«الموقع» يفتح ملف السحر والشعوذة في الغربية.. شيوخ: الدجل حرام ..علماء نفس: طريق الجنون.. حقوقيون: التشريع فين؟
الغربية – عاصم هشام
يلجأ بعض المواطنين إلي الدجالين، والمشعوذين، اعتقاداً بأنهم أصحاب الحل السحري للوصول إلى الهدف المراد تحقيقه، أو طوق النجاة، من الازمات أو القادرين على إلحاق الأذي بالغير، ونحن في عام 2021 بالتزامن مع ما يشهده العالم من التقدم العلمي، بالإضافة إلى التوسع في الأفكار، فضلا عن ما تقدمه الدولة في تجديد الخطاب الديني، إلا هناك معتقدات خاطئة، يتبعها البعض، وقد نهت عنها كافة الأديان السماوية من بينها الدين الإسلامي، فذكر حديث لرسول الله «صلى الله عليه وسلم» أخرجه الإمام مسلم، جاء فيه: “من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعون ليلة”.
«بسيون وتنظيف المقابر»
أطلق شباب مركز ومدينة بسيون، في محافظة الغربية، حملة لتنظيف وتطهير المقابر، في جميع القري التابعة للمركز، من أعمال السحر والشعوذة والأعمال الخبيثة، بعد حصولهم علي الموافقات اللازمة، من الجهات المعنية.
يقول محمد سعد المسؤول عن الحملة، انطلقت العمل على تدشين الحملة منذ 3 شهور أثناء عملي في مقابر قرية كتامة، خاصة بعد أن عثرنا على شيء غريب أتضح لنا بعد ذلك أنه «حجاب» ما أضطرنا إلى سؤال عدد من المشايخ الذين أكدوا أن تلك الأعمال لابد من تفك كونها أعمال سحر، وعملنا من أجل ذلك ونجحنا بفضل الله ففي فك هذه الأعمال.
ويشير محمد سعد أن البداية كانت من 4 شباب متطوعين، هو من بينهم عملوا على تخصيص يوم من كل أسبوع، من أجل تنظيف المقابر، واستغلال أيام الأسبوع في الذهاب إلى الحالات، ومعالجتها في المنزل، ونجحنا في إستخراج ما يقرب من 1600 عمل من أعمال السحر، وتم فكهم جميعا، وذلك كله عمل تطوعي دون أي مقابل مادي، وبالإضافة إلى ذلك نجحنا في علاج حوالي 200 شخص.
«نجريج والحالات الصعبة»
ويواصل محمد سعد حديثه لموقع «الموقع» في قرية نجريج وجدنا أسرة كاملة كانت تعاني من ظلم وأذية كبيرة دمرت حياتهم، وفرقت الأحباب وزادت الكراهية بينهم، منذ أعوام وهم لا يجدون سبب لما يحدث لهم من أمراض وغضب ووقف الحال، توجهوا للأطباء المتخصصين ولكن لم يجدوا أسباب مقنعه لما يحدث، قرروا الأستعانة بالمشايخ ورغم ذلك يزداد الوضع سوءاً، وبعد أن تواصل أحد أفراد الأسرة معنا، توجهنا إلي الحالة، وبدأ أحدهم يروى لنا ما حدث معهم، حيث قال أحد أفراد الأسرة أبنت شقيقتي، منفصلة عن زوجها ومقيمة في منزل الأسرة، وشقيقتها تعاني من من نفس المشكلة، لذا ذهبنا إلى 3 شيوخ لمعرفة ما الأمر، وقاموا بعمل 4 أحجبه لوالدهم، وطلبوا منهم وضعهم علي سطح البيت في 4 زوايا مختلفة، ولكن لم يسفر ذلك عن أي علاج بل ازداد الوضع صعوبة ويتصاعد كره الزوج لزوجته ونجلته ووالدة الزوج كذلك أيضا، للتحول حياتهم إلى جحيم يسيطر عليه الكره والغل، ما أخذ الأسرة إلى الدمار، وزاد على ذلك اصابة الأب بنزيف وتليف كبد، وكسل عن الشغل، والأم كذلك، وأولادهم البنات ابتعدوا عن أزواجهم، وبفضل الله اتسطعنا من خلال الحملة التغلب على كل الصعاب والوصول الي علاجهم لتعود حياتهم إلى طبيعتها.
وأشار محمد سعد إلى أن الحملة نجحت في تنظيف 9 قري داخل مركز بسيون حتى الآن، ومازال العمل مستمر، حتي ننتهي من تنظيف جميع مقابر المركز، ونجحت الحملة في العثور على عدد من الأعمال داخل بعض المقابر ولكن لا تستطيع التعامل معها، إلا بعد الاستئذان من أصحابها، ويتم تميز المقبرة بعلامة لتمكن من الرجوع لها بعد الاستئذان.
ومن جانبه، أشار سعد عيد أحد أفراد الحملة، أنه بعد الانتهاء من تنظيف المقابر بقرية كتامة، قام الأهالي بالتعاون مع بعضهم البعض، وبالتنسيق مع الجهات التنفيذية، لرصف المقابر بالإنترلوك، وتركيب كاميرات مراقبة، وإنارة وعمل استراحات، وتعين أفراد حراسة، لمنع استخدام المقابر، في هذه الأعمال الخبيثة مرة أخرى.
«مقابر الدلجمون نظيفة»
قام بعض من شباب قرية الدلجمون بكفر الزيات بعمل حملة لتنظيف المقابر أسوة بما فعله شباب مركز بسيون، وخصوصا بعدما أصيب أكثر من شخص بالقرية ولم يستطع أحد من الأطباء تشخيصهم، لسلامة جميع الفحوصات، اتفق الشباب فيما بينهم علي عمل حملة لتنظيف المقابر.
يقول تامر البقلي أحد أبناء القرية، قبل أن تنطلق الحملة، قمنا بالاستئذان كبار العائلات بالقرية بجانب استخراج التصاريح اللازمة من الجهات المعنية، وضمت الحملة عدد من الشباب المتطوعين ورئيس المتابعة بالوحدة المحلية بالدلجمون.
وأضاف مبروك عطية احد المشاركين بالحملة استطعنا العثور على أكثر من 200 عمل من أعمال السحر والشعوذة داخل المقابر أبرزها تماثيل مصنوعة من الشمع, وملابس وأكفان وعظام وزجاجات وأقفال وعرائس بلاستيك, جميعها مدون عليها طلاسم وعبارات مكتوبة بدم الحيض.
كما أشار عادل علي أنه تم فك جميع هذه الأعمال بعد تلاوة آيات قرانية عليها ووضعها بماء به ملح وكان من ضمن الأعمال الذي عثرنا عليها عمل لعريس وعروسة, مدون علية الاصابة بالسل والسرطان والفراق، موضح أن العروسة كانت غاضبة عند أهالها منذ أكثر من سنتين دون سبب مقنع وبعد فك العمل الخاص بها قامت بالاتصال بزوجها، قائلة “تعالي خدني أنت سايبني هنا ليه”، وعلق الشيخ محمود قائلا أن السيدة عندما تركت بيت زوجها كانت في حالة فقدان واعي، ولم تدرك ماقمت به وبعد فك العمل الخاص بها علمنا انها قامت برجوع الي زوجها مرة اخري والأمور استقرت بينهما.
وناشد أفراد الحملة المواطنين بعدم الذهاب إلى الدجالين، وعليهم الإلتزام بالصلاة، وقراءة القرآن الكريم، وكثرة الإستغفار، وننصح الجميع بعدم إلقاء نفسه في هذا الطريق، أو ان يأخد حجاب ممن يطلقون على أنفسهم، بأنهم شيوخ، سواء كان للهدي او للحفاظ عليه او للستر، أو لقلة المرض، لأن هذا كله بيدي الله، والمعالجة بالقرآن، ليس أي أحد يؤتمن عليها، ونحن قمنا بهذه الحملة لإنقاذ الناس، من الدجالين، وأنهم علي إستعداد تام أن يذهبوا الي أي مكان، لتنظيف المقابر، ومعالجة اي شخص من هذا الأعمال.
ومن جانبة أكد د. ايهاب رمضان أستاذ الطب النفسي بجامعة طنطا لـ«الموقع» بأن تغذية الفكر الخرافي في عقول الناس يأتي من خلال مثل هذه الأشياء وهو الاعتماد المستمر في تفسير أمور حياتهم واتخاذ قرارتهم علي موضوع السحر والحسد والعين وما شابه، فتكون طريقة الفكر خرافية مليئة بالغزعبلات وبعيدة تماما عن التفكير الواقعي والمنطقي التفكير النقدي والمبني علي الدليل وهذا مهم جدا في طريقة التعامل في حياتنا اليومية، ومثل هذة الأمور شائعة جدا في القري والريف وفي بعض العائلات الغنية فالبعض منهم يلجئ إلى الدجالين فمثل هذه الأمور تكون سبب في تاخر العلاج المبكر لدي المصاب.
وأشار د. ايهاب رمضان بأن الاضطرابات النفسية والعضوية جميعها مرتبطة ببعضها البعض، فمن الممكن ان تأثر الاضطرابات النفسية الموجودة بسبب العوامل النفسية وضغوط الحياة وطريقة التربية وأشياء كثيرة أخري، فمن الممكن ان تظهر علي هيئة أعراض جسدية مما يسبب حيرة لدى المريض والأطباء في التشخيص, أو استجابة المريض للعلاج بتكون ضعيفة، فالاكتشاف المبكر للمرض وعلاجه بصورة سليمة ومناقشة المريض في أحواله النفسية، مضيفا أنه ليس من الممكن ان يجد المريض حلول سريعة او جذرية ولكن علي الأقل يعرف المريض ماهي حالته وما هي الاسباب وكيفية التعامل معها بصورة منطقية وواقعية بدلا من ان يدخل في الخرفات.
واضاف د. ايهاب رمضان ان هناك عقائد موجودة في الدين لا يمكن انكارها, وان الدين عندما تناول هذه الامور تناولها بصورة علمية جميلة جدا وذكر الدكتور إيهاب قول الله عز وجل في كتابه ” قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ” فالمعني هنا انه لم يقم بتغير من طبيعة الاشياء ولكن السحر عن طريق الإيحاء فهذه الاشياء تعمل عن طريق الايحاء فعندما يتسلل الي ذهن المريض هذه الفكرة يبدأ في التغير, قال المولي عز وجل “يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى”، اذا انه يخيل ولم يحدث أي تغير ولكن هي تخيلات فهذه الاشياء تحدث نتيجة الخوف والإيحاء والاقتناع بالفكرة الي درجة شديده فيقوم الشخص بالتصرف علي اساس ذلك ويطلق عليها في علم النفس ” self fulfilling prophecy” بمعني النبوءة ذاتية التحقق هي التوقع الذي يجعل من نفسه صحيحًا بشكلٍ مباشرة أو غير مباشر، ويترك أي فكره اخري انا بدعو الناس الي التفكير النقدي, وان يتعامل مع الأمور بصورة منطقية.
وأوضح د. عبد الرحيم قحيف امام المسجد الأحمدي بطنطا لـ«الموقع» أن حكم الدين في السحر قال تعالى «واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر»..الآية 102 سورة البقرة.
وأوضح د. عبدالرحيم أن الآية الكريمة المذكورة تفيد أن السحر حقيقة تاريخية موجودة، وأن للسحر تأثيرا بالنفع والضر «يفرقون به بين المرء وزوجه»، وأن تأثيره لا يكون إلا بإذن الله «وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله»، وأن السحر كفر «ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر»، «وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر».
وأوضح عبد الرحيم أن العلماء اختلفوا حكم تعليمه وتعلمه أو العمل به إلى آراء منها أن اعتقاد تأثيره بعيدا عن إرادة الله تعالى كفر وذلك محل اتفاق، وأن ممارسته من أجل الإضرار بالناس حرام حتى مع اعتقاد أنه يؤثر بإذن الله فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، وأن ممارسته لتحقيق مصلحة مع اعتقاد أنه يؤثر بإذن الله لا حرمة فيها قال القرطبي: هل يُسأل الساحر حل السحر عن المسحور؟، قال البخاري: عن سعيد بن المسيب يجوز وإليه مال المازري وكرهه الحسن البصري، وقال الشعبي: لا بأس بالنشرة وفسرت بالرقية لعلاج المسحوربالاضافة الي أن تعلمه أو تعليمه يُرجع فيه إلى المقصود منه فإن كان خيرا واستعماله للمصلحة فلا حرمة فيه وإن كان المقصود من ذلك شرا فهو حرام فالاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى «باختصار فتاوى أحسن الكلام الشيخ عطية صقر رحمه الله ج١ ص 99_ 100».
أما عن حكم الذهاب إلى الدجالين والاستعانة بهم فهو أمر محرم شرعا وقد أفتت بذلك دار الإفتاء المصرية إذا كان الغرض من الذهاب عمل السحر والشعوذة لإيذاء الآخرين، وهذا نص الفتوى: (ورداً على سؤال «ما حكم اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين؟» قال: أنه عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم».
وتابع فتواه، قائلا: جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إتيان هؤلاء وتصديقهم مانعا من قبول العمل فقال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين ليلة»، هذا والله أعلم ومنه الهداية وبه التوفيق.
وأشار المستشار القانوني محمد طارق العريان للأسف المشرع المصري لم ينتبه إلى الآن لخطورة أعمال السحر والشعوذة على تدمير المجتمع وخراب الأُسر وتفككها وأيضا خطورة الدجالين والمشعوذين ومحترفي أعمال السحر والكهانة على استنزاف الاقتصاد لأنه من قبيل أكل أموال الناس بالباطل المنهي عنه شرعا وقانونا فلازالت تلك الجرائم تندرج تحت نصوص قانون العقوبات التي تتعلق بالنصب والاحتيال والمعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات فقط..
، على الرغم من وجود بعض التشريعات في كثير من الدول العربية التي سبقتنا بمراحل وقطعت شوطا كبيرا في هذا المجال ولعل أقرب تلك الدول هي المملكة العربية السعودية التي غلظت العقوبات بشكل رادع إلى حد كبير وضيقت الخناق على المتعاملين بهذه الأمور الشيطانية التي يحرمها الدين وتأباها الفطرة السليمة حتى أنها فرضت عقوبات على الأدوات المستخدمة في هذه الأعمال وإني لأهيب بمجلسنا الموقر “مجلس النواب المصري” بضرورة وضع عقوبات صارمة وحازمة لهذه الجرائم بسن تشريع يضمن الحد من هذه الجرائم وفي نفس الوقت يضمن ألا يفلت الجاني من العقاب وأنا متأكد من أن الكوادر الحالية في المجلس تستطيع القيام بذلك.
نرشح لك
وصفوه بالشيطان.. تمثال شبح يظهر ليلا ويختفي صباحا ويسبب الرعب لأهالي الإسماعيلية
