الموقعتحقيقات وتقارير

«الشحاتة الإلكترونية».. أحدث وسائل التسول الأون لاين

استغلال عواطف الناس بفيديوهات مريعة.. وخبراء: آفة تهدد قيم المجتمع

تقرير محمود السوهاجي

ينتشر التسول الإلكتروني بشكل مقلق عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستغلاً عواطف المصريين ومشاعرهم الطيبة لجمع المال بطرق غير مشروعة.

ويلجأ المتسولون الإلكترونيين إلى نشر قصص مأساوية وهمية، مثل «أرملة وأطفالها يتامى» أو «مريض بحاجة إلى علاج مكلف» لجذب انتباه المستخدمين والتأثير على مشاعرهم.

و يتم استخدام تقنيات التسويق الرقمي لجذب انتباه الجمهور، مثل نشر مقاطع فيديو مؤثرة أو بث مباشر على منصات التواصل الاجتماعي.

و تكون هناك شبكات منظمة وراء ظاهرة التسول الإلكتروني، تعمل على استغلال المحتاجين الحقيقيين واستغلال مشاعر الناس.

و لا تقتصر خطورة التسول الإلكتروني على خداع الناس وجمع المال بطرق غير مشروعة، بل قد تُساهم في نشر مشاعر اليأس والإحباط بين المحتاجين الحقيقيين.

التسول الإلكتروني :

في ظل ثورة التكنولوجيا، ظهرت ظاهرة «التسول الإلكتروني» لتُصبح الوجه الجديد للتسول التقليدي، مستغلةً منصات التواصل الاجتماعي كأدوات للوصول إلى جيوب الناس.

و لم تختلف ظاهرة التسول الإلكتروني عن التسول التقليدي من حيث الهدف، وهو الحصول على المال بطرق غير مشروعة، إلا أنها استغلت التطورات التكنولوجية الحديثة لتوسيع نطاقها وزيادة فعاليتها.

ونجح المتسولون الإلكترونيون في استغلال فقر بعض المحتوى الرقمي، مثل نقص الوعي بكيفية التحقق من صحة المعلومات، لنشر قصص وهمية تُثير مشاعر التعاطف لدى مستخدمي الإنترنت.

و تُستخدم منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر انستجرام، لنشر قصص مأساوية مصحوبة بصور ومقاطع فيديو مؤثرة، مع طلب المساعدة المالية من المتابعين.

حكاوية من دفتر النصب الإلكتروني:

وتنتشر ظاهرة التسول الإلكتروني بشكل مقلق على منصات التواصل الاجتماعي، مستغلةً مشاعر التعاطف لدى الناس وجوعهم إلى مساعدة المحتاجين.

وتروي سماح عبد الرحمن البالغة من العمر 25عاما مواطنة مصرية، قصتها مع نصابى التسول الإلكتروني، حيث تواصلت معه سيدة ادعت أن ابنها بحاجة إلى عملية جراحية مُكلفة، مُستعطيةً مساعدته.

شعرت عبد الرحمن بالمسؤولية تجاه هذه السيدة وابنها، فأرسلت لها مبلغًا كبيرًا من المال دون التحقق من صحة قصتها.

لم تتوقف طلبات السيدة عند هذا الحد، بل طلبت منها مبلغًا آخر من المال، وعندما حاول التواصل معها لتقديم المساعدة بشكل مباشر، تهربت منه وأغلقت هاتفها.

أدركت عبد الرحمن حينها أنها تعرض لعملية نصب، وأن هناك العديد من الأشخاص الذين يتعرضون لمثل هذه الحيل على منصات التواصل الاجتماعي.

نرشح لك : كوارث في البيت.. احذر استخدام طفلك للهاتف المحمول لهذه الأسباب

يتطالب عبد الرحمن بفرض عقوبات قانونية صارمة على ممارسي التسول الإلكتروني، لردعهم عن استغلال مشاعر الناس وجمع المال بطرق غير مشروعة.

خبير نفسي يحذر:

حذرت ريهام أحمد عبد الرحمن، أخصائية الإرشاد النفسي والأسرى والتربوي، من انتشار ظاهرة التسول الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي، مُؤكدةً على مخاطرها على الفرد والمجتمع.

وقالت إن المتسولين الإلكترونيون يفنون الخداع والتلاعب بمشاعر الآخرين، مستخدمين قصصًا وهمية مُؤثرة لكسب التعاطف وجمع المال، وهو ما يُساهم في انتشار ثقافة التواكل وعدم السعي، مما يُهدد القيم والمبادئ الإيجابية في المجتمع.
وأوضحت عبد الرحمن أن بعض المتسولين الإلكترونيين يلجأون إلى أساليب غير مشروعة، مثل النصب والاحتيال، لتحقيق أهدافهم، لافتة إلى أنه ازدادت ظاهرة التسول الإلكتروني بعد جائحة كورونا، حيث استغلّ البعض الظروف الاقتصادية الصعبة لكسب المال بطرق غير مشروعة.

وطالبت بضرورة توفير فرص تعليمية لدمج المتسولين في المجتمع ومنحهم مهارات تُساعدهم على العيش الكريم، و دعم المتسولين من خلال مشاريع تُدرّ عليهم دخلًا مُستقرًا، بدلاً من الاعتماد على التسول، كما يجب وضع قوانين صارمة لمعاقبة ممارسي التسول الإلكتروني ومنع استغلالهم للمجتمع، و يجب التمييز بين الصدقة المُوجهة لجهات موثوقة، والتسول الإلكتروني الذي يستغله البعض دون وجه حق.

آفة اجتماعية تُهدد قيم المجتمع:

وقدم الدكتور أحمد متولى سعد، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، تحليلًا شاملًا لظاهرة التسول، مُؤكدًا على أنها آفة اجتماعية تُهدد قيم المجتمع وتُعيق تقدمه.

وأشار الدكتور سعد إلى أن التسول ظاهرة قديمة، لكنها اتخذت أشكالًا حديثة في العصر الحالي، حيث أصبح البعض يُمارسها كمهنة وحرفة لكسب المال بدلاً من العمل الجاد.

وعرف الدكتور سعد التسول بأنه طلب الصدقة من الأفراد في الأماكن العامة باستخدام وسائل مختلفة لاستدرار العطف والشفقة، دون بذل أي جهد.

وأكد الدكتور سعد على أن مصر من الدول التي تعاني من ازدياد أعداد المتسولين، حيث تُشير الإحصاءات إلى تزايد أعدادهم من عام إلى آخر.

وصنف الدكتور سعد ظاهرة التسول إلى العديد من الأشكال والأنواع، منها التسول الصريح، والتسول المستتر، والتسول العارض، والتسول الموسمي، والتسول الدائم، والتسول التقليدي، والتسول الفردي، والتسول الجماعي، والتسول عبر الإنترنت.

التسول: ظاهرة معقدة:

وأشار الدكتور سعد إلى أن ظاهرة التسول في مصر معقدة، وذلك بسبب زيادة عدد المتسولين، وتعدد وسائل التسول وصوره وأشكاله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى