الموقعتحقيقات وتقارير

هل يهز الذكاء الاصطناعي عرش «صاحبة الجلالة»؟

«الصحافة بخير طول ما فيه إبداع»..لا مكان للتكرار ونقل المعلومات بلا تحرير وتدقيق

>> «البرماوي»: الذكاء الاصطناعي لا يشكل تهديدا على مستقبل الصحافة بشكل عام

>> نحتاج إلى إعادة إختراع الصحافة من جديد بما يناسب طبيعة العصر

>> «الجارحي»: الصحافة مهنة إبداع وعمق لا يستطيع الذكاء الاصطناعي توفيره

>> «عضو مجلس نقابة الصحفيين»: يجب على أبناء المهنة مواكبة التكنولوجيا

>> «الغطريفي»: له مخاطر منها الانحياز والتزييف والتضليل

>> يمكن أن يهدد بعض الوظائف التقليدية داخل الصحافة مثل التصحيح والترجمة

كتبت- منى هيبه:

اقتحم الذكاء الاصطناعي معظم جوانب حياتنا، وربما تذهب تأثيراتها إلى التأثير في الصحافة والإعلام، وإحداث تغيرات جذرية مستقبلا، وذلك نظرًا لما تملكه هذه التقنية من قدرات على تجميع وتحليل كما هائلا من البيانات والمعلومات، مما أثار تخوفات عديدة حول إمكانية إحلال تلك التقنية محل الصحفيين؟

في هذا الموضوع يناقش «الموقع» مستقبل الصحافة في مواجهة الذكاء الاصطناعي ومدى قدرة الصحافة على استعادة مجدها وقوتها.

• المستوى وليس المستقبل

الصحفي خالد البرماوي، الكاتب المتخصص في الإعلام الرقمي، يقول إن الذكاء الاصطناعي لا يشكل تهديدا على مستقبل الصحافة بشكل عام، إنما يشكل تهديد على مستوى الصحافة التي تخلو من الجودة والابتكار والابداع.

وأوضح «البرماوي» أن الصحافة الجيدة التي يوجد بها إبداع وابتكار وتجديد سيكون التهديد عليها أقل.

وأكد أن الصحافة الرديئة التي تعتمد على مجرد التكرار والتنميط ونقل المعلومات بدون تحرر أو تدقيق وإبداع من السهل أن يقضي عليها الذكاء الاصطناعي.

• عنصر الجمهور

وتابع «البرماوي»: “لابد للصحافة أن تهتم بعنصر الجمهور وتحدد فئات معينة لتتعامل معها، فضلًا عن ضرورة استخدام الصحافة للتكنولوجيا وتوظيفها بصورة جيدة بما يناسب طبيعة جمهورها المستهدف”.

ولفت إلى أهمية تطوير نماذج ربحية جديدة تناشد الجمهور فيما أطلق عليه reshaping journalism أي إعادة رسم أو اختراع الصحافة.

وأكمل الكاتب الصحفي قائلاً: “نحن نحتاج حاليًا إلى إعادة اختراع الصحافة من جديد بما يناسب طبيعة العصر والأدوات والظروف الحالية”.

• المحتوى الأساس

الصحفي محمد الجارحي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، يقول إن تاريخ الصحافة قد مر بمراحل كثيرة، موضحًا أن في كل مرحلة من المراحل كان هناك تقدما تكنولوجيا وقيل حينها إن ذلك التقدم التكنولوجي سيقضي على الصحافة إلا أن الأيام أثبتت العكس.

وتابع «الجارحي»، الصحافة مهنة يمكن أن تصدر بأشكال مختلفة، ولكن من الصعب والمستحيل أن يتم القضاء عليها.
وأوضح، أن الذكاء الاصطناعي رغم ما تابعناه عنه في الفترة الاخيرة إلا أنه يعتمد في الأساس على المحتوى، بمعني أنه يحاول الاجابة على الأشياء، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا ما هي إلا وسيلة لتسهيل حياة الأفراد بما فيها من مهن ليست الصحافة فقط.

وأكد أن الصحافة مهنة إبداع ومهنة الحصول على معلومة، فضلًا عن كونها مهنة عمق لا يستطيع الذكاء الاصطناعي توفيره.

• العقل البشري نعمة

وأكمل «الجارحي»، في الماضي كان تصوير التقرير التليفزيوني يحتاج إلى عدة أشخاص بمعدات كثيرة، إنما حاليًا يمكن لفرد واحد أن يقوم بتلك الأمور عبر هاتفه المحمول، لافتًا إلى أن اختيار اللقطة وعمل المونتاج يحتاج لصحفي له رؤية فنية وهذة هي نعمة العقل البشري وهنا تكمن قوة ودور الصحفي.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهل البحث والحصول على المعلومات لكن مدى دقة المعلومة تحتاج إلى مراجعة من العنصر البشري.

ولفت إلى أن التأثر الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي لم يقتصر فقط على مهنة الصحافة، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي هو التطور الطبيعي لمحركات البحث.

• أشكال مختلفة

وأوضح عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن شكل الصحافة يمكن أن يتغير مع تغير الوقت، ففي الماضي لم يكن هناك مواقع إلكترونية ولكن الآن أصبح هناك مواقع الكترونية، مؤكدًا أن المهنة ستظل موجودة كما هي ولكن بأشكال مختلفة.

واستطرد قائلا: “لكي تظل الصحافة بقوتها يجب على أبناء المهنة مواكبة تلك التكنولوجيا”، مؤكدًا أن مواكبة التكنولوجيا عنصر مهم، لكن لابد أن يكون مع رؤية وسياسة تحريرية واضحة لكل إصدار بحيث لا يكون المحتوي مشابه لبعضه.

• الذكاء الاصطناعي التوليدي

الصحفي علاء الغطريفي، رئيس التحرير التنفيذي لمؤسسة أونا للصحافة والإعلام، يقول، إن الذكاء الاصطناعي الذي نتحدث عنه حاليًا هو المرحلة الاخيرة في الذكاء الاصطناعي وهي ما تعرف بالذكاء الاصطناعي التوليدي والتي تتعلق بالقدرة على صناعة محتوي سواء نص أو صوت أو صورة أو تصميمات جرافيك عبر أوامر نصية.

وأوضح أن قدرة تلك التقنية على إنتاج محتوي ولغة هو الأمر الذي أثار مخاوف حول إمكانية استبدال الصحفيين بتلك التقنية، مؤكدًا أنه يستحيل حدوث ذلك لأسباب عديدة.

• تهديد بعض الوظائف

وتابع أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يهدد بعض الوظائف داخل الصحافة كالوظيفة التقليدية مثل التصحيح والترجمة، إلى جانب وظيفة الصحفيين التقليديين، إنما الصحفي الذي يعمل في صحافة عمق كالاستقصاء أو صحافة البيانات أو الصحفي المدقق في المعلومات من الصعب استبداله تمامًا.

وأكد أن هناك بعض الوظائف أو المهام الاجرائية كجمع الأخبار إذا لم يكن للصحفي مهارات فيما يخص التعامل مع هذة الأمور ولم يعمق مهاراته أو لم يعمل على فنون وألوان من الصحافة أعمق بالتأكيد سيكون لديه مشكلة.

و أضاف «الغطريفي»: “في النهاية إذا كان لدي أداة ذكاء اصطناعي تسطيع تعقب مواقع مثل هيئة الأرصاد الجوية وتأتي بذلك المحتوي دون الحاجة إلى صحفي يقوم بتلك المهمة فلن يكون هناك حاجه لعمل أكثر من صحفي على تلك الوظيفة”.

ولفت إلى أن العالم بأكمله وغرف الاخبار في العالم الآن في حالة استكشاف لاستخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الصحافة، موضحًا أن تلك الخاصية التقنية لاتزال مخيفة وتمثل مخاطرة.

• التزييف والتضليل

وأكد أن الذكاء الاصطناعي سيمثل مخاطر على الصحافة فيما يخص معيارية الصحافة بمعني أنه سيتسبب في مسائل مثل الانحياز، إلى جانب المساعدة وتعميق موضوع التزييف العميق، إضافةً إلى فكرة التضليل.

وأشار إلى الصور التي نشرت الفترة الماضية والتي أظهرت وجود حريق في البنتاجون وتسببت تلك الصورة غير الصحيحة التي تم انتشارها عبر الذكاء الاصطناعي في خسارة البورصة الأمريكية في اللحظة، مما يمثل مسألة خطيرة.

واستكمل: “لابد من استكشاف مخاطر الذكاء الاصطناعي مع إعلاء الضوابط المهنية عند التعامل مع تلك الادوات، كذلك أيضًا بالنظر إلى الفرص التي توفرها تلك التقنية”.

وأوضح أن الصحافة ليس لها سبيل في استعادة قوتها سوي العودة إلى جذورها وضوابطها المهنية ثم العمل على الاستخدام الرشيد للأدوات التقنية والتكنولوجية الحديثة سواء ذكاء اصطناعي أو غيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى