أراء ومقالاتالموقع

أشرف مفيد يكتب لـ«لموقع» أغنياء من “التعفف”

إذا كنت من أصحاب القلوب الضعيفة التى تتأثر بسرعة بتلك النوعية من إعلانات “التسول” التى تكتظ بها شاشات التليفزيون منذ بدء الشهر الكريم ، عليك أن تقرأ حكاية هذه “المرأة” لأن سوف تجبرك على أعادة حساباتك قبل أن تخرج من جيبك جنيهاً واحداً لهؤلاء الذين ينفقون الملايين على حملات إعلانية “إحترافية” بينما هناك من يستحقونها أكثر منهم ألف مرة ، ولكنهم لا يملكون رفاهية الإنفاق حتى على نشر “إعلان ممول” فى شبكات التواصل الإجتماعى.

لو دققت النظر حولك ستجد من هم يستحقون “المساعدة” أكثر بكثير من هؤلاء الذين يظهرون أمامك بأشكال “تقطع القلب” وبأساليب تتفنن في اختراعها شركات الدعاية .

فتش حولك عن هؤلاء الذين هم فى أشد الحاجة للمساعدة ولكن حياءهم يمنعهم من “مد اليد”، فهم الذين قال عنهم المولى عز وجل فى سورة البقرة : { لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } ، هؤلاء ربما يكونوا من نفس عائلتك أو ربما يقيمون معك فى نفس العمارة أو نفس الشارع أو حتى فى نفس المنطقة.. فلو دققنا النظر سنجد حولنا من يستحقون “الصدقة” دون أن نشعر بهم ولا بظروفهم “الصعبة” والقاسية.

هذا الموضوع يذكرنى بحكاية إمرأة مات زوجها وكانت فى قمة الوفاء له فقررت أن تخرج “صدقه” على روحه مساء كل ليلة “جمعة” ، رغم أن حالتها المادية صعبة للغاية وأسود من “قرن الخروب” حيث ليس لديها ما يكفيها لإعاشتها هى وابنها الوحيد لدرجة أنهمت فى كثير من الأيام كانا يبيتان بلا عشاء .

المهم أنها بعد أسبوع من وفاة زوجها قامت بطهى الطعام وطلبت من ابنها الذهاب به الى الرجل “الغلبان” الذى يقيم فى اخر البلده .. فقال لها ابنها انه جوعان وانها هى نفسها “على لحم بطنها” طول اليوم وحاول اقناعها بأنهما أحق بهذا الطعام فلم تستمع لكلامه واظهرت غضبها منه لأنها تحب أن تتصدق على روح زوجها الغالى ولأن الولد كان باراً بها وبوالده سمع كلامها وذهب بالطعام الى الرجل وهو يتألم من شدة الجوه .. وفى الاسبوع الثانى تكرر نفس الأمر وذهب بالطعام وهو فى قمة الشعور بالجوع أيضاً .. ولكنه فى الأسبوع الثالث لم يستطع السيطرة على الشعور بالجوع فجلس فى جانب الطريق وأكل الطعام ورجع الى بيته واخبرها كالعادة بأن الطعام وصل الى الرجل الغلبان .. وبينما كانت المرأة نائمة جاءها زوجها فى المنام وقال معاتباً لها بأنه مات منذ ٣ أسابيع ولم تتصدق على روحه إلا هذا الأسبوع فقد وصلته أول “صدقة” هذه الليلة .. استيقظت المرأة وهى فى ذهول وايقظت ابنها وأمام الحاحها فى معرفة ماحدث ليلة أمس ، صارحها بالحقيقة واعترف لها بأنه أكل الطعام من شدة احساسه بالجوع . فأيقنت السيدة بأن ابنها كان أحق بهذه الصدقة التى وصلت بالفعل وأنها كانت مخطئة حينما فكرت بعيداً ، بينما من يستحقها لم تفصلها عنه سوى بضع خطوات .

ليتنا نفكر جيداً و ندقق كثيراً قبل أن نتصدق فهناك من هم يستحقونها بالفعل بعيداً عن “الضجيج الإعلانى” وبعيداً عن أساليب اللف والدوران وألاعيب “الميديا” التى تصنع دائماً من “الحبة قبة”.
ورمضان كريم

اقرأ ايضا للكاتب

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» روشتة التعامل مع «قلة الأصل»

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» شحن بطارية «الروح»

  أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» عن المودة والرحمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى