الموقعخارجي

فراس الخالدي عضو اللجنة الدستورية السورية لـ”الموقع”: رغم انفتاح بعض الدول العربية على دمشق “لم يتغير سلوك نظام بشار”

كتب- أحمد إسماعيل علي: قال فراس الخالدي، منسق “منصة القاهرة” في “هيئة التفاوض”، عضو اللجنة الدستورية السورية، إنه لا يوجد أساساً مواطن سوري وطني (موالي أو معارض) له مصلحة بغياب سوريا عن تمثيلها داخل الجامعة العربية وممارستها لدورها الرائد في محيطها العربي.

جاء ذلك في حوار خاص مع موقع “الموقع”، فيما يتعلق بالدعوات المتكررة من قبل بعض الدول العربية بخصوص عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية.

عودة سوريا للجامعة العربية

وأضاف فراس الخالدي: لكن ورغم كل الظروف التي مرت على المنطقة العربية عموماً وسوريا خصوصاً، وبالرغم من كل التحديات التي أفرزها الصراع في سوريا وعليها (زيادة سطوة الفكر الميليشيوي الطائفي، الإرهاب المتمثل بداعش والنصرة والميليشيات الإيرانية الطائفية، دخول عدد من جيوش الدول العظمى الأراضي السورية، تمدد الإرهابيين والميلشيات باتجاه دول أخرى انطلاقاً من سوريا، أزمات اللاجئين والنازحين، الكوارث الاقتصادية والبيئية… إلخ)، إلاّ أنّ الظروف التي أجبرت الدول العربية على تجميد عضوية سوريا لا تزال موجودة، خاصةً وأنّ النظام السوري هو من اختار الخروج من جامعة الدول العربية على عكس ما قام إعلامه بتصويره خلال السنوات الفائتة على أن العرب هم من تخلّوا عن سوريا وجمّدوا عضويتها.

 

مقعد سوريا بالجامعة العربية
مقعد سوريا بالجامعة العربية

وأوضح عضو اللجنة الدسورية السورية لـ“الموقع”، “أن المبادرة التي طرحتها جامعة الدول العربية للحل السياسي السلمي مطلع الأحداث في سوريا والمعزّزة بالعديد من الحوافز والمساعدات للدولة السورية وللنظام السوري مقابل تغليب لغة العقل والمصلحة السورية وتجنيب سوريا مخاطر الإنجرار نحو الأجندة الإيرانية وتسليم القرار السوري ورهنه لصالح المشروع الإيراني التدميري في المنطقة قوبلت بالرفض من قبل نظام الأسد الذي ظنّ صراحةً بأنّ مشاركة إيران لمشروعه سيمكّنه من أمرين، أوّلهما: تدمير سوريا القديمة (مركز بلاد الشام، ودرّة الأمة العربية)، وإعادة بنائها على أسس جديدة وبهويّة جديدة تخدم مخطط عائلة الأسد لحكم سوريا لمئويّة جديدة.

 

وثانيهما مشاركة إيران في تدمير الدول العربية من خلال مساعدة الميليشيات الإيرانية في تهديد أمن الدول العربية من الداخل بحجة الاضطهاد الذي تعاني منه الأقليات الشيعية المتواجدة في هذه الدول وادّعاء تواجد عدد المراقد والمقامات المقدسة للرموز الشيعية فيها، وكذلك المطالبة بإدارة إسلامية مشتركة للأراضي المقدسة (مكة والمدينة)، وتخليص الدول العربية من أنظمتها الموالية لأمريكا وإسرائيل ودعم حركات التحرر داخل الدول العربية وضمّها لمحور المقاومة الذي تقوده إيران ومن خلفها النظام السوري وحزب الله، ولذلك فإنك تراهم قد دعموا كل الثورات في باقي الدول العربية وأفتوا بشرعيتها وبكُفر الأنظمة التي وقفت في وجه المطالبين بحرّيّتهم فيها على حد زعمهم في الوقت الذي خوّنوا فيه الشعب السوري نتيجة خروجه على الأسد !”.

سلوك لم يتغير

وقال المعارض السوري، إنه رغم ما نشهده اليوم من انفتاح لبعض الدول العربية على دمشق إلاّ أنّ شيئاً من سلوك النظام لم يتغيّر ولم يترك حتى الآن أي فرصة لمقاربة سياسية أكثر واقعية لتدارك ما يمكن تداركه قبل أن ينفجر الإقليم برمّته.

وأضاف “الخالدي”  أن سياسة حافة الهاوية التي يمارسها نظام الأسد قد لا تجدي نفعاً هذه المرة خاصةً مع تواجد جيوش أجنبية على الأراضي السورية قد تجد نفسها مضطرّة في المستقبل القريب لإلغاء ما تبقى من دور للنظام أسوةً بما فعلوه مع المعارضة منذ 4 سنوات وحتى الآن، ويقوموا بفرض حل يتم من خلاله إجبار جميع السوريين على القبول به (حتى ولو لم يكن في صالح سوريا والسوريين).

وبالتالي معاملة سوريا كدولة فاشلة بالمطلق لا يتم الاعتراف بأي مؤسسة من مؤسساتها الحالية، وتركيب نظام وظيفي جديد يخدم مصالح جميع الدول ما عدا مصلحة الشعب السوري.

القمة الخليجية وسوريا

وتابع فراس الخالدي، قائلا: بالأمس تجنّب المجتمعون في القمة الخليجية 42، ذكر أي كلمة بخصوص سوريا (حتى لا يتم ضرب حتميّة الاجماع العربي لمواجهة تحديات المنطقة بأكملها) وهذا أكبر دليل على أنّ حلم النظام السوري بالتطبيع لا يزال قيد الانتظار في ظل وجود عدة دول عربية وازنة لا يمكنها أن تعطي الأسد من دون مقابل.

وأضاف: يُسجّل للعديد من الدول العربية قدرتها الاستثنائية على التقاط إشارات الربيع العربي وانخراطها فوراً في عمليات إصلاحية داخلية واتخاذ مسار التنمية كطريق وحيد للخروج من النفق المظلم الذي كان من المخطط إدخال جميع الدول العربية فيه في أعقاب تفجّر ثورات الربيع العربي.

آثار الدمار في سوريا
آثار الدمار في سوريا

وواصل قائلا: “نعتقد بأنّ هذا النجاح الذي شهدته بعض الدول العربية المهمة لم يقف فقط عند حد تجنيب هذه الدول ويلات الخراب والتدمير والتهجير، بل كان فرصةً لهذه الدول لمراجعة حساباتها الداخلية والخارجية وتوحيد وتحصين جبهاتها الداخلية كقاعدة أساسية للنجاة، ومن ثمّ الاعتماد على قدراتها الذاتية وتطوير إمكانياتها الدفاعية بدلاً من استمرار الاعتماد على الحماية الأمريكية فقط”.

مشروع عربي موحد

ورأى فراس الخالدي، أنه يعيش العرب اليوم المرحلة الثانية من المعركة، فبعد النجاح في الحفاظ على دولهم وشعوبهم (بعد تجربة العراق وسوريا المريرة) وتثبيت قواعدهم باتوا اليوم مطالبين بالخروج من القمقم الذي تم حصرهم فيه والخروج بمشروع عربي موحد من شأنه إنقاذ من سقط من الدول العربية والعودة لإستراتيجية الأمن العربي المشترك.

وقال: بحيث تكون كل من سوريا والعراق واليمن (بعد إنقاذهم) خط الدفاع الأول عن الأمة العربية ومقدّراتها في قادمات الأيام، ونجاح العرب بامتصاص الضربات المتتالية لا بد وأنه أنضج تجربتهم للحؤول دون أي نكسات أخرى.

وأضاف: إن كان من الصعب اليوم جمع 22 دولة عربية على مشروع عربي واحد، فإنّ نواة هذا المشروع موجودة اليوم وتتمثّل بمجلس التعاون الخليجي ومن خلفه مصر وقد تلحق بهم المغرب، وبالنظر لأسماء هذه الدول فإنّك ستلاحظ وبسهولة بأنها أقوى وأهم الدول العربية من ناحية الثروة (المادية والبشرية) والقوة العسكرية والأهمية الجيوسياسية، وهذا يلقي بمسؤولية كبيرة على اجتماع الرياض “القمة الخليجية 42” والأيام المقبلة ستكشف لنا حقيقة ما حدث.

حول جولة جديدة للجنة الدستورية

وعن محادثات المبعوث الأممي إلى سوريا “بيدرسون” لعقد جولة جديدة للجنة الدستورية، أوضح عضو اللجنة فراس الخالدي، لموقع “الموقع”: “رغم حرصنا الشديد على مسار جنيف ودفاعنا عنه وتأكيدنا الدائم على أنّ هذا المسار مُمثّلاً بالقرار الأممي 2254 هو المسار الشرعي الوحيد الذي يعترف به الشعب السوري للخروج من أزمته الخانقة والإنتقال إلى دولة جديدة يحلم بها الجميع، إلّا أنّ خيبة نجاح الأسد وحلفائه بالتلاعب بأولويات القرار ما زالت تلاحقنا.

وقال: “فبدلاً من مناقشتنا اليوم لهيكلية هيئة الحكم الانتقالي وظروف تجهيز البيئة الآمنة والمحايدة لإنجاح عملها والأشخاص الأعضاء فيها ومساهمات كل دولة في دعم هذه الهيئة وحشد الطاقات الشعبية للالتفاف حولها ، ها نحن نغوص في متاهات ودهاليز وتفاصيل النظام السوري التي سبق وأن بشّرنا بأنه سيُغرقنا فيها على لسان وزير خارجيته الراحل وليد المعلّم.

من أعمال اللجنة الدستورية السورية ـ أرشيفيةمن أعمال اللجنة الدستورية السورية ـ أرشيفية
من أعمال اللجنة الدستورية السورية ـ أرشيفية

وأوضح أن اللجنة الدستورية التي تمّ اعتمادها كمدخل للحل السياسي في سوريا تنعقد بخصوصها الجولة تلو الأخرى من دون أي تقدم ملحوظ في ظل إصرار وفد بشار الأسد على مناقشة قضايا غير دستورية، وإشغال فريق المعارضة بضرورة التوافق على مصطلحات وطنية وغير وطنية وتعريفات لمفاهيم ومعايير تفتح البوّابة على مصراعيها لمزيد من الخلافات.

وواصل قائلا: فوق كل ذلك تأتي تصريحات “الأسد” لتؤكد بأنّ ما يمكن أن يتفق عليه طرفا اللجنة الدستورية لن يكون ملزماً للدولة السورية، لأنّ وفد النظام المشارك في محادثات اللجنة في جنيف لا يمثّل الدولة السورية وأنّ أي نتائج ترشح عن أعمال اللجنة لا بدّ من عرضها على مجلس الشعب السوري (التابع للنظام)، لندخل جميعاً في أجواء مسرحية هزلية سريالية، خصوصاً مع عودة تصريحات المبعوث الأممي إيذاناً بقرب انعقاد جولة جديدة لأعمال اللجنة!

وختم فراس الخالدي، منسق “منصة القاهرة” في “هيئة التفاوض”، عضو اللجنة الدستورية الدستورية، حديثه لـ“الموقع”، قائلا: نحن بدورنا متمسكون باللجنة كأحد بنود القرار 2254 الذي يحظى بشرعية دولية لن نقبل المساس بها، لكن لا بد من التذكير بأنّ الدستور وحده لا يمكن أن يكون حلاً في سوريا، وأنه لا بد من العودة للاعتراف بضرورة تطبيق القرار 2254 كاملاً وبالترتيب الصحيح، وهذا ما نتأمّله مع تلمّسنا لملامح نواة مشروع عربي صاعد لطالما طالبنا به حتى في أشدّ اللحظات التي مرّت بها الدول العربية، فدولنا العربية اليوم مع كل من أوروبا وأمريكا لديها العديد من الأوراق التي يمكن اللعب بها لإجبار الأسد على تقديم المقابل،  ولا نظنّ بأنّ عقلاء العرب سيفرّطوا بهذه الفرصة أبداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى