الموقعتحقيقات وتقارير

سر الأرض.. زراعات تروى بـ«سموم الكيماويات».. والفلاح يقف حائرًا

مهندسون زراعيون يحذرون من خطورة المواد المحرمة وهرمونات الطماطم

تقرير: محمود السوهاجي

الأسمدة والمبيدات أدوات ضرورية للمزارعين لزيادة إنتاج أراضيهم، وخاصة الصحراوية التي تُعاني من شحّ الموارد الطبيعية، الخطورة تكمن في الاستخدام الخاطئ للأسمدة والمبيدات في الأراضي الصحراوية، مما يُسبب مخاطر جسيمة على صحة الإنسان والبيئة.

ممارسات خاطئة تسفر عن تلوّث التربة والهواء، مما يُؤثر على التنوع البيولوجي والنظام البيئي بشكل عام، وإلحاق الضرر بالكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة، مما يُؤثر على خصوبة التربة.

الفلاح بين فكيّ الكيماويات

وكشف الحاج حامد عبد الرسول، عن رحلته المريرة في مزارع الصحراء، حيث واجه خطرًا محيقًا بسبب الاستخدام الخاطئ للكيماويات، ويصف كيف كان يضطر إلى رشّ المحاصيل بالمبيدات السامة، مُتبعًا تعليمات صاحب المزرعة الذي كان يسعى جاهدًا للحصول على عائد سريع دون اكتراث لصحة الإنسان أو البيئة.

وحذر «عبد الرسول» من مخاطر استخدام الكيماويات بشكل خاطئ، مُشيرًا إلى أنه كان يُرشّ “الخيار” بالمبيدات في الصباح ليُصبح جاهزًا للحصاد في اليوم التالي، بينما تُشير المدة الطبيعية لحصاده إلى 14 يومًا على الأقل.

يُشارك المزارع تجربته المريرة مع التسمم من المبيدات، حيث ظهرت عليه أعراض خطيرة كالتلعثم والإسهال والغثيان والقيء والتعرق ورعشة العضلات، ونجى بفضل “سلفات أتروبين”، لكنه قرر مغادرة المزرعة خوفًا على حياته.

يُقدم المزارع نموذجًا حيًا لصراع الفلاح بين لقمة العيش وصحة الإنسان، ويُطالب بضرورة الوعي بمخاطر الاستخدام الخاطئ للكيماويات، ودعوة أصحاب المزارع إلى الالتزام بالممارسات الزراعية الآمنة التي تُحافظ على صحة الإنسان والبيئة.

المبيدات والأسمدة في الزراعة:

يُواجه المزارعون صراعًا صعبًا بين تحقيق الربح السريع والحفاظ على صحة الإنسان والبيئة، ويقول المهندس الزراعي عمر فتحي، إنّ استخدام الأسمدة التي توفرها وزارة الزراعة يتم تحت إشراف الجمعيات الزراعية، مما يضمن سلامتها، مشيرا إلى أنّ المشكلة في الزراعة الصحراوية، لا تخضع لأي رقابة، و يستخدم بعض الملاك مواد محرمة دوليًا مثل “بروميد الميثايل” لمكافحة “النيماتودا” في الأراضي الصحراوية، على الرغم من مخاطرها على المدى البعيد.

وحذر المهندس “فتحي” من استخدام بعض المبيدات المحرمة مثل “الجومايت” و”الأنتيمايت” التي تُسبب فشلاً كلوياً على المدى البعيد.

وأشار المهندس الزراعي إلى أن هرمونات الطماطم موجودة بشكل طبيعي في الثمرة، لكن بعض المزارعين يستخدمونها لتسريع نضج الثمرة وقطفها في اليوم التالي، مما يُسبب أضرارًا كبيرة على صحة الإنسان على المدى البعيد.

صراع بين الجهل والوعي

وأكد جمعة عطا الخبير الزراعي، أنّ الزراعة علمٌ يجهله الكثير من العاملين في هذا المجال، مما يُسبب ضررًا للإنسان والبيئة على حدٍّ سواء.

وأشار عطا إلى أن إغفال مبدأ التغذية العلاجية للمحاصيل والمنتجات الزراعية يُسبب ظواهر مثل تعفن الثمار وقلة جودتها.

نرشح لك : «بلاش على الريق».. احذر الإفطار في العيد بـ«الكعك والبسكويت»

وحذر عطا من استخدام سماد البودريت، وهو من أخطر الأسمدة، حيث يُصنع من مخلفات الصرف الآدمية وما تحتويه من العناصر الثقيلة والضارة بصحة الإنسان. يُسبب هذا السماد أمراضًا خطيرة مثل الفشل الكلوى والالتهاب الكبدى الوبائى والسرطان.

الأسمدة المغشوشة

وأكد عطا على خطورة استخدام الأسمدة المغشوشة والمحتوية على عناصر ضارة بالتربة الزراعية والنبات مثل الكلور والصوديوم، وكذلك الأسمدة التى يتم خلطها بملح الطعام.

وأشار عطا إلى غياب دور الإرشاد الزراعي في مصر، مما يُفاقم من مشكلة استخدام المبيدات والأسمدة بشكل خاطئ.

وشدد عطا على ضرورة مكافحة الأوبئة والأمراض المستعصية من خلال مراقبة محلات بيع الأسمدة والمبيدات ومزارع الفلاحين ومصانع المواد الغذائية.

وطالب الخبير الزراعي بضرورة اتباع إجراءات في السوق المحلية شبيهة بتلك المرتبطة بالمنتجات الزراعية المعدة للتصدير، مثل تحليل نسب متبقيات المبيدات، وفترة التحريم بين رش الآفات وجمع المحاصيل.

وأكد عطا على ضرورة وجود منظومة متكاملة تشرف على المنظومة الزراعية برمتها، من توفير الشتلات والتقاوى والبذور والأسمدة والمبيدات ذات الكفاءة العالية، وتوفير منظومة عادلة للعاملين في الزراعة ووضع آليات سوق قائمة على التنافس للوصول لأفضل جودة وسعر للمستهلك وأفضل عائد مُجدٍ للمستثمر والفلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى