أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» عن قوافل المدرسين .. وإلغاء الامتحانات!

أثار الكاتب الصحفى الشجاع محمد السيد صالح فى مقاله الأخير بجريدة المصرى اليوم نقطة جوهرية فى منظومة التعليم، عندما طالب بخصم جزء كبير من ميزانية الوجبات الغذائية فى المدارس والتى يبلغ إجمالها أكثر من ٧ مليارات جنيه سنويا، على أن يُخصص المبلغ لتعيين ٢٥٠ ألف مدرس جديد لتوفير ذخيرة حية مريحة من أساتذة التربية والتنشئة .. ولأننا نعتاد من كاتبنا القديم الجرأة فى طرح القضايا وجسارة الأفكار، فالاقتراح هنا جدير بالاهتمام والقرار السريع دون تلكؤ أو عقبات، احتراما لحقوق ملايين التلاميذ فى الحصول على معلم السلوك والعقول قبل غذاء البطون .. فالشكوى المستمرة من تراجع العملية التعليمية فى مصر وتصدع أساليب التدريس ما بين الحشو وتلقين المناهج، مرجعها أولا وأخيرا إلى كفاءة المدرس ومستوى قدرته على التفاعل مع الطالب ومدى تأثيره فى إقبال الطفل أو المراهق على المعلومة وشغفه بتحصيلها.

إذا ذُكرت كلمة “تعليم”، خرج على الفور من الفم لفظ “المدرس” .. فهو “أنبوبة الأوكسجين” التى تصل بين العلم والأجيال .. وتلف هذه الوسيلة لايعوضه أبدا كم المعلومات، وتعدد الأنشطة الترفيهية والثقافية، وتكثيف الحصص والمراجعات النهائية داخل الفصول وعلى فضاء “الأون لاين” .. وكل يوم أعيشه مع أجواء التعليم وتفاصيل حياة الطلاب وأولياء الأمور تترسخ قناعتى بأن الحل يكمن فى هذا “الإنسان الفاضل” الذى يحمل مهنة “مدرس” فى خانة بطاقته الشخصية .. بكل ما يملكه من ملكات توصيل المعانى وسمات الصبر والتحمل وتوزيع الجهد بين أكثر من عقل صغير داخل أربعة جدران .. وأضم صوتى المتواضع إلى قلم أستاذى رئيس تحرير “المصرى اليوم” السابق فى الرهان مجددا على “عصب المدرس” لإنقاذ أبنائنا من براثن الإنترنت الذى يتطلع إلى هذ الدور، ويفسد أكثر قيمة إنسانية وحضارية فى فلسفة التعليم وهو حوار الأجيال والتقاء الرؤى بين الصغار والكبار .. والعلاقة الحميمية بين الطالب وأستاذه أكبر مكسب من الذهاب إلى المدرسة والالتزام بالحضور، والاستفادة من خبرات وتجارب المعلم هى الدرجة المثالية التى تفوز بها البراعم وتفوق أى اختبارات شهرية ونتائج سنوية مختومة بشهادة رسمية!.

فلتتجه الدولة إلى مضاعفة نسبة المدرسين وإفراز جموع أكبر وقوافل أكثر من شبابنا المزود بأدوات العصر من تكنولوجيا وتطور ذهنى وأطر مبتكرة فى التعليم ونقل المعلومة .. وأضيف على المبادرة، رغبتى فى إلغاء نظام الامتحانات بما تشكله من ضغط عصبى واستنزاف مادى ونفسى للأسرة المصرية وطاقة الإدارة المدرسية، ونستعين بالتجربة اليابانية الرائدة فى الاعتماد على التقييمات الشاملة لأعمال السنة وسلوكيات الطالب ومنحنى أدائه الدراسى وتميزه فى مواهب الرياضة والفنون والأنشطة الاجتماعية الإيجابية .. أليست فكرة من الممكن تطويعها لتنمية مهارات الطالب وتخفيف حالة التوتر بينه وبين طاقم التدريس؟! .. وفى النهاية نستقبل جيلا ناضجا صافيا من شوائب تقاليد الماضى الجافة وقوالبها المتحجرة .. فاسمعوا وعوا يا خبراء التربية والتعليم .. ويا حضرات المستشارين!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى