سياسة وبرلمان

تيسير التعاملات مع الجهات الحكومية وغيرها والحق في معاملة إنسانية أثناء الضبط والمحاكمة..أهم أهداف قانون رعاية حقوق المسنين

كتب – محمد إبراهيم:

يناقش مجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، في جلسته العامة، الأحد المقبل، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة ومكاتب لجان التعليم والبحث العلمي، الشئون الصحية، الشباب والرياضة، السياحة والطيران المدني، الإعلام والثقافة والآثار، النقل والمواصلات، الخطة والموازنة، والشئون الدستورية والتشريعية، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون “رعاية حقوق المسنين”، ومشروعي قانوني مقدمين من السيدين النائبين الدكتور عبد الهادي القصبي وآخرين (أكثر من عُشر أعضاء المجلس)، والسيدة النائبة نشوى الديب وآخرين في ذات الموضوع. برجاء التفضل بعرضه على المجلس الموقر.

وجاء في تقرير اللجنة، أنه منذ صدور الدستور المصري عام 2014 ، وهو يعد ضامناً لحق كل انسان في الحياة الآمنة ، هادفاً لتوفير الحياة الكريمة لكل أفراد المجتمع علي اختلاف فئاتهم العمرية ، مرتكزاً علي عدم تهميش أي فرد من أفراد المجتمع ، مؤكداً علي توفير الحقوق كاملة دون تمييز.

وبإطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي “للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” في 11/9/2021 ، أصبحت مصر تتقدم بخطي واثقة نحو بناء مستقبل يليق بمكانتها بين الأمم ، ويليق بطموحات شعبها ، ويعلي قيم الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ولأن بناء الجمهورية الجديدة يرتكز علي تعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان بصفة عامة ، والاهتمام بحقوق المسنين بصفة خاصة ، ونظراً أن مرحلة كبر السن مرحلة هامة في عمر الإنسان ، ولكنها لم تحظي في التشريعات والقوانين بذات الأهمية للمراحل العمرية الأخرى ، فقد أصبح من المحتم بل من الواجب الوطني والمسئولية أمام التاريخ ضرورة وضع تشريع متكامل يعزز حقوق المسنين ، ويعمل علي توسيع برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة لهم.

وقد تعاظم الإهتمام بقضايا المسنين على المستوى الدولى في منتصف السبعينات حيث أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة (١٩٧٨م) الجمعية العالمية للشيخوخة ، وبينت أن الهدف من الجمعية هو عقد محفل للشروع في برنامج عمل دولي يستهدف تأمين الضمان الاقتصادي والاجتماعي لكبار السن وإتاحة الفرص لهم للإسهام في التنمية الوطنية، من خلال وضع خطة عمل دولية تستهدف تلبية احتياجات الشيخوخة ومتطلباتها. وقد اعتمدت هذه الجمعية عام 1982 خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة ، التي كانت بمثابة أول وثيقة عالمية تعنى بالمسنين ، وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة الهامة في اجتماع المندوبين لعدد 124 دولة ، معلنة العقد التاسع من القرن العشرين عقد المسنين . وتعد هذه الخطة مرشدا للعمل لأنها تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق المسنين ، هذا في إطار الحقوق التي أعلنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان. وهي تتضمن ۹۲ توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وبإعتبار التشريع واحداً من أهم الضمانات والوسائل التي تحفظ وتضمن للمسنين الحماية القانونية والاجتماعية، لذا فإن معظم الدول قامت بسن تشريعات قانونية قننت من خلالها رعاية حقوق المسنين للنهوض باحتياجاتهم واستمرارية علاقتهم بالمجتمع وإشراكهم في جهود التنمية المجتمعية.

– فبدون تشريع خاص ومتكامل يقنن رعاية حقوق واحتياجات المسنين ويفرض التزامات علي الدولة وعلي المجتمع وعلي أفراد أسرة المسنين ، فإنه من غير المستطاع الاستجابة بسهولة لمتطلبات المسنين المتنوعة والمتجددة علي الدوام.

فلسفة مشروع القانون وأهدافه

جاء مشروع القانون تفعيلاً لنص المادة (83) من الدستور التي تنص على “تلتزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وترفيهياً وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة ، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة. وتراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين ، كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون”.

لذا فقد أُعد مشروع القانون المعروض لكي يمنح المسنين حقوقاً عديدة تنفيذاً للالتزام الدستوري المشار إليه وترجمته في نصوص قانونية قابلة للتطبيق بمعرفة الوزارات والجهات المختصة ليمنح المسنين حقوقاً ومزايا عديدة تمكنهم من الحياة الكريمة والمشاركة في الحياة العامة.

أهم أهداف مشروع القانون

1- حماية ورعاية حقوق المسنين وضمان تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والصحية والاقتصادية والثقافية والترفيهية وغيرها.

2- تمتع المسنين بجميع الحقوق الواردة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المنظمة لحقوق المسنين، مع تمتعهم بكافة الحقوق الواردة فى هذا القانون وأى قانون آخر.

3- رفع الوعى المجتمعى بحقوق المسنين وتوفير سبل الاتاحة لهم ، كذلك تمكينهم من المشاركة فى تسيير الشئون العامة وصياغة السياسات والبرامج الخاصة بشئونهم.

4- تيسير تعاملات المسنين مع الجهات الحكومية وغير الحكومية؛ على أن يكون هناك نافذة تُخصص لحصولهم على الخدمات دون مزاحمة مع غيرهم.

5- يٌمنح المسن اعفاء جزئى من تكلفة استخدام وسائل النقل العام المملوكة للدولة مليكة تامة ورسوم الاشتراك فى الهيئات الرياضية ومراكز الثقافة والمسارح وبعض المتاحف والمواقع الأثرية المملوكة للدولة.

6- يكون للمسن -فى جميع مراحل الضبط والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ- الحق فى معاملة انسانية تتناسب مع حالته العمرية واحتياجاته ويكون له الحق في المساعدة الفنية المتخصصة عند الاقتضاء، على ان تراعى الدولة فى تخطيطها لجميع أماكن الاحتجاز والسجون اتاحتها للمسنين.

7- اتاحة حقوق متكاملة من الرعاية الصحية والنفسية واعادة التأهيل للمسنين.

8- إدراج حقوق واحتياجات المسنين فى برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة.

9- يكون للمسن الاولى بالرعاية الحق فى الحصول على مساعدة ضمانية شهرية فى حالة عدم حصوله على معاش تأمينى.

10- توفير خدمة توصيل المعاش الخاص بالمسن أو المساعدة المستحقة بحسب الأحوال إلى محل اقامته مقابل رسم رمزى.

11- لا يجوز قبول المسنين بدور الرعاية أو ابقائهم بها دون رضاهم.

12- ويُعفى المسن الاولى بالرعاية الذى ليس لديه مكلف برعايته من تحمل تكاليف الاقامة والاعاشة فى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لرعاية المسن.

13- تلتزم جميع المواقع الاعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية بتسويق الصورة الايجابية للمسن، وتسليط الضوء على مساهماتهم الايجابية.

14- توفير الرعاية الوقائية والعلاجية الجيدة وفقاً لقوانين وقواعد التأمين الصحى.

15- بموجب هذا القانون ينشأ صندوق يسمى “صندوق رعاية المسنين” تكون له الشخصية الاعتبارية، يتبع الوزير المختص، يهدف هذا الصندوق إلى تعزيز حقوق وحريات المسنين وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص، وتقديم الدعم لهم فى جميع النواحى الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية والتعليمية ..، وغيرها.

16- هناك باب كامل للعقوبات لتوفير الحماية القانونية الكاملة وفقا للجريمة المرتكبة فى حق المسن سواء كان معرضا لاحدى حالات الخطر الواردة بالقانون او غيرها من الافعال المؤثمة وفقا لما ورد بنصوص هذا المشروع.

النصوص الدستورية والقانونية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمشروع القانون

جاء مشروع القانون المعروض متسقاً مع الأحكام الدستورية والقانونية والاتفاقيات الدولية كما يلي :

1 الدستور:

– تنص المادة (8) من الدستور علي ” يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي.

وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون”.

– تنص المادة (53) من الدستور علي ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.

التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون.

تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”
– تنص المادة (83) من الدستور علي ” تلتزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وترفيهياً وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة. وتراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين.

وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.”

– تنص المادة (93) من الدستور علي ” تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة.

2- قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019:

تضمن القانون رقم 148 لسنة 2019 في الباب السابع منه وهو خاص بالرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات، علي العديد من الأحكام التي توضح الأنشطة والخدمات المختلفة وبعض التيسيرات الممنوحة لأصحاب المعاشات.

3- وثيقة فيينا الدولية للشيخوخة:

تؤكد خطة عمل (فيينا) الدولية للشيخوخة ، علي أن الاسهام الروحي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمسنين يعد ذا قيمة في المجتمع وينبغي أن يعترف به ويزداد تشجيعه وينبغي اعتبار الإنفاق علي المسنين استثماراً دائماً.

4- مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن والخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب القرار 46/91 الصادر في ديسمبر 1991

والتي تضمنت ديباجته أنه تقديراً لكبار السن ودورهم ومساهمتهم في مجتمعهم ، وتأكيداً علي المبادئ التي تدعمها مواثيق الأمم المتحدة والمتمثلة في الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية وكرامة الفرد والحقوق المتساوية للرجال والنساء والكبار والصغار، ضرورة تحسين مستويات المعيشة وتعزيز التقدم الاجتماعي لكبار السن.

5- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

نصت المادة (7) على أن :

” كل الناس سواسية أمام القانون ، ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان ، وضد أي تحريض علي تمييز مبني علي الجنس أو اللون أو السن.

كما نصت المادة (25) على أن :

لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.

6-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :

نصت المادة (9) على الآتي :

” حق كل شخص في الضمان الاجتماعي ، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية”

7-الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (جمهورية مصر العربية 2021-2026)

جاء من بين محاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ضمان حقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب وكبار السن.

وكان من أهم النتائج المستهدفة هو ” إصدار تشريع متكامل يعزز حقوق كبار السن”.

ثالثاً : أهم الأحكام التي تضمنها مشروع القانون

انتظم مشروع القانون المعروض في مادتي إصدار بخلاف مادة النشر، وقانون مرافق له يتضمن تسعة أبواب تحتوي على ثمانٍ وأربعين مادة موضوعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى