أراء ومقالاتالموقع

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» .. كورونى وأفتخر

المرض ليس “عيباً” ولا “حراماً” .. الاجراءات الإحترازية والوقائية ضد كورونا ليست “فضيحة” يجب التخلص منها بأى شكل ومداراتها بأى طريقة وكأنها جريمة تشبه فضيحة من يتم ضبطه فى شقة مفروشة يمارس فيها المحرمات أو أن كاميرات المراقبة قد صورته متلبساً بالتحرش تماماً كما حدث لبطل واقعة التحرش فى مطار الفاهرة وكانت فضيحته بجلاجل عبر السوشيال ميديا..

المرض بكل تأكيد هو ابتلاء من الله عز وجل لعباده ليمتحن قوة إيمانهم و قدرتهم على تحمل البلاء بصدر رحب فالمرض من عند الله والشفاء أيضاً من عند الله أما ما يفعله الاطباء أثناء العلاج .. ومازيقدمه الأهل والاصدقاء من دعاء نابع من القلب كلها مجرد أسباب يضعها لنا الله عز وجل حتى تستوعب عقولنا قدرته الالهية التى قد لا يتحملها العقل البشرى المحدود خاصة حينما تكون المصائب من الحجم الثقيل.

أكتب هذا الكلام بعد عودتى مباشرة من مسقط رأسى قرية “إدفا” بمحافظة سوهاج حيث سافرت لتشييع جثمان عمى الغالى الذى رحل عن دنيانا تاركاً خلفه سيرة طيبة جعلت المعزين ورغم أنه لم تكن هناك “جنازة” بالمعنى التقليدى لتلقى واجب العزاء إلا أنهم توافدوا على منزلنا بالمئات سواء من اهل القرية أوالقرى المجاورة ، ولكن المؤسف فى الأمر أننى فوجئت وسط هذا العدد الكبير من المعدين بأنه لا أحد يعترف بالإجراءات الإحترازية إلا نسبة محدودة للغاية وأن الناس مازالوا يتعاملون مع كورونا باستهتار شديد لدرجة أنهم كانوا ينظرون الى “الكمامة” التى أضعها على وجهى بنظرة شفقة ربما لعلمهم السابق بأننى كنت مصابا بكورونا خلال العام الماضى وعشت تجربة صعبة وقاسية لا أراكم الله مثلها ، نظرات البعض نحو الكمامة اشعرتنى بأننى شخص موصوم بعار الخوف من كورونا وأننى ضعيف الشخصية أمام ” كوفيد ١٩”..

أنا لم ارتكب ذنباً كونى ملتزماً بالاجراءات الاحترازية لمنع الاصابة بكورونا مرة اخرى ، ولست مجبراً لأن أزيل الكمامة من فوق وجهى حتى اراعى شعور الغالبية العظمى من “المستهترين” الذين يجلسون الى جوارى ووجوههم مكشوفه ويتعامل كل منهم مع كورونا وكأنه “أسد” لا يخاف المرض ولا يهاب الإصابة بينما نجده فى لحظات وبعد الإصابة بالفيروس يتحول الى مجرد “قطة ضعيفة” غير قادرة حتى على “المواء” للتعبير عن شدة الوجع الذى يسببه المرض اللعين.

فالوجع الذى يترتب عن كورونا -لا أراكم الله ولو جزء بسيط منه – شئ يفوق التحمل ، فقد عشت فى مثل هذه الأيام من العام الماضى داخل غرفة العناية المركزة “قسم الحالات الحرجة” ١٤ يوما كانت أيام “أسود من قرن الخروب” .. هذه التجربة جعلتنى أشعر بحزن شديد فى عزاء عمى ، حزناً على “الوعى” الذى مات و”شبع موت” .. حزناً على الاجراءات الاحترازية التى ليس لها وجود إلا فى الحملات التوعوية لوزارة الصحة عبر وسائل الاعلام .. حزناً على التفكير المحدود الذى بكل تأكيد سيكون سبباً فى هلاك الكثير من الناس الذين يدفعهم تفكيرهم الخاطئ لأن يعيشوا حياتهم بالطول والعرض وهم لا يدركون أنهم يلقوا بأنفسهم فى التهلكة .

اكررها مرات ومرات الكمامة ليست “عار” والمرض نفسه ليس عيباً ولكن العيب كل العيب أن يكون الشخص مصاباً ً ولو بمجرد أعراض كورونا ويخرج بدون كمامة ويعيش حياته بشكل طبيعى بين الناس فيتحول بقدرة قادر الى “بؤرة” لعدوى الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم تعاملوا معه بنية صافية وبصدق شديد ، فالخطر يأتي دائماً من حيث نأمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى