الموقعتحقيقات وتقاريرخارجي

تقارير حقوق الإنسان الغربية عن العالم العربي.. “عسل مسموم”

كتب – أحمد إسماعيل علي

تعمل العديد من الدول العربية على دعم ما يحسن حياة مواطنيها وضمان عيشهم الكريم وتمتعهم بالحصول على حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

فيما تسعى منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، ومن ورئاهما إدارة الرئيس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي جو بايدن، في استخدام ملف حقوق الإنسان والحريات، كورقة ضغط وذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول واستخدامها في ملفات أخرى.

وكأن واشنطن والمنظمات التي تسير في فلكها، نصبوا أنفسهم رقباء وحسباء ومقررون لما يعتبرونه يوافق أو يخالف حقوق الإنسان، لكنه ووفقا لتفسيرات قانونية عديدة، ينتهك ويخالف القانون الدولي.

ولاشك أن حقوق الإنسان، معيار مهم جدا لضمان حياة تتسم بالعدالة والكرامة والرفاهية، وهي من متطلبات واستقرار الدول وانسجام مجتمعاتها ونموها وتطورها وعنصر قوة للوطن.

وبالتأكيد إن عمل المنظات المعنية بحقوق الإنسان، جائزا ومطلوبا عندما يتعلق الأمر بما يحدث من انتهاكات وجرائم في الأراضي الفلسطينية من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وكذلك في سوريا التي تمتلئ بالعديد من الميليشيات والتدخلات الأجنبية القاتلة للشعب السوري وحقوقه، وغيرها من الحالات في العالم.

إلا أن تطرق بعض المنظمات الحقوقية الدولية، إلى ملفات أخرى في الدول العربية تتعلق بإعطاء المزيد من الحريات لشخصيات أو جمعيات متهمة بممارسة أدوار مشبوهة تؤثر على السلام المجتمعي، يحتاج إلى الإمعان في النظر.

هذا لأن الظروف التي تحيط الدول واستقرار نظمها السياسية ومن ثم أمن وسلامة وتناغم نسيجها الوطني، تختلف من بلد إلى أخرى.

فحقوق الإنسان في دول عربية قد تفوق غيرها في دول غربية، وما يرونه حقوق إنسان قد لا نراه وترفضه الأديان والقيم والثقافة المجتمعية.

حقوق غير سوية

ففي الغرب هناك على سبيل المثال ما يسمى بـ”حقوق الشواذ”، إذ تشهد بعض الدول الغربية دعما صارخا لتلك الفئة غير السوية من البشر.. فهل هذا مطلوب أيضا في دولنا العربية والإسلامية؟!

المرأة 

وكذلك ما يخص حقوق المرأة، وهذا العنوان الفضفاض الذي تضغط عبره منظمات حقوق الإنسان، بينما يمكن للمتفحص والخبير أن يلاحظ كم التشريعات العربية التي تنافح عن المراة وتدعم حقوقها بل وتشاركها في تولي المناصب وقيادة المسؤوليات في المناصب السياسية والبرلمانية وغيرها.

أجندات

لكن منظمات حقوق الإنسان التي تحمل في الغالب أجندات سياسية، تستخدم هذه الأمور للضغط على الأنظمة والحكومات العربية دونى مبرر في كثير من الأحيان، وربما لسوء في الفهم أو نوايا سيئة مبيتة نتيجة تحريض قوى المعارضة، التي تفجر في الخصومة.

التمييز ضد الأقليات

وغير ذلك، ما خرجت به منظمة هيومن رايتس ووتش، وانتقادها اليوم الإثنين، للسعودية، واتهامها بأنها تمارس التمييز ضد الأقليات الدينية،  زاعمة: “النصوص المدرسية تستمر في الاستخفاف بالمعتقدات والممارسات الدينية للأقليات، بما في ذلك المواطنين السعوديين، وتساهم في تعزيز ثقافة التمييز التي تواجهها هذه الأقليات”.

وقالت رايتس ووتش، “بعض الممارسات المرتبطة بالشعائر الإسلامية الشيعية والصوفية لا تزال توصف بأنها غير إسلامية ومحظورة”.

جاء ذلك في تغريدة عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، حول مراجعتها للكتب المدرسية الصادرة عن وزارة التربية للعامين الدراسيين 2019-2020 و2020-2021.

انتقدت، تدريس منهاج “التوحيد”” فقط، قائلة إنه مادة إلزامية لمراحل التعليم الابتدائي والمتوسط ​​والثانوي.

ورغم إشادتها الجزئية بالرياض، قائلة إن السعودية اتخذت خطوات مهمة لإلغاء محتوى الكراهية وعدم التسامح من كتب الدين المدرسية، إلا انها انتقدت أن الكتب الحالية تبقي على اللغة المهينة للممارسات المرتبطة بالأقليات الدينية.

حقوق الإنسان ليست هدفا في حد ذاته

ويبدو أن “رايتس ووتش” وشبيهاتها، تحاول ابتكار وتقنين حجج واهية للصيد في الماء العكر في السعودية وغيرها، وما أن يغلق ملف حتى تبحث عن غيره، دون مراعاة لتكوين المجتمع وما يحقق سلامته وأمنه بالدرجة الأولى.

إن الحقوق ليست هي الهدف وإنما ما تذهب إليه تلك الحقوق وما تؤدي إليه، فليس لك الحق كإنسان ان تضر “انت حر ما لم تضر”، كن الوقائع تشير كثيرا إلى أن الحقوق والحريات في كثير من الاحيان يساء استخدامها وتضر المجتمع وتلحق به الضرر البالغ.

تشريعات سعودية

السعودية من جانبها تسعى للاقتراب كثيرا من تشريعات تدعم حقوق الإنسان وسلامة المجتمع.

في 9 فبراير، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عن إصلاحات تشريعية جديدة تستهدف أربعة قوانين هم “الأحوال الشخصية، والمعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات”، لتعزيز مبادئ العدالة والشفافية، وتحقّق التنمية الشاملة.

والسؤال ألا يندرج هذا كله ضمن بنود تعزيز حقوق الإنسان والمواطن؟ ولماذا لم تتطرق هيومن رايتس ووتش بالإشادة بهذه الإجراءات، أم أنها تكتفي فقط باختلاق السلبيات أو تضخيمها دون الرجوع إلى الجهات المعنية للاستفسار وتحري الدقة.

كما قال ولي العهد السعودي “إن المملكة تسير وفق خطوات جادّة في السنوات الأخيرة نحو تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعياتٍ مؤسسيةٍ إجرائيةٍ وموضوعيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ”.

النيل من البحرين

مؤخرا أيضا، رغم صدور حكم قضائي تؤكد المملكة حسن نواياها بشأن بعض القضايا الخاصة تتعلق بخروج شخصيات قد تكون معروفة أو مشهورة عبر التواصل الاجتماعي، لم تسلم من تقرير ممنهج آخر صادر عن منظمة العفو الدولية.

هذا دعا رئيس البرلمان العربي، عادل العسومي، “نائب بحريني”، أن يعلق على تقارير منظمة العفو الدولية، بشأن حقوق الإنسان في بلاده، قائلا إن “حماية حقوق الإنسان هي عملية مستمرة ومتطورة وليس هناك أحد ضد مراجعة منظومة حماية حقوق الإنسان ودعمها بكل السبل”.

وشدد “العسومي” على أن ذلك مع ضرورة أن يتم ذلك بشكل مهني وحيادي ويكون الهدف الحقيقي هو الارتقاء بهذه المنظومة.

ووصف رئيس البرلمان العربي، تلك الممارسات بخصوص مملكة البحرين بأنه امتداد لنهج غير موضوعي وغير حيادي تتعامل به المنظمة الدولية مع أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي بشكل عام.

وقال إن تلك التقارير ومثلها ينتقد حالة حقوق الإنسان في الدول العربية دون أن تواصل مباشر مع الجهات المعنية في هذه الدول.

رئيس البرلمان العربي، أيضا تساءل عن الأهداف الحقيقية وراء ما تضمنه تقرير المنظمة بشأن حركة الاحتجاجات التي شهدتها مملكة البحرين في عام 2011م رغم مرور عشر سنوات عليها.

وأضاف أن الملك حمد بن عيسى، ملك البحرين، هو من بادر بتشكيل لجنة تقصي حقائق في هذه الأحداث والتي ضمت حقوقيين دوليين، حرصا من جلالته على استجلاء كل الحقائق التي رافقت هذه الأحداث، فضلاً عن تشكيل فريق عمل وطني لدراسة وتنفيذ توصيات اللجنة.

الخلاصة

إن مسألة حقوق الإنسان في العالم العربي، ليست قضية إنسانية صرفة كما قد يظن البعض، خصوصا عندما تأتي من الغرب.

فرغم ترحيب العديد من العواصم العربية، بدعم ملفات حقوق الإنسان، إلا أن تلك الإشكالية كأنه يراد منها أن تبقى ملفا مزمنا في سياق العلاقات المتعاقبة.

شئنا أم أبينا، هذا واقع ينبغي أن تتعامل معه مصر والسعودية والبحرين وباقي الدول العربية، التي تعمل وتحقق على الأرض الظروف التي ترتقي من رفاهية وسلامة مواطنيها، بحذر شديد.

على الدول العربية أن تروج لمنجزاتها في العُمران والاقتصاد والحياة السياسية والأقليات وملفات المواطنة، لتصد هذه الادعاءات بقوة، حتى لا تستخدم مطية لأي شيء.

فلسفة “السم في العسل” ليست غائبة عن تقارير حقوق الإنسان الغربية.. لكن في الوقت نفسه، هذا ليس مبررا للتراخي في دعم كل ما يحقق العدالة والكرامة للمواطن العربي في شتى الحقوق.

إذ ينبغي أن يكون الحرص على تفعيل تلك الحقوق، عبر القنوات الشرعية “البرلمان ومنظمات المجتمع المدني والأبحاث الوطنية والحكومة”، وليس من خلال التدخلات الخارجية المشبوهة التي تصطاد في الماء العكر.

إن التحرك الرسمي والبرلماني والشعبي، ضروري جدا خصوصا مع اقتراب الدورة العادية الـ 46 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمقرر أن تبدأ في 22 فبراير 2021، وسط دعوات من منظمات حقوقية مشبوهة تقلب الحقائق للتحريض ضد مصر والدول العربية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى