أراء ومقالاتالموقع

أسامة السعيد يكتب لـ”الموقع ” نقطة نور

حياتنا .. بحث عن “نقطة نور”

الله نور

الحق نور

الخير نور

الجمال نور

العلم نور

الإيمان نور

حب الناس نور

النجاح نور

صفاء النفس نور

رجاحة العقل نور

الملائكة مخلوقون من نور، والأرض  في بدء الخليقة “أشرقت بنور ربها”، وعندما غرق الناس في ظلام الجهل والضلال، أرسل الله الأنبياء، ليكونوا

قبسا من نوره ليهدى به العقول الضالة والقلوب الحائرة.

عندما يولد الإنسان يخرج إلى الحياة ليرى “النور”، وعندما يودعها يعود إلى ظلمة القبور، ومنها ينتقل إلى “نور” الجنة، أو إلى “ظلام” الجحيم.

الرجل الذي يفيض قلبه بالإيمان، تجد في قلبه نورا، وفي وجهه نورا، وعندما يعود إلى الآخرة، يرافقه ذلك النور، فيعرف الناس أهل الإيمان بنورهم الذي يسعى بين أيديهم، فيطالبونهم “دعونا نقتبس من نوركم”.

النور هو تاج الدنيا على رؤوس أصحاب العقول النيرة والقلوب المطمئنة بذكر الله، وهو أيضا تاجهم الذي يميزهم في الآخرة.

وعندما نريد أن نصف أصحاب الفكر المتطور، المتحرر من قيود الماضي، وركام الأفكار الجامدة، المستعين بأدوات العلم والنقد والعقل، نقول أن ذلك الفكر “مستنير”، وأصحابه رواد “التنوير”.

عندما تريد أن تهنئ شخصا على حسن صنعته تقول له “الله ينور”.. وعندما تزداد حميمية ترحيبك بضيوف أعزاء على القلب، لا تجد أحلى من كلمة “نورتونا”، وعندما تريد أن تعبر عن شوقك إلى غائب عائد تقول له “منور”، وعندما يحيك أحدهم بـ”صباح الخير”، لا تجد تحية أفضل منها سوى “صباح النور”.

عندما يفرح الإنسان تجد وجهه وقد أضاء بنور لافت، وعندما تحاصره الأحزان، تخنق ملامحه ظلمة الكآبة.

****

النور لو تأملنا قليلا- هو رفيق كل المعاني الجميلة في حياتنا، فنحن من ساعة أن نولد نسعى نحو النور، نحاول أن نعرف أكثر تفاصيل تلك الحياة التي جئناها بغير إرادة منا، فتزداد مساحة النور في حياتنا.

نقضي سنوات طويلة في دروب التعلم والتعليم وشتان ما بين الاثنين– بهدف أن نزيح ولو قليلا ظلام الجهل عن عقولنا، ونقتبس بعضا من نور العلم لنجعل به حياتنا أفضل، ونصنع مستقبلا نبتغيه.

عندما تكبر قلوبنا، نسعى نحو “نور الحب”، ليؤنس وحشة ووحدة قلوبنا، والمحظوظ منا من يجد ذلك النور سريعا.. وحتى من لم يجده، لا يمل عمره كله وهو يبحث، فأقسى القلوب هي تلك التي لم تشرق يوما بالحب، وأغلظ  وأتعس القلوب هي تلك التي تكف عن السعي نحو نور الحب، وتكتفي بحب ذاتها.

حياتنا تقريبا كلها سعي نحو نور العلم والحقيقة، أو بحث عن رزق وفير يجعلنا في مكان أفضل “تحت الشمس” أي أنه أيضا بحث عن النور، أو جري وراء نجاح يسلط علينا النور، ويجعلنا في مكانة مرموقة بين الناس.

بل إن حياتنا كلها تقريبا لو شئت الحقيقة- صراع بين النور والظلام، حركة دائبة  لا تهدأ بين الاثنين، لا تتوقف إلا مع آخر أنفاس الحياة، لتبدأ بعدها حياة أخرى ومختلفة تماما، ندعو الله أن تكون رحلتنا فيها إلى النور.

****

والناس في علاقتهم بالنور أصناف وأشكال، فهناك من تشرق عقولهم وقلوبهم بالنور، فأولئك الأنبياء والأولياء والعلماء، فاتبعوهم.

وهناك من تمتلئ عقولهم بالنور، بينما قلوبهم لا تزال بعيدة عن دائرة النور، فأولئك الخبراء، فاستعملوهم.

وهناك من تمتلئ قلوبهم بالنور، بينما عقولهم لم تنل نفس النصيب، فأولئك العاشقين وأصحاب القلوب المرهفة .. فأحبوهم.

وهناك من يدركون ظمأ عقولهم للنور، فيتلمسون نحوه الطريق، فأولئك الباحثون.. فساعدوهم.

وآخرون يتألمون من ظمأ قلوبهم للنور، فأولئك التعساء .. فارحموهم.

وهناك من نزع الله النور من قلوبهم وعقولهم.. فأولئك الطغاة والقساة والبغاة .. فقاومهم لتقوموهم.

****

والناس في عطائهم بالنور أنواع .. ففريق لا يبخل بنوره، فأولئك أهل الكرم، يزداد نورهم بالعطاء.

وثانٍ يكتفي بنوره، يخشى نفاده، فيضن به، فأولئك البخلاء لن يستمتعوا يوما بما يملكون.

وثالث لا يرون ما بين أيديهم من نور، ولا يغريهم سوى ما في أيدي الآخرين، فأولئك الطامعين، لن ينالوا سوى الحسرة.

وفريق رابع لا يكتفي بما لديه من نور، ويسعى إلى سرقة ما لدى الآخرين، فأولئك اللصوص، لن يغتنوا ولن يهنأوا بشبع مهما سرقوا.

****

أحب من الكلمات والآراء والكتب ما ينير قلبي وعقلي، ويضع فيه كاتبه خلاصة روحه، وجوهر تجربته، فيمنح بسخاء.

وأحب من الصحف ووسائل الإعلام ما ينير الواقع بأضواء الحقيقة أو على الأقل يتلمسها، ويمنح المجال لإشراقة الأفكار المبدعة، والتفكير غير التقليدي.

وأحب من الناس من يسبق نور قلبه ذكاء عقله، فيشعر بك على البعد، وتلتقيه بعد سنوات، فتشعر وكأنك لم تفارقه.. الذي يمنحك وجها واحدا، ولا يعرف التلون.

وأحب من القادة، من يسبق بنور عقله زمانه، ويسابق بصلابة إرادته زمنه.. أولئك الذين يخلصون لربهم وأوطانهم، فيلقي الله في قلوبهم نور الرؤية، وصدق العزيمة، وإخلاص العمل، فيحققون ما كان يراه الناس مستحيلا.

وأحب من أهل العلم من يُرزقون شفافية المستبصرين، فلا يضعون كل البيض في سلة العقل فيضلوا، بل يدركون أن فوق كل ذي علم عليم، وأنه كلما اتسعت مساحة النور في عقولهم، أدركوا حجم الظلمة التي لم تتبدد بعد، فيتواضعونويلجأون إلى “العليم الخبير”، فالعلم كما قال الشافعي “نور الله” .. ونور الله لا يُهدى لعاصٍ.

****

وأخيرا … فإن الكتابة الحقيقية هي تلك التي تمنح قارئها نورا، تنير بين السطور، تشرق بالفكرة السديدة، والأسلوب الجذاب، والرؤية المختلفة.

هكذا كانت الكتابة الحقيقية دائما بالنسبة لي، أسعى إليها لدى كل صاحب قلم، ومنهم العظيم “بهاء طاهر” والذي له من اسمه نصيب كبير، وهو صاحب رواية “نقطة النور”، التي جعلتني أرجو أن يكون كل ما أكتب كـ”نقطة نور”.

في أول لقاءاتنا في “نقطة نور”، أدعو الله أن تكون تلك المساحة بحق طاقة نور للعقول والقلوب، وأن تضيف إليكم قبسا من نور الفكر والوعي والمحبة والإخلاص، وأن تكون مساحة مختلفة نتبادل فيها الرؤى والأفكار، ونسعى مخلصين نحو نور الحقيقة، ونورانية المعرفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى