أراء ومقالاتالموقع

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» اللهم إنى صائم

بعد نشر مقالى الأخير الذى تناولت فيه الأزمة الحقيقية التى يعيشها الإعلام المصرى بكل وضوح و”جرأة” ، التقيت صديق “قديم” أشاد بالمقال وبطريقتى فى طرح الموضوع وسألنى عن سبب عدم الكتابة فى مثل هذه الموضوعات المهمة التى تشغل المجتمع ولماذا أصبحت غارقاً “لشوشتى” فى استدعاء القصص والحكايات القديمة والكتابة عنها وتناولها فى مقالاتى .. توقفت طويلاً أمام كلام الصديق “الصوفى” فلو لم أكن أعلم جيداً دوافع النبيلة كونه من زوار الأضرحة وعشاق “آل البيت” لاعتقدت أنه يخوض مع الخائضين فى الإنزلاق الى تلك النوعية من الاتهامات التى يرددها البعض بمناسبة وبدون مناسبة بأن هناك توجيهاً من الدولة لمن يكتبون مقالات بعدم تناول أية موضوعات “حساسة” ومهمة .

فقرت على الفور الكتابة اليوم وبدون “سقف” عن الموضوعات التى يعانى منها الناس ويتحدثون عنها “علناً” وليس “همساً” داخل الغرف المغلقة كما كان يحدث من قبل ، وهنا كانت الحيرة الحقيقية فمن أين أبدأ الكتابة .. هل اكتب عن الاسعار التى اصبحت “نار” بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتشوى الجميع لدرجة أنها لم تعد محتملة لا من الغنى ولا من الفقير .. أم أكتب عن هذا الارتفاع الجنونى فى فواتير الغاز والكهرباء وحتى فاتورة المياه التى لم نكن نسمع عنها من قبل تحولت هى أيضاً الى شوكة فى ظهر الجميع وكأن شركات المياه استيقظت فجأة واكتشفت أن المياه “غالية” فكيف تتركها للمواطنين “بتراب الفلوس” .. أم أكتب عن هذا التوحش والجبروت الذى صارت عليه “الحكومة” فى تعاملها مع المواطن خاصة حينما يرغب فى استخراج أية اوراق رسمية فالورقة التى كانت من قبل بجنيهات لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة عليك أن تضرب الأن هذا الرقم فى عشرة أضعاف وكأنه “موت وخراب ديار” فهذه الورقة لو لم تكن مطلوبة للخروج من مصيبة او ازمة قانونية فلن يفكر احد فى استخراجها أصلاً ، مما جعل الوضع فى الجهات الحكومية لم يعد محتملاً لدرجة أن البعض يخشى أن يتنفس وهو يتعامل مع الحكومية حتى لا تتم مطالبته بدفع الهواء الذى تنفسه باعتباره “هواء رسمى” وعليه بكل تأكيد ضرببة يجب سدادها فوراً حتىزلا يدخل فى “سين وجيم” .. وعلى ذكر كلمة “ضريبة” هل أكتب عن تلك الضرائب الغريبة التى يجد المواطن نفسه مجبراً على دفعها حتى لو كان يشترى شيئاً من السوبر ماركت خاصة بعد ظهور نوعية من الضرائب عجيبة الشكل مثل”القيمة المضافة” وما شابه ذلك ..

أم أكتب عن فوضى المرور التى تتجسد فى أسوأ صورها من خلال التعامل مع تلك النوعية من أمناء الشرطة الذين يقومون “جهاراً نهاراً” بتحصيل غرامات ومخالفات ما أنزل الله بها من سلطان “وكله بالقانون” على الرغم من أن الغالبية العظمى من هذه الغرامات لا تدخل خزانة الوزارة بل تدخل فى جيوب تلك النوعية الفاسدة من الذين يسيئون لجهاز الشرطة بالكامل .. صحيح أن كل مهنة فيها “الصالح و الطالح” ولكن لا يصح أن يكون جهاز وطنى شريف مثل الداخليه به تلك القلة من أمناء الشرطة الذين يتعاملون مع الشارع وكأنه ميراث شرعى حصلوا عليه وبالتالى من حقهم أن يفعلون فيه ما يشاءون .
أم أكتب عن رغيف العيش .. الذى ارتفع فجأة ليصبح سعره “جنيه ونصف” فى اعقاب الحرب “الروسية – الأوكرانية” وبعد تدخل سريع وقوى من جانب الدولة .. عاد السعر الى “جنيه واحد” كما كان من قبل ، ولكنها فى حقيقة الأمر مجرد عودة “صورية” فلم يعد رغيف العيش ولن يعود الى سيرته الأولى لأن حجمه ووزنه انخفض كثيراً وبالتالى فإن الزيادة ما تزال قائمة و”عينى عينك” .

لا اخفى عليكم وجدت نفسى تائهاً وسط كل هذا الكم الهائل من الموضوعات المهة التى تشغل الناس وتحتاج لمن يتناولها بكل صدق وبدون “تجميل ” الصورة خاصة أن رئيس الجمهورية نفسه يتناولها دائماً وبكل صدق وشفافية بل ويفاجئنا باستمرار بأن لديه تفاصيل التفاصيل ويتناولها على الهواء مباشرة فلم يعد لدينا ما يمكن أن نخفيه عن المواطنين.

فكرت كثيراً فى هذا الأمر فوجدت نفسى لو استسلمت لفكرة الكتابة على هذا النحو من “الجرأة” فإننى وبكل تأكيد سوف “اجرح ” صيامى لأنه الصراحة والوضوح لن تمر دون الخوض فى التفاصيل .. وكما تعلمون فإن الشيطان دائماً يمكن فى “التفاصيل” حتى لو كنا فى رمضان وبالتالى فإنه سوف يتسبب فى إفساد الصيام.

لذا فإننى اكتفى اليوم بالقول “اللهم إنى صائم ” فما قلته وما كتبته جاء على سبيل “الفضفضة” فقط أما الكتابة “المستفيضة” فبكل تأكيد سوف تكون فيما بعد طالما كان فى العمر بقية .

اقرأ ايضا للكاتب

أشرف مفيد يكتب لـ«لموقع» أغنياء من  التعفف

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» روشتة التعامل مع «قلة الأصل»

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» شحن بطارية «الروح»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى