لأنه ليس لدينا إمكانيات تساعد في عمل تخطيط للجنين طوال فترة الولادة لأن تكلفة هذا الأمر عالية جدا فمن الصعب أن نراقب الجنين طوال فترة الولادة على جهاز لاكتشاف أي مشكلة ولكن خارج مصر هناك دول توفر هذه الامكانية.

وإذا كانت منظومة الصحة بأكملها تريد أن تحد من زيادة نسبة عمليات الولادة القيصرية، فمن المفترض تنظيم اجتماع كل فترة لمراقبة زيادة نسبة الولادة القيصرية ومناقشة الأسباب التي أدت لذلك وإيجاد حلول لها.

وتابع جبريل، “زمان كان فيه حلول تانية غير الولادة القيصرية مثل محاولة الولادة بالمقعدة والطلق الصناعي “دلوقتي مبقاش فيه الحاجات دي وبقي الدكتور والمريضة بيستسهلوا”.

وبالنسبة لمخاطر الولادة القيصرية فهناك بحسب الطبيب مشكلة “التصاق المشيمة ” وخطورتها فكلما زادت العمليات القيصرية كلما زادت احتمالية حدوث مشكلة “التصاق المشيمة” وكلما زادت نسبة المخاطر بالنسبة للأم، وأيضا هناك مخاطر على الجنين فأغلب الاطفال المولدين عن طريق العمليات القيصرية يحتاجون إلى حضانات التي في أغلب الوقت تكون غير متوفرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى