الموقعتحقيقات وتقارير

200 ألف مريض “دوشين” يستغيثون بالرئيس .. مرضى ضمور العضلات ينتظرون الموت على كراسي متحركة

مناشدات بتوفير العلاج الجديد من الخارج وإنقاذ آلاف الأسر

«لمياء» رزقت بـ 3 أطفال مرضى بالدوشين مات أكبرهم قبل أشهر ليلحق بخاله في سن الـ 14 عاما

والد الأطفال فصل من عمله بسبب سفره المتكرر لعلاج ابنه و رئيسه في العمل لم يشعر بمعاناته

«ناصف» : ابني الكبير قبل ما يموت قال “بالله عليك يابابا ما تدخل تنام و تسيبني ليذهب لرب كريم”

والد فارس : ابني بيتعاير في مدرسته بمرضه وعلاجه في الخارج

رئيس جمعية مرضى ضمور العضلات: عدد مرضي الدوشين يتخطى الـ 200 ألف

 مدير وحدة أمراض العضلات والأعصاب بطب عين شمس: نسب الإصابة مرتفعة في مصر بسبب زواج الأقارب

تحقيق – سهاد الخضري

محنة عاشتها أسرة السيدة لمياء جمعة طه البالغة من العمر 39 عاما ابنة محافظة دمياط شمال مصر، بعد أن رزقها الخالق بثلاثة أبناء مصابين بضمور العضلات “دوشين ” تحولت تلك المحنة الصعبة التي عاشتها السيدة الصابرة المحتسبة لمنحة لم تكل أو تمل صبرت و احتسبت و شاء القدر أن يختبرها أصعب اختبار في الحياة بعد أن فقدت ابنها الأكبر في عمر الـ 14 عاما بعد تدهور حالته الصحية بفعل الضمور الذي أصاب مختلف عضلات جسده الهزيل تقابل السيدة الابتلاءات بالرضا و الدعاء و الصلاة داعية الله أن يمنحها القوة و العزيمة لتستطيع أن تستكمل المشوار مع أطفالها الباقين منتظرة في أي وقت أن يرحلا كشقيقهما و خالهم الذي مات قبل 10 أعوام بذات المرض الذي فتك بأسرة لمياء وزوجها أحمد .

تروي السيدة قصتها المأساوية لـ”الموقع ” قائلة: شاء القدر أن يختبرني أول اختبار في حياتي حينما توفي شقيقي قبل 10 أعوام بضمور العضلات “دوشين ” ورغم أنني وزوجي لسنا بأقارب لكن شاء القدر أن يختبرني مجددا حينما ولدت طفلي الأكبر محمد أحمد إسماعيل الذي توفي في سن الـ 14 عاما قبل 10 أشهر بعد رحلة معاناة طويلة مع الضمور الذي فتك بعضلات جسده واحدة تلو الأخرى، مضيفة بدأت مظاهر المرض تظهر عليه مبكرا حينما تأخر في المشي لسن العامين، حينها سافرت لمحافظات القاهرة و الإسكندرية و الدقهلية ولم نترك طبيبا في محافظة ما إلا و ترددنا عليه”.

نرشح لك: السياحة تكشف لـ موقع «الموقع» مستجدات الأعمال داخل معابد الكرنك

وتابعت الأم “أجمع الأطباء على عدم وجود علاج له وللأسف لم يتحسن طفلي على العلاج الطبيعي الذي توقفنا عنه بعدما وجدنا لا طائل منه”.

و عن الأعراض التي عانى منها الصغير قبل وفاته تقول لمياء :عانى محمد من “عدم القدرة على المشى و السقوط المتكرر، صعوبة في صعود الدرج وميل القدم ولم تتوقف مصائبنا عند هذا الحد حيث فصل زوجي من عمله ووالده فصلوه من شركة الكهرباء بسبب التغيب المتكرر لمصاحبته لنجله المريض ليفصل عام 2014 قبل قرابة 7 أعوام تعسفيا بعد تغيبه عن العمل نظرا لحالة طفلنا الكبير الذي فقدنا قبل أشهر وخلال تلك الفترة كان زوجي دائما ما يصطحب ابننا للمستشفيات والأطباء و كأنه عوقب على رعايته لطفله”.

وتردف لمياء قائلة “توفي طفلي الأكبر في نفس السن الذي توفي فيه شقيقي بعد ضمور عضلات جسده وضمور في عضلة القلب والتهاب رئوي”، مشيرة إلى معاناة طفلها الأوسط عمر البالغ من العمر 11 عاما من ذات المرض حيث فقد هو الآخر القدرة على الحركة ولم يعد يذهب إلى المدرسة، أما ياسين طفلها الأصغر البالغ من العمر 8 سنوات الطالب في الصف الثالث الإبتدائي فلا زال يعافر إلا أنه يعانى من تورم سمانة القدم بسبب الضمور.. تبكي الأم بحرقة مختتمة حديثها قائلا “أنا بموت حرفيا وقلبي بيتقطع نفسي أشوف ولادي طبيعيين أنا لو مكنتش جنبهم طوال 24 ساعة هيموتوا أنا المسؤولة عن كل احتياجاتهم فلا يستطيعون الإمساك بملعقة الطعام”.

فقد الوظيفة

وعن ظروف فصله من عمله يروى أحمد إسماعيل 44 عاما مقيم بمحافظة دمياط التفاصيل قائلا “كنت أعمل بإحدى الشركات الحكومية كفني صيانة توربينات ودخلي شهريا بالمكافآت بالحوافز لم يكن تخطى الـ 3500 جنيه لم أنهم لم يكفوا تكاليف علاج أطفالي الثلاثة و ظروف المعيشة لكن ربنا كان يبارك فيهم إلا أنني عقب رحلة علاج مع طفلي الأكبر الذي جبت به محافظات الجمهورية فوجئت بقرار فصلي من الشركة عقب عودتي رغم علم الإدارة التام بظروفي و سفري لظروف خارجة عن إرادتي و خلال فترة الإجازة العارضة و الاعتيادى المسموح بها قانوناً فإذا برئيس القطاع يصدر قرار بفصلي و كان قد جهز لى ملف جزاءات لا أعلم عنه شيء و شاء القدر أن يتم فصلى في وقت كنت قد حصلت على قرض 30 ألف جنيه لإجراء فحوصات طبية و علاج طفلي و أعمل حالياً باليومية يوم أه و عشرة لا و لا أعلم من أين أدبر نفقات علاج أطفالي الاثنين و بتمنى عودتي لعملي الذي كان سند و عكاز لى.

نرشح لك: بعد شائعات بفصل جامعة حلوان طلاب المخدرات.. الموقع ينشر الجهات التي ينطبق عليها القانون

وجع القلب

لم تكن أسرة ناصف عبد الله ابن محافظة كفر الشيخ، تعلم أن حياتهم ستتحول لمعاناة طويلة الأمد بعد ولادة ثلاثة أبناء جميعهم مصابين بضمور العضلات دوشين توفى أكبرهم بعد أن فتك الضمور بعضلات جسده الواحدة تلو الأخرى لم يعد يعلم الأب وزوجته وجهة لهم سوى الأطباء و فنيين معامل التحاليل والأشعة على مدار السنوات الماضية جابوا محافظات الجمهورية بحثا عن علاج أو أمل دون فائدة مات الكبير قبل أن يتم العشرين عاما و ترك أسرته تبكيه و تعانى معاناته .

مات قصاد عيني

يروى الأب فصول معاناته وأسرته لـ” الموقع ” قائلاً مات حسام ابنى الأكبر قصاد عينى و لم أستطيع أن أفعل له شيء بينما انتظر اليوم الذي سيلقى شقيقاه المصير ذاته شاء القدر أن يصاب أبنائنا الثلاثة بالضمور العضلات ” الدوشين ” حيث بدأت الأعراض بتأخر حركة المشي والنطق فضلاً عن اختلال الحركة والتوازن مما كان سبباً رئيسياً في توقف حسام عن الذهاب لمدرسته حينما كان طالباً في الصف السادس الابتدائي ثم قرر في الإعدادية ترك الدراسة بعد تدهور حالته حيث بات غير قادر على تحريك يديه و قدميه علاوة على حدوث تشوهات في الساقين واليدين والعمود الفقري، وخلل في وظائف القلب والتهاب رئوي وصعوبة في الإخراج، حيث بات غير قادر على استخدام الكرسي المتحرك، وكنا نحمله ونرفعه أنا ووالدته إلى أن مات.
لم تتوقف معاناة ناصف عند هذا الحد حيث أن كلا من حازم 15 عاما، ومحمد 8 أعوام يعيشوا ذات المعاناة فيما تسبب الضمور في ترك الأبن الأوسط حازم لترك تعليمه، وطالب الأب المكلوم بتدشين حملة لعلاج مرضى ضمور العضلات الدوشين و بناء مستشفى مجهزة لاستقبال الحالات المرضية خاصة و أن عددنا بالآلاف.

وعن آخر أيام فقيده الأكبر يقول ناصف قبل وفاته قال حسام لى :” بالله عليك يا بابا ما تدخل تنام و تسيبني” إلى أن تركنا هو بجسده لكن روحه ستظل معنا إلى أن نجاوره في القبر يوماً ما.

طالب ناصف بإدراج علاج مرض الدوشين ضمن المبادرة الرئاسية لعلاج مرضى الضمور لتشمل كافة الأنواع أسوة بالشوكي، مشيراً إلى أن تشوهات العمود الفقري و الساقين و اليدين أكلت من حياة وروح أبنائه كما يحدث مع كل المرضى متمنياً أن يؤتى العلاج حال طرحه نتائج جيدة خاصة وأن أبناءه وغيرهم عاشوا في عذاب على مدار حياتهم مشيراً إلى تدهور حالة ابنه حازم تماما، مختتما حديثه قائلاً أخشى أن يتلف الضمور باقى عضلاته .

تنمر ووجع

المعاناة ذاتها عانتها أسرة الطفل فارس محمود سامح 10 سنوات مصاب بضمور عضلات دوشين طالب بالصف الثالث الابتدائي مقيم بمحافظة القاهرة، يروى والده تفاصيل معاناته قائلاً “للأسف لم يعد طفلي قادر على الذهاب إلى المدرسة بسبب صعود الدرج علاوة على معاناته مع التنمر من قبل عدد من زملائه ومعلميه .

نرشح لك: السياحة تكشف لـ موقع «الموقع» مستجدات الأعمال داخل معابد الكرنك

ويضيف الأب محمود سامح قائلاً “عانى ابنى من التنمر والقهر وسمع ما لا يستطيع أحد سماعه من عبارات مهينة كقول معلمين له ” أنت هتاخد اليوم كله في صعود الدرج ؟ ” متابعاً كلما حاول ابنى السير سقط على وجهه هذا وقال لنا الطبيب علاج ابنكم في الخارج متمنياً طرح العلاج في مصر .يردف الأب بنبرة حزينة قائلاً ” ابنى مش عارف يلعب كأقارنه و لا ينزل الشارع حرم من متع الحياة و لو وقف لدقائق ترتعش قدماه و يقع مراراً و تكراراً ،فضلاً عن معاناته مع هشاشة العظام، مشيراً إلى أن ابنه يعيش على الفيتامينات في وقت طرح علاج لمرضى الدوشين في الخارج هذا وطالب الأب بتدشين مراكز متخصصة لعلاج مرضى الضمور وتوفير العلاج للمرضى.

الأعداد كبيرة

في المقابل تقول شريفة مطاوع رئيس جمعية مرضى ضمور العضلات في تصريح لـ” الموقع” إن عدد مرضى الدوشين في مصر يتخطى 200 ألف مريض حيث أن النسبة العالمية 1 من كل 3400 بينما تزداد النسبة في مصر عن النسبة العالمية مرجعة الأسباب الرئيسية إلى حمل الأم الجين حتى لو لم يكون الزوجين أقارب.

وعن الأعراض تقول مطاوع إن ضمور عضلات الجسم كاملة وصولا لتدهور عضلة القلب خلال 10 سنوات يجلس المريض على كرسي متحرك فضلا عن صعوبة شديدة في التنفس تؤدي للوفاة، عدم القدرة على المشي أو صعود الدرج .

وعن مطالب مرضي الضمور الدوشيني طالبت مطاوع بتدشين مستشفى لرعاية مرضى الدوشين، الاهتمام بتفعيل العلاج الطبيعى و المائي في كافة المحافظات وإدخال العلاج لمصر خاصة بعد أن ظهر عالميا ٤ أنواع علاج لـ٤ طفرات مع الحق في رعاية وعلاج حيث أن هناك محافظات لم يستطيع المرضى تسجيل بياناتهم، لافتة أن جمعية مرضى الضمور العضلي دشنت و أشهرت عام 2016 معنية بتقديم الرعاية الطبية للمرضى وعلاجهم وتوفير كراسي متحركة لغير القادرين .

زواج الأقارب السبب

من ناحيتها أكدت الدكتور ناجية علي فهمي، أستاذ المخ والأعصاب ومدير وحدة أمراض العضلات والأعصاب بكلية الطب جامعة عين شمس لـ”الموقع” ارتفاع الإصابة بضمور العضلات في مصر يرجع لزواج الأقارب.

نرشح لك: انفراد| قبل إعلانها رسميا.. موقع الموقع يكشف تفاصيل الكشف الأثري المقبل في سقارة

ووفقا لفهمي الدوشين مرض يصيب العضلات نتيجة لطفرة وراثية على جين الديستروفين المحمول على الكروموسوم إكس، لذلك يصيب الذكور ولا يصيب الإناث، وهو أكثر أمراض العضلات شيوعا، حيث يصيب الأطفال الذكور بنسبة طفل لكل 3300 مولود ذكر سنويا، ووفق نسبة المواليد السنوية في مصر لعام 2019 فإنه يولد حوالي 330 طفل دوشن سنويا، وهذا المرض يؤدي إلى الإعاقة الحركية المستمرة، ويفقد الطفل قدرته على المشي في عمر الثامنة حتى عمر الثانية عشر، ويحتاج كل أطفال الدوشين إلى الكراسي المتحركة في هذا العمر، ويستمر التدهور ليصيب عضلة القلب وعضلات التنفس لتكون الوفاة الحتمية بفشل عضلات القلب والتنفس عند بلوغ عمر الخامسة عشر، ومتوسط عمر طفل «الدوشن» في مصر أقل من باقي الدول الأوروبية، لأن عدد المتخصصين في علاج المرض قليل.

ووفقا لأستاذ المخ والأعصاب ومدير وحدة أمراض العضلات والأعصاب بكلية الطب جامعة عين شمس اعتمدت عالميا 4 عقاقير حتى الآن لتعديل جين الديستروفين، وتقليل التدهور الحركي وإصابة القلب وعضلات التنفس، وتتنافس الشركات الآن على هذه الأدوية ما يتيح فرص التفاوض معها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى