الموقعتحقيقات وتقارير

بعد تقرير «بلومبرج».. هل مصر معرضة للإفلاس؟.. خبراء يتحدثون لـ«الموقع»

«الفقى»: وضع الدولة آمن ولا خوف من حدوث تخلف عن سداد الديون

«معطى»: التقرير غير واقعي والوضع الاقتصادي مستقر

كتب – أسامة محمود

كشف تقرير لوكالة “بلومبرج” الأمريكية ، عن أن مصر وتونس من بين الدول المرجح تعثرها في سداد ديونها الخارجية، على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الأزمة الأوكرانية.

وذكرت الوكالة أن كومة من الديون المتعثرة التي تبلغ قيمتها ربع تريليون دولار تهدد بجر العالم النامي إلى سلسلة تاريخية من التخلف عن السداد.

وأوضحت أن سريلانكا أول دولة توقفت عن سداد مستحقات حاملي سنداتها هذا العام، مثقلة بتكاليف الغذاء والوقود الباهظة التي أججت الاحتجاجات والفوضى السياسية فيها.

وقالت الوكالة في تقريرها إن على مصر نحو 4 مليارات دولار من الديون الخارجية المستحقة في نوفمبر 2022 و3 مليارات دولار أخرى مستحقة في فبراير 2023.

وكشف التقرير أن التركيز في الوقت الحالي يتحول إلى السلفادور وغانا ومصر وتونس وباكستان، وهي دول من المرجح أن تكون عرضة للتعثر في السداد.

وفى التقرير التالي يرصد “الموقع” من خلال خبراء الاقتصاد مدى دقة هذا التقرير الخاص بالوكالة وما ذكرته عن مصر وموقفها من الديون الخارجية، وهل الدولة مقبلة على التعثر والتخلف عن سداد ديونها، والذى يعد بمثابة إفلاس وما هو الرقم الحقيقي للديون الخارجية وحجم الاقساط المطلوبة، خاصة أن هناك مفاوضات جديدة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي” خلال الفترة المقبلة.

150 مليار دولار إجمالي الديون الخارجية على مصر

بدوره قال الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، مساعد مدير تنفيذي سابق بصندوق النقد الدولي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن أخر تقرير لصندوق النقد الدولى الجهة المعنية بالديون أوضح أن إجمالي الديون الخارجية على مصر يصل إلى 150 مليار دولار حاليا بعد إضافة 5 مليار الوديعة الأخيرة من المملكة العربية السعودية.

وأشار الفقي إلى أن تقرير وكالة بلمبورج الذى يقول إن مصر من أكثر 5 دول معرضة للتخلف عن سداد ديونها مردود عليه بهذا الأمر، لافتا إلى أن البنك المركزى لم يقترض أموال أخرى، بالإضافة إلى أن وزارة المالية أيضا لم تقترض قائلا “عندما يخرج وزير المالية محمد معيط للخارج ويروج لسندات دولاريه لآجال مختلفة 5، او 10،15 عام فهذا دين على المالية” لافتا إلى أن ديون وزارة المالية غير ديون البنك المركزي غير ديون الهيئات الاقتصادية وهى منفصلة عن وزارة المالية ميزانيتها لا تدرج ضمن ميزانية الدولة أو الحكومة ولكن لها علاقة إذا كان لها فائض ويضاف إلى ميزانية الدولة فهنا ترتبط بميزانية الدولة.

وأضاف “الفقى” أن هناك قروضا قصيرة الأجل التى تقل عن عام وفترة استحقاقها خلال عام، وهى تشكل 10% من إجمالى الديون الـ 150 مليار دولار، أما 90% الباقي من الدين يمثل قروض متوسطة الأجل “أكثر من عام بمعنى 5 إلى 10سنوات، مشيرًا إلى أن هناك أمرا آخر وهو أن مصر اقترضت الديون الخارجية بأسعار فائدة معظمها مُيسر أقل من سعر السوق.

15,5 مليار دولار الأقساط المستحقة على مصر

وتابع أن المعترف به لدى الحكومة سواء “المالية، البنك المركزي، هيئات اقتصادية مضمونة من قبل الحكومة” بالنسبة للدين الخارجى هو 150 مليار دولار، 10% قروض قصيرة الأجل و90% قروض متوسطة وطويلة الأجل، لافتا إلى الوكالة تتحدث عن ديون 157 مليار دولار، ولا اعرف من أين أتت بـ 7 مليارات دولار هل هى قروض خاصة بالقطاع الخاص؟ ولكن هذه الديون ليس لها علاقة بالحكومة.

كماأوضح أن الحكومة عليها أقساط مستحقة خلال العام المالي الذى بدأ فى يوليو الجارى حتى يونيه 2023/2022 بلغت 15.5 مليار دولار وهذه الأقساط يحل استحقاقها خلال 12 شهرا المقبلة، موضحًا أنه سيكون هناك قسط وقت استحقاقه فى أغسطس المقبل ومطالبة الحكومة بدفع 4 مليارات دولار، من إجمالى الأقساط وتحل تباعا، وهى ديون قصيرة ومتوسطة الأجل.

نرشح لك : ذهب «السكري» يهبط بنسبة41٪.. واقتصادي لـ«الموقع»: تراجع إيرادات وليست خسائر

وعن كيفية حل مشكلة هذه الأقساط لـ 15.5 مليار دولار، وهل هذا الرقم موجود؟ أكد الخبير الاقتصادى أن الحساب الجارى الذى يشمل الميزان التجارى “استيراد وتصدير سلع” وميزان الخدمات “خدمة السياحة، خدمة النقل قناة السويس والعملة بالدولار” والاستثمارات الاجنبية، لافتا إلى أن مصر تصدر بـ 45 مليار دولار صادرات بترولية وغير بترولية الإجمالي ، والواردات حوالى 90 مليار دولار، وعند طرح الصادرات من الواردات يظهر لدينا عجزفى الميزان التجاري 45 مليار دولار.

مصر تصدر خدمات سياحة ونقل بقيمة 20 مليار دولار

وتابع أننا نصدر خدمات السياحة للأجانب متوقع أن تصل لـ 13 مليار دولار ومؤشرات انتعاش قطاع السياحة خلال الفترة المقبلة ويحل محل السياحة الأوكرانية والروسية سياحة أخرى “المتحف الكبير، الطيران الداخلي منخفض التكلفة” حسب تصريحات وزير السياحة والآثار أننا نستعيض عن السياح الأوكرانيين والروس بأخرى، بالإضافة إلى خدمات نقل عبر قناة السويس تصل لـ 7 مليارات دولار ومتوقع أن تزيد، بالإضافة إلى تحويلات المصريين فى الخارج وأخر إحصائية تتحدث عن 33 مليار دولار ومتوقع أن تصل خلال الفترة المقبلة 35 مليار دولار وعند جمع هذه الخدمات “13 مليار دولار خدمات سياحة، 7 خدمات نقل قناة السويس، 35 مليار تحويلات المصريين” يصل الإجمالي 55 مليار دولار فائض ويطلق عليه الحساب الجارى يوجد به صفة الدورية والتكرار، وعندنا استيراد خدمات أجانب “خبراء، صيانة” مثلا بـ 5 مليارات دولار وبالتالى يكون الصافى 50 مليار دولار فى ميزان الخدمات وعند طرح هذا الرقم من عجز الميزان التجارى المقرر بـ 45 مليار دولار نجد فائض 5 مليارات دولار.

وأردف أستاذ الاقتصاد، أنه جرى العُرف بالنسبة لقواعد المؤسسات الدولية “صندوق النقد الدولى” أنه يتم استبعاد التحويلات من الحساب الجارى بزعم أنها لا تحمل صفة الدورية والتكرار ولكن فى مصر تحمل صفة الدورية والتكرار، مشيرًا إلى أن الصندوق الدولى لديه دليل حساب المدفوعات التى تتبعه 190 دولة أعضاء فى الصندوق أن هذه التحويلات لا تحمل صفة الدورية والتكرار، ولذلك هذا ما نقلته وكالة بلمبورج فى تقريرها والتي تلتزم بقواعد صندوق النقد الدولي.

وقال الفقي، إن مصر اتجهت للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي لسد الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي، متوقعا أن تحصل مصر على قرض بقيمة تتراوح بين 5 و7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي ضمن برنامج تسهيل ممدد لمدة 3 سنوات، مشيرًا إلى تجارب مصر في الاقتراض من الصندوق خلال السنوات الماضية، حيث حصلت على قرض بقيمة 12 مليار دولار عام 2016 بصفتها عضوا في صندوق النقد الدولي بحصة تقل قليلًا عن 3 مليارات دولار، كما حصلت على 8 مليارات دولار، وحتى الآن نجحت الحكومة في سداد 5 مليارات دولار من هذه القروض.

وتابع “الفقى” أن مصر تواجه تحديًا في انخفاض مخزون الاحتياطي النقدي، موضحًا حاجتها إلى 35 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2022/2023 لتعويض خروج استثمارات أجنبية من البلاد بلغت قيمتها 20 مليار دولار، وسداد التزاماتها الدولية بقيمة 15,5 مليار دولار.

وحسب تصريحات المتحدث باسم الحكومة نادر سعد ، فإن مصر في السنوات الست الأخيرة، حصلت على 3 قروض من صندوق النقد الدولي، الأول في عام 2016 بقيمة 12 مليار دولار لتمويل برنامج للإصلاح الاقتصادي، والثاني بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، واستكملت بقرض ثالث بقيمة 5.2 مليارات دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.

19 مليار دولار ودائع خليجية فى البنك المركزي

وعن كيفية تسوية هذا الدين أكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن 15.5 مليار دولار الأقساط الملتزمة بها مصر خلال الفترة المقبلة منهم جزء ودائع لدى الدول الشقيقة حيث جددت المملكة العربية السعودية 3 مليارات دولار ووضعت 5 مليار دولار خلال العام الماضى وعندما يحل أجل وديعة يتم تجديدها مشيرًا إلى أن السعودية لها ودائع فى البنك المركزي 10.3 مليار دولار وهى ديون على مصر، بالنسبة للكويت لها 4 مليارات دولار، الإمارات لها 5.7 مليار دولار ودائع فى البنك المركزي، وهى ودائع جزء منها يحل ميعادها هذا العام.

ويضيف “الفقى” أنه فى هذه الحالة بصفة مصر عضوا فى الصندوق النقد الدولي، تلجأ للاقتراض، وعند طلب قرض جديد من الصندوق يتم التواصل مع الصندوق من خلال إجراءات مسبقة يضعها الصندوق للموافقة على القرض وقبل تسلم الأموال مثل “تحريك أسعار المحروقات، زيادة مرتبات وأجور الموظفين، زيادة المعاشات، برامج تكافل وكرامة، زيادة المعاش التابع للقطاع الخاص، والسلع التموينية ، وتطوير العشوائيات، ومشروعات جديدة” وبالتالى يتم الموافقة على الاقتراض بعد تنفيذ برنامج وإجراءات الصندوق.

وأوضح أن دولة قطر تعتزم ضخ استثمارات مباشرة بقيمة 5 مليارات دولار، فيما ضخت الإمارات 2 مليار دولار لشراء حصص حكومية في شركات مقيدة، ويتبقى فجوة بقيمة 13 مليار دولار تحاول الحكومة سدها من خلال الحصول على قرض من صندوق النقد، مشيرا إلى أنه ستبقى فجوة بين 5-7 مليارات دولار ستحاول مصر سدها من خلال جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وتمويلات من مؤسسات دولية أخرى.

هل التخلف عن سداد ديون الدولة يعتبر إعلان إفلاس؟

وردا عن سؤال: هل التخلف عن سداد ديون الدولة بمثابة إعلان إفلاس أكد “الفقى” أن الدائنين إذا كانت مؤسسات دولية “صندوق النقد الدولي” أو حكومات أجنبية يضمهم نادى يسمى “نادى باريس” وتسمى ديون رسمية سواء ثنائية بين حكومات أو مؤسسات متعددة الأطراف فى هذه الحالة يعطى نادى باريس تحذير للدول المدانة مثلا شهر وإذا مضى شهر ولم يسدد يطلق عليها “متعثر” ثم بعد ذلك إعلان “إفلاس”، وهنا يتدخل صندوق النقد الدولي من خلال نادى باريس للحصول على أمواله” تغيير حكومات هذه الدول، تطبيق شروط وإجراءات وبرامج تقشفية قاسية”.

نرشح لك : المجلس الاقتصادي الإفريقي لـ«الموقع»: البورصة ستواجه موجة كبيرة من الشطب الإختياري للشركات الفترة المقبلة

وعن وضع الدولة بعد إعلان إفلاسها هل يتم إعفاء الدولة من الديون؟ ، قال الخبير الاقتصادى :هناك أمرين الأول إذا كانت الديون تجاه المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف “صندوق النقد الدولي، البنك الدولى” لا تسقط إطلاقا وغير قابلة للجدولة ولا يعدد وليدها ومن أجل ذلك يعد تصنيفها “A A A” بمعنى أنه لا خوف ولا يوجد مخاطر على أموال الدول الأعضاء فى المؤسسات المالية الدولية، الأمر الثاني إذا كانت الديون ثنائية بين الحكومات أو المؤسسات الحكومية يمكن إسقاطها ولكن بشرط اتفاق الدائن أو إذا رفض إسقاطها يمكن إعادة جدولتها على حد قوله.

وأكد أستاذ الاقتصاد أن وضع الدولة آمن ولا خوف من حدوث تخلف عن سداد ديون مصر، وذلك لعدة عوامل منها وجود إدارة جيدة للدين “متخصصون”، بالإضافة إلى أن 150 مليار دولار إجمالى الدين مقابل الناتج المحلى الإجمالي بالجنيه المصرى 9.1 تريليون جنيه وبتحويل هذا المبلغ بالدولار بسعر 20 جنيها حوالى 450 مليار دولار وحين يتم تقسيم هذا الرقم على حجم الدين 150 مليار دولار يمثل الثلث، لافتا إلى أن هذا يوضح أن الدين الخارجى 33% ، موضحا أن النسبة الآمنة لأى دولة لا تتخلف عن سداد التزاماتها بالدولار، هى بين 30% إلى 50% ومصر 33% يعنى فى حد الأمان ، موضحا أن هذه قروض منتجة وليست مستهلكة نتيجة للاستثمار فى الطاقة وهو مانجد مردوده فى الناتج، بالإضافة إلى عامل السياسة الخارجية الجيدة والمتزنة للدولة وخاصة مع الأشقاء العرب ودول الخليج.

من ناحيته قال أحمد معطى الخبير الاقتصادي، إن تقرير وكالة بلمبورج الأخير بشأن ديون مصر مبالغ فيه بشكل كبير وغير واقعى، ولا يوجد مؤشرات لتخلف مصر عن سداد ديونها، مشيرًا فى تصريحات لـ”الموقع” إلى أنه لا قدر الله إذا حدث ذلك فلدينا علاقات جيدة مع دول الخليج ويمكن السداد بسهولة، مستبعدا ما ورد فى التقرير.

وردا على سؤال هل التخلف عن سداد ديون الدولة بمثابة إعلان إفلاس، أكد “معطى” أن إفلاس الدول يعنى أن هذه الدول أعلنت عن القدرة على سداد ديونها ولن تقوم بسدادها مشيرا إلى أن مصر لم يحدث لها هذا الأمر فى ظل حرب 73 19فكيف تقوم به الآن، لافتا إلى انه تقرير غير واقعى والوضع الاقتصادي المصري فى حالة استقرار على حد قوله.

حسب معهد تمويل الشركات، إفلاس الدولة يعني فشل الحكومة في سداد مدفوعات أقساط الدين والفائدة عند استحقاقها، وقد يكون الفشل في سداد الديون المستحقة للدائنين مصحوبًا بإعلان رسمي من الحكومة بأنها لن تسدد الديون المستحقة، أو قد يحدث أحيانًا بدون أي إعلان رسمي.

الدول التى أعلنت الإفلاس
في القرن الـ16، أشرف ملك إسبانيا، فيليب الثاني، على أربعة إفلاسات في بلده.
ونقضت اليونان والأرجنتين التزاماتهما تجاه مالكي السندات سبع وثماني مرات على التوالي خلال القرنين الماضيين، ومعظم الدول أصابها الإفلاس مرة في الأقل في تاريخها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى