أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» المجتمع المدنى كأيدلوجية مرجعية

اعتمد مجلس الوزراء مشروع قانون يقتضى بعض التعديلات الخاصة بقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى، وبموجبها يتم مد فترة السماح للجمعيات الأهلية من أجل توفيق أوضاعها، والانتهاء من كافة إجراءاتها التنظيمية، وذلك على خلفية اعتبار الرئيس السيسي عام 2022 عاما للمجتمع المدنى.

والحقيقة فإن المجتمع المدنى يحظى باهتمام يذكر من قبل العديد من الباحثين، فى دعوة صريحة للإلمام بهذا الكيان والمكون المهم بالدولة، بل يمكن اعتباره ضمن أبرز مرجعيات الحكم والحراك السياسي بتفاعلاته المختلفة بين صناع قرار فى الدولة من جانب والأفراد من جانب آخر، وإن لم يكن المتمم لديمقراطية الدولة وأسسها، بل إن العلاقة بين المجتمع المدنى والدولة تأتى فى إطار التعاون والتكامل، فالمجتمع المدنى بدوره كفيل بمعاونة الدولة وإتمام تحركاتها فى كافة الجوانب التنموية، كما يبرز دوره بشكل واضح فى الأنشطة الخدمية والاجتماعية، ناهيك عن مشاركته على المستويين السياسي والاقتصادى .

وبالرغم من سلاسة مفهوم المجتمع المدنى فى ظاهره، إلا أن معظم المدارس والتى تناولت هذا المفهوم أشارت بشكل أو بآخر إلى تنويعات مضامينه ومشتملات، وإن وجدت بعضها وقد سجلت جانب من تعقيدات هذا المصطلح، ففى وقت ارتآى فيه هوبز أن المجتمع المدنى هو مجتمع عرف السياسة ونظام الحكم المدنى، مع السير نحو مفاهيم المواطنة والعدالة، والأهم ثمة علاقة تجرى على نحو قانونى بين المحكومين والحاكم الذى يملك سلطة مطلقة إلى حد ما، يأتى جون لوك لينتقد السلطة المطلقة لدى الحاكم، منتقدا خضوع الفرد للحاكم، مؤكدا أن المجتمع المدنى وإن تم تنظيمه سياسيا إلا أن للدولة دورها ولكن فى حدود .

ومن المجتمع السياسي إلى النظرة الاقتصادية، تطور مفهوم المجتمع المدنى لدى بعض المفكرين الغربيين أمثال ماركس وجرامشى ومعهما آدم سميث، ليرتبط المجتمع المدنى ارتباطا وثيقا لدى هولاء بالصراع الطبقى والتنافس الاقتصادى، ليبق عليه دوتوكفيل فى منظور أقرب إلى كينونته الحالية، كونها المؤسسات الخدمية والبعيدة عن الربحية، وصاحبة مهمة مستقلة عن الدولة غايتها الاهتمام بالفرد ووعيه مع ضمان حقوقه، وعلى هذا الأساس اختلفت المدارس وتعددت إتجاهاتها فى تناول المجتمع المدنى والإلمام بمضامينه، ومع ذلك تظل هذه النوعية من المؤسسات، حلقة الوصل الواضحة والقوية بين الدولة ومواطنيها.

لكن مع كل ماسبق فإن لهذه النوعية من المجتمعات أيدلوجياتها، والتى يجب أن تتساير وقوانين الدولة ودساتيرها، بل وأن تدرك حقيقة مهمة مفاداها السيادة للدولة ، وأن العلاقة بينها وبين الدولة هى تكاملية، وأن أية إخفاقات من جانب هذه المجتمعات قد تعتبر معرقلا رئيسيا لتنمية وتقدم الدولة، بل بالأكثر قد تأتى بنتائجها العكسية تماما، بالتالى فإن تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع المدنى، يعد المناص الوحيد من هذه الإخفاقاتـ، والأهم تحقيق الاستفادة القصوى من هذه المؤسسات، مع ضمان استقلاليتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى