هلال وصليب

كنيستنا القبطية اليوم..تذكار نياحة الأنبا مكاريوس الكبير

يذخر ” السنكسار ” بالعديد من سير الآباء القديسين بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، والذين قد تركوا العالم وفضلوا الحياة في البرية، ودافعوا عن الإيمان، ووقفوا صامدين أمام الاضطهاد ،فنجد الأنبا أنطونيو يؤسس نظام الرهبنة والانبا باخوميوس يؤسس نظام حياة الشركة بين الرهبان ،وتحتفل الكنيسة وفقا لكتاب سير الشهداء والقديسين المعروف لدى الأقباط بـ “السنكسار “اليوم 27 برمهات قبطيا أبريل ميلاديا بتذكار نياحة القديس مكاريوس الكبير أب رهبان برية شيهيت.

تنيَّح القديس مكاريوس الكبير في مثل هذا اليوم من سنة 106 للشهداء ( 390م )، ووُلِدَ هذا القديس في شنشور مركز منوف سنة 300ميلاديا ،وكان والده كاهناً اسمه إبراهيم، لم يكن له ولداً ورأى في رؤيا ملاك الرب يقول له أن الله سيرزقه ولداً يكون ذكره شائعاً في أقطار الأرض، ويصير أباً لبنين روحانيين، وبعد فترة قصيرة رُزق بهذا القديس فسماه مكاريوس أي الطوباوي، وكان مطيعاً لوالديه، فحلَّت عليه نعمة الله.

ولما كبر القديس مكاريوس الكبير زوَّجه والده بغير إرادته، فتظاهر بالمرض أياماً ثم استسمح أباه أن يمضى إلى البرية ليطلب الخلوة والراحة، فسمح له ،وفي البرية أبصر رؤيا كأن كاروباً ذا أجنحة أمسك بيده وأصعده على رأس الجبل وقال له ” إن الله قد أعطاك هذا الجبل ميراثاً لك ولبنيك من بعدك “.

لما عاد القديس مكاريوس الكبير من البرية وجد أن زوجته قد تنيَّحت وهي عذراء، وبعد ذلك تنيَّح أبواه، فوزع كل ما تركاه له على الفقراء، ومضى إلى شنشور (إحدى قرى مركز أشمون محافظة المنوفية) وسكن فيها،ولما ذاع صيت فضائله أخذوه إلى أسقف أشمون فرسمه قساً على شنشور ،وكانوا يأتون إليه للتناول من الأسرار المقدسة، وعيَّنوا له خادماً ليبيع له عمل يديه وقضاء ما يحتاجه.

ولما رأى الشيطان سُموَّ القديس مكاريوس الكبير في الفضيلة أوعز إلى فتاة كانت قد ارتكبت الخطية مع شاب، بأن تدعى أن القس مكاريوس هو الذي ارتكب معها هذا الشر ،فمضى إليه أهل الفتاة وأهانوه وضربوه وألزموه بأن يتكفل بالطفل وأمه، فلما أتت ساعة الولادة ظلت الفتاة أربعة أيام مُعذَّبة ولم تلد حتى اعترفت بافترائها على القديس، فرجع أهل الفتاة يطلبون من القديس المغفرة، فهرب، ومضى إلى برية شيهيت وهو في الثلاثين من عمره، وسكن في موضع دير البرموس الحالي، وواظب على الصلاة والصوم والقراءة والتأمل.

ذهب القديس مكاريوس الكبير لزيارة القديس الأنبا أنطونيوس، فاستقبله، وقال له: ” إنك عتيد أن تصير مغبوطاً كاسمك “، وألبسه إسكيم الرهبنة، ورجع إلى قلايته، فالتَّفْ حوله كثيرون، وذاع صيته، وسمع الملوك بكثرة العجائب التي كان يعملها، ثم ظهر له ملاك الرب وأتى به إلى رأس الجبل عند البحيرة الغربية المالحة، وأعلمه بأن يتخذ له هذا المكان سكناً، فبنى لنفسه قلاية وكنيسة، وهي المعروفة حالياً بدير القديس مكاريوس.

ولما ازدادت عليه حرب العدو على القديس مكاريوس الكبير مضى مرة أخرى لأخذ نصائح القديس الأنبا أنطونيوس في ما يتعلق بحياته الخاصة، وأيضاً في ما يختص بالرهبان الذين تتلمذوا على يديه.

وقد واجه القديس مكاريوس الكبير شدائد كثيرة في سبيل دفاعه عن الإيمان القويم في عهد الإمبراطور فالنس الأريوسي، الذي نفاه إلى جزيرة فيلة جنوب أسوان، وهناك أنقذ ابنة كاهن الأوثان من شيطان كان يعذبها، فآمن هو وكل سكان الجزيرة بالسيد المسيح. وبعدها عاد إلى ديره.

تميز القديس مكاريوس الكبير باتضاعه ومحبته لأولاده وطول أناته عليهم، وكان يستر على عيوبهم حتى جاءه صوت من السماء يقول:” طوباك يا مكاريوس الروحاني يا من تشبَّهت بخالقك، تستُر العيوب مثله “.

ولما أكمل القديس مكاريوس الكبير جهاده الحسن، حضر القديسان أنطونيوس وباخوميوس وجماعة من الملائكة والقديسين، واستودع روحه الطاهرة بيد الرب عن عمر يناهز التسعين عاماً ومازال جسده بديره العامر ببرية شيهيت.

ويذكر أن كلمة “السنكسار” هى فى الأصل لفظة يونانية و تعنى الكتاب الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء وكذلك القديسين ،وتقوم الكنائس الأرثوذكسية باستخدامه في أيام وآحاد السنة التوتية،ويشمل كافة سير القديسين والشهداء مرتبة حسب الشهور القبطية والميلادية معا ،ويقوم القسوس بقراءة السنكسار في الكنائس خلال القداس الالهى قبل قراءة الإنجيل بشكل يومى وعقب قيام الشماس بقراءة فصل الإبركسيس، أي قصص وأعمال وسير الرسل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى