هلال وصليب

هل يسمع الميت من يزوره؟.. «الإفتاء» تجيب

كتب- أحمد عبد العليم

نقف على أبواب القبور مودعين ثم زائرين وداعين لأحبابنا الذين فارقونا ، فنتساءل هل يسمع الميت من يزوره ؟، فهكذا حال أهل القبور دائمًا يثير الحيرة والخوف في نفوس الأحياء، فكل تلك المسائل المتعلقة بهم هي من الغيبيات، التي يبحث فيها الكثيرون، وقد تحمل لنا إجابة سؤال هل يسمع الميت من يزوره في قبره ؟ قسطًا من الراحة وتبعث في قلوبنا الطمأنينة ، وتقلل ألم الفقد ، حيث لانزال على صلة بالأموات وتوصيل الهدايا إليهم وجعلهم يسمعون ما يسرهم .

قالت دار الإفتاء المصرية، عن حقيقة سماع الميت لمن يزورهم أو يسلِّم عليهم وشعورهم به و هل يسمع الميت من يزوره في قبره ؟، بأنه ممَّا ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث متعدِّدة: كحديث عَرْض الأعمال على المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واستغفاره لنا صلَّى الله عليه وآله وسلم.

واستشهدت “ الإفتاء” عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بما قال صلَّى الله عليه وآله وسلم : «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُحْدِثُونَ وَيَحْدُثُ لَكُمْ. وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ: فَمَا رَأَيْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللهَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللهَ لَكُمْ» رواه البزار في “مسنده”، وصححه جمع غفير من الحفاظ؛ كالإمام النووي والحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي وغيرهم.

وأوضحت أن مِن المقرَّر أنَّ الإنسان إذا مات، فإنَّ موته ليس فناءً محضًا أو عدَمًا لا حياة فيه، بل هو انتقال من حياةٍ إلى حياة؛ فيكون مدركًا لكلِّ ما حوله يشعر بمَن يزوره ويردُّ عليه السلام إذا سلَّم عليه، كما يتَّضح ذلك بما ورد في الشرع أيضًا من مشروعية تلقين الميت، ولولا أنه يسمع التلقين وينتفع به لَمَا شُرِعَ ذلك.

وأشارت إلى أنه ورد عن بريدة رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، وأسأل الله لنا ولكم العافية” [أخرجه مسلم في صحيحه 1 / 669] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا ،فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ».

وتابعت: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛أنه أمر بقتلى بدر، فألقوا في قليب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم : «يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًّا، فقال له عمر : يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا، فقال صلى الله عليه وسلم: «والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون جوابًا».

ونبهت إلى أنه يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، وذلك لأن الميت يعرف المسلم عليه ويرد عليه السلام، قال الإمام النووي : «ويستحب لزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره». وقد سئل ابن تيمية رحمه الله عن سماع الميت بعد موته، فقال : «الحمد لله رب العالمين. نعم يسمع الميت في الجملة» وذكر أحاديث كثيرة ثم قال بعد حديث السلام على أهل القبور: «فهذا خطاب لهم، وإنما يخاطب من يسمع..

وأفادت بأنه قال ابن القيم : «وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه ، فيقول : (السلام عليكم دار قوم مؤمنين) وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به». وقال المناوي معلقاً على نحوه : «..وقال الحافظ العراقي : المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه .

ولفتت إلى أنه قال بعض الأعاظم : تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره»[فيض القدير، /487/5].

وأكدت أن الموت ليس فناء الإنسان تمامًا، ولا هو إعدام لوجوده الذي أوجده الله له، بل إن الموت حالة من أصعب الحالات التي يمر بها الإنسان؛ حيث تخرج فيها روحه؛ لتعيش في عالم آخر، فخروجها من الجسد الذي كانت بداخله صعب ، فالموت : هو مفارقة الروح للجسد حقيقة، قال الغزالي : «ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها»، وبناء على ما سبق فإن الميت يشعر ويستأنس ويفرح بمن يزوره ويرد عليه السلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى