الموقعتحقيقات وتقارير

«مشاكل الإنتاج والاستنزاف الجسدي» تقتل الفن.. وتُعيق استمرار عمل المخرج لسنوات على غرار ما يحدث في الغرب

عمرو سلامة: مات في عام ونصف على الأقل 4 مخرجين مصريين وعرب قبل سن الـ60

رباب حسين لـ«الموقع»: نحن الآن في مرحلة الهرم المقلوب.. والاعتماد على المخرج أصبح أقل أهمية مقارنة بالماضي

جمال عبدالحميد لـ«الموقع»: يجب أن يكون المخرج هو أساس العمل الفني.. ولا يخضع للإنتاج

أمير رمسيس لـ«الموقع»: وضع المخرجين في البلاد الأوروبية أفضل.. والمخرج يُستنزف جسديًا من أجل المهنة

تقرير- أسماء مدحت

حالة من الجدل أثارها المخرج، عمرو سلامة، بعد أن كشف عن الظروف التي تعيق عمل المخرجين في مصر والتي تجعلهم لا يستمرون في العطاء لسنوات طويلة ولعمر متقدم مثل المخرجين في أمريكا.

وكتب «سلامة» عبر صفحته الشخصية على فيسبوك: «المخرج العالمي ستيفين سبيلبرج عمره ٧٥ مازال يخرج أفلامًا إلى الآن، وهكذا المخرج مارتن سكوسيزي عمره ٧٩ سنة، وهكذا المخرج فرانسين فورد كوبولا عمره ٨٣ سنة، وهكذا المخرج وودي آلان وعمره ٨٦ سنة، وهكذا المخرج كلينت إستوود عمره كام بقى؟ ٩٢ سنة».

وأضاف: «الأسامي ديه بتنزل تصوير، ومعاينات لأماكن تصوير، وبتقف على رجلها وفي أمكان تصوير صعبة وهم عندهم هناك الفيلم بيتصور على الأقل في عدد أسابيع أضعاف اللي بيتصور فيه فيلم مصري، لو متوسط الفيلم المصري بيتصور في ٤ أسابيع، متوسط الفيلم الأمريكي الكبير ١٢ أسبوع».

عندنا، مات على مدار سنة ونص بس، على الأقل 4 مخرجين مصريين وعرب لهم أسامي مهمة قبل سن الستين، أسامة فوزي، أحمد المهدي، حاتم على، شوقي الماجري».

وتابع: «ربما تكون المقارنة لا تستوي لكنها بالتأكيد تستحق التأمل، وتقدر تتأمل، كام مخرج مصري قدر يشتغل بعد سن السبعين؟ بكامل لياقته؟ وقدر يظل مطلوب في السوق ويعمل أفلام تعجب كل الأجيال تقدر تنافس تجاريا أو فنيا؟ استثناءات قليلة جدا طبعا وبنقدرهم ونتعجب من استمرار رشاقتهم وروحهم».

وأكمل المخرج عمرو سلامة :«ده طبعا ينطبق على مهن ثانية كثر مش الإخراج، وبعد ما فكرت إيه الأسباب، كان توقعي للأسباب»:

1- غير آدمية ساعات العمل في مصر، «مافيش مخرج فوق الستين هيقدر يلبي متطلبات السوق ويصور بالعشرين ساعة في اليوم، بينما برا بيصوروا عشر ساعات في اليوم، لذا السوق محتاج الأصغر القادر على حرق نفسه وصحته علشان يصور المشروع في أقصر وقت ممكن».

2- الثقافة العمرية، «المواطن العربي بيعتبر نفسه عجوز في عمر أصغر بكثير من المواطن الغربي، أو حتى الشرقي، الياباني بيعتبر نفسه عجوز مثلا بعد سن ٨٥، علشان كده في كذا مخرج ياباني أخرج لحد ما بقى عنده ١٠٠ سنة، لكن في مصر الواحد في منتصف الخمسينيات ينظر لنفسه على إنه عجوز».

3- ثقافة التعلم، «متى الشخص يتوقف عن التعلم والتطور والاستكشاف، برضه الانسان المصري بعد سن الأربعين بيبقي صعب عليه يعلم نفسه حاجة جديدة يتفرج ويسمع ويقرأ ويتطور، بينما في الثقافات الثانية بتشوف ناس بتبدأ مسار وظيفي جديد بعد الخمسين، بعد الستين بيحدد أهداف جديدة لنفسه، بيقعد طول عمره يتعلم».

4- الحروب الهامشية، «برا المخرج حربه يعمل فيلم يعجب الجمهور ويقدر فنيا، بس في مصر (في الإخراج وغيره) عندك عدد لا محدود من الحروب الهامشية، الرقابة، المعايير الاخلاقية والدينية، المتطرفين، المعايير الأمنية، التصاريح، محتاج لكل عطسة هتعطسها نوع تصريح مختلف، حروب إنسانية، حروب ميكروسكوبية في الحجم لكن غير محدودة في عددها تستنزفك من غير ما تدرك، الناس هتيجي في معادها ولا لأ، هيوفوا بوعودهم ولا بيكذبوا، هتوصل في قد إيه، هتركن فين، وهتنام إمتي، وفي حمام قريب تخشه ولا مش هتعرف».

5- الأمان الاقتصادي، «برا كل مخرج أو فنان مستريح نسبيا ماديا لإنه بياخد طول عمره نسبة من إيرادات أفلامه اللي ممكن يكون عملها من 50 سنة، كل ما الفيلم يعرض ثاني ياخد هو نسبة من فلوسه، في مصر المخرج بياخد أجره فقط، مهما نجح الفيلم واستمر، وده بيخليهم هناك يستقروا ماديا فيبدعوا أكثر، مش بيلهثوا زي هنا طول الوقت ورا المادة، فيضطروا يحرقوا موهبتهم في أعمال رديئة، وعلشان كده في مليون قصة لمخرج أو فنان مات فقير أو معرفش يعالج نفسه».

نرشح لك: خالد أنور يكشف لـ«الموقع» سبب اعتذاره عن مسلسل الأصلي مع ريهام عبدالغفور

6- ثقافة الأمل، «إنك تقدر وإنت عندك 70 سنة، لسة يكون عندك أمل ومافقدتوش أصلا في سن الثلاثين، ومش هتكلم كثير».

واختتم عمرو سلامة: «على قد ما ايه تبان مشكلة خاصة جدا لمهنة واحدة، لكنها كاشفة جدا لحالة عامة وتقدر تطبقها على مهن ثانية، ويبقى دورك الإنساني تعافر وتتساءل ازاي وسط ده كله، اقدر استمر؟».

الهرم المقلوب

المخرجة رباب حسين، قالت إن معوقات الإخراج جميعها معوقات إنتاجية، ونحن الآن في مرحلة الهرم المقلوب، فحاليا النجم هو الذي يتصدر رأس الهرم ثم يليه السيناريو، وأخيرًا المخرج، بخلاف ما كان يحدث في السنوات الماضية.

وأضافت خلال تصريحات خاصة لموقع «الموقع»: «عدد المخرجين الشباب في الفترة الحالية في تزايد كبير عن الفترة الماضية التي كنت أشهدها، وأصبح المناخ الحالي للمهنة لا يعتمد على الخبرات مثلما كان يوجد في الماضي».

وتابعت «حسين» أن المخرجين الشباب لا يمتلكون الخبرة للحكم على جودة السيناريو، مشيرة إلى أن جهة الإنتاج الوحيدة الموجودة حاليًا هي الشركة المتحدة، ولا يوجد فرصة للمخرجين الشباب سوى المنصات الإلكترونية.

الخضوع للإنتاج

بينما اتفق معها المخرج جمال عبدالحميد، وقال إن الإنتاج هو أحد معوقات المخرج، فالإنتاج لا يريد مخرج يفكر ويكون لديه ثقافة ووعي، بل مخرج ينفذ ما يريده الإنتاج.

وأضاف عبد الحميد في تصريحاته لـ«الموقع»: «يجب أن يكون المخرج هو أساس العمل الفني سواء في مصر أو في البلاد الأخرى، وأن يكون هو الذي يختار ويفكر، ولكن المخرجين الشباب المتواجدين حاليًا أغلبهم لا يمتلك ثقافة ووعي وينفذ ما يريده الإنتاج».

جهد بدني

وفي سياق متصل، قال المخرج أمير رمسيس، إن صناعة الإخراج في مصر صعبة للغاية، ووضع المخرجين في البلاد الأوروبية أفضل بكثير من وضعهم في مصر، ولكن الصناعة تظل صعبة في العالم بأكمله.

وأضاف «رمسيس» في تصريح لـ«الموقع» أن أبرز المشاكل التي تواجه المخرج، هي ارتباط الإنتاج برأس المال، فالمخرج يجب أن يعمل وفقًا لجدول إنتاجي مناسب للمنتج؛ لكي لا يكون لديه خسارة مالية.

وتابع: «هناك استنزاف جسدي للمهنة، ففي مصر يعاني المخرج من قلة وقت التحضير للعمل الذي يفرض عليه مجهود ذهني وبدني مبالغ فيه في فترة التصوير».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى