الموقعتحقيقات وتقارير

ماراثون التسليح.. دول العالم تستعرض تجهيز الجيوش.. وخبراء: «يهدد أمن المنطقة بأكملها»

تقرير: محمود السوهاجي

تشهد العالم حالياً تصاعداً في ميزانيات التسلح، حيث بلغت قيمتها الإجمالية 2440 مليار دولار، وهو رقم قياسي يعكس التوترات والصراعات المسلحة التي تجتاح عدة مناطق حول العالم. ففي ظل الصراعات المسلحة والصراعات الداخلية ومكافحة الجريمة المنظمة، يبدو أن الدول تزيد إنفاقها على التسلح بهدف تعزيز قدرتها الدفاعية والردعية.

أموال طائلة يتم صرفها على التسلح يمكن أن تكون ذات تأثير كبير على الاقتصادات الوطنية، حيث يتم تخصيص موارد ضخمة لشراء الأسلحة وتطوير التكنولوجيا العسكرية، وبالرغم من أن بعض الدول تبرر ذلك بضرورة حماية سيادتها وأمنها القومي، إلا أن هذا الإنفاق الضخم قد يثير تساؤلات حول استخدام الأموال في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.

تصاعد ميزانيات التسلح يعكس التحديات الأمنية التي تواجه العديد من الدول، ولكن في نفس الوقت يجب أن تكون هناك جهود دولية للحد من التصعيد وتعزيز السلم والأمان على المستوى العالمي. وبدلاً من التركيز فقط على التسلح، يجب أيضاً أن تولى الدول اهتماماً كبيراً لحل الصراعات بشكل سلمي وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة.

وحذّر الخبراء من الارتفاع في الإنفاق العسكري، مؤكدين أنه سباق تسلح خطير، مما يزيد من خطر الصراع وعدم الاستقرار، مشيرين إلى أنّ زيادة التسليح يؤدي إلى زيادة التوترات الدولية وعدم الاستقرار، كما يؤدي تحويل الأموال إلى الإنفاق العسكري إلى تقليص الاستثمارات في مجالات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية، ويمكن أن يزيد خطر الصراع والنزاع المسلح.

ومن جانبه، أعرب نان تيان، الباحث البارز في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، عن قلقه العميق من التبعات المُحتملة لِتسارع وتيرة سباق التسلح العالمي، مشدداً على أنّ هذا الارتفاع غير المسبوق في الإنفاق العسكري، والذي يُمثل ردًا مباشرًا على التدهور المتزايد للأمن والسلام الدوليين، يُنذر بِانزلاقٍ خطيرٍ نحو “حريقٍ غير مقصود” من الصراعات وعدم الاستقرار.

وأشار «تيان» إلى أنّ الدول، في سعيها المحموم لِتعزيز قوتها العسكرية، تُغفل المخاطر الجسيمة المُترتبة على هذا النهج.
ففي ظل المشهد الجيوسياسي والأمني المُضطرب الذي يشهده العالم، يُمكن لِأيّ شرارةٍ صغيرة أن تُشعل فتيل صراعٍ واسع النطاق، مع عواقب وخيمة على الجميع.

وتابع تيان مُحذّرًا: “إنّنا ندخل في دوامةٍ خطيرة من ردود الفعل، حيث تُحفز كل دولة زيادة إنفاقها العسكري استجابةً لِمخاوفها الأمنية، مّا يُؤدّي بدوره إلى تفاقم التوترات وتصاعد حدة الصراعات.”

ودعا تيان إلى اتّخاذ خطواتٍ عاجلة لكبح جماح سباق التسلح المُدمّر هذا، مؤكّدًا على ضرورة تعزيز التعاون الدولي والبحث عن حلولٍ سلمية لِمعالجة الأزمات الأمنية والسياسية المُتفاقمة.

صراع القوى الكبرى

ولا تزال الولايات المتحدة والصين أكبر دولتين تكبدتا للتجهيز العسكري، حيث خصصتا 37٪ و 12٪ على التوالي من الإنفاق، وزادت الولايات المتحدة إنفاقها بنسبة 2.3٪ بينما زادت الصين بنسبة 6٪، مما يعكس اتجاهات التحديث العسكري في كلا البلدين، وخصصت الولايات المتحدة 9.4٪ من إنفاقها العسكري للبحث والتطوير، مع التركيز على الحفاظ على ريادتها في التكنولوجيا العسكرية.

وعلى الرغم من أن الصين لا تزال بعيدة عن الولايات المتحدة من حيث الإنفاق العسكري، إلا أنها قد خصصت 296 مليار دولار في عام 2023، مع نمو سنوي مستمر خلال الـ 29 عامًا الماضية.

وزادت روسيا، ثالث أكبر منفق، إنفاقها بنسبة 7.9٪، كما زادت كل من الهند والمملكة المتحدة، وهما أكبر المنفقين في أوروبا الوسطى والغربية، إنفاقهما العسكري، وتزيد روسيا من نفقاتها العسكرية بشكل كبير وسط حرب أوكرانيا، بينما تستمر الهند في تعزيز قوتها العسكرية

وزادت روسيا إنفاقها العسكري بنسبة 24٪ في عام 2023، مما يمثل أعلى مستوى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ويعود هذا الارتفاع الكبير إلى الحرب المستمرة في أوكرانيا، التي أدت إلى زيادة كبيرة في تكاليف العمليات العسكرية، ووصل الإنفاق العسكري الروسي إلى 5.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 16٪ من إجمالي نفقات الحكومة، مما يُظهر التزام موسكو بأولوياتها العسكرية.

الهند تعزز قوتها العسكرية

وزادت الهند إنفاقها العسكري بنسبة 4.2٪ عن عام 2022 و 44٪ عن عام 2014، ويُعزى هذا الارتفاع إلى عوامل متعددة، بما في ذلك زيادة تكاليف الموظفين وتكاليف التشغيل، وتحديث الجيش، وتصاعد التوترات مع الدول المجاورة مثل الصين وباكستان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى