أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: شح الدولار يزيد من حيرة الأطباء.. وآلام المرضى

ثمّة مُشكلات يَتجنب المسئول عن سياسة البنك المركزي مُناقشتها وطرحها بَل في أغلب الأوقات يَرفض سَماعها، وثمة أسئلة لا يَستطيع الإجابة عنها وهي مُتعلقة بِحقوق المرضى في المقام الأول بسبب نقص بعض الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بمرضى القلب والعظام والجراحات الدقيقة، الناتجة عن صعوبة توفير الدولار للشركات المتخصصة في المجال الطبي..

في الحقيقة سعر صرف الدولار هُو ربّما يكون أكثر قربًا من لُعبة «العرض والطلب»، ويرى العديد من رؤساء شركات المواد الطبية بأنَّ النقص ناتج عن صعوبة القدرة في توفير الدولار من البنوك..

وأصبح الآن لافتًا وجود نقص في بعض المستلزمات الطبية أبرزها الأنبوبة التي تُوضع فى القنوات المرارية فى بعض حالات انسداد هذه القنوات.. وهيَّ أنبوبة بسيطة ورخيصة الثمن إلا أنَّ الشركات توقفت عن استيرادها خلال الفترة الحالية، وأصبح أطباء الجراحة في حِيرة لتفسير هذا السبب، ففي الوقت الذي تساءلوا فيه: «هل إن النقص بسبب قلة الأرباح من هذه الأنبوبة لصالح شركات الأدوية أمْ إنه بسبب نقص الدولار».

أطباء الجراحة والعظام وبعض التخصصات الدقيقة أصبحوا عاجزين أيضًا عن توفير بعض المستلزمات الطبية الخاصة بتطويل وتقويم العظام وقسطرة وجراحات القلب ونقص مادة الصبغة الضرورية للآشعة المقطعية وغيرها..

لذلك يجب تقنين استيراد الأجهزة والمستلزمات الطبية دون إغفال حق الدولة لتحقيق التوازن بين حق الحكومة وحقوق المرضى ومسؤلية الأطباء فى توفير أفضل خدمة طبية.

ثمّة سؤال آخر في غاية الأهمّية لا مَفرّ من طرحه للنقاش: «هل يُسمح للطبيب باستيراد جهاز واحد أو مستلزمات طبية دقيقة دون مُبالغة في دفع الجمارك.. خاصة وأنَّ الأطباء الذين يُشاركون في مؤتمرات علمية دقيقة دائمًا ما يأتون بأجهزة حديثة رُبما لم تكن موجودة من قبل لأن طرحها يكون حديث الساعة».

بكلامٍ أوضح، كان الراحل الدكتور أسامة الغنام رائد جراحة المخ والأعصاب في مصر يَحكي دائمًا لأصدقائه الأطباء وتلاميذه من حديثي التخرج من كليات الطب بأنه عندما كان يُشارك في أي حدث عِلمي خارج البلاد كان يَحرصُ كل الحرص على شراء الأجهزة المطروحة حديثًا في مجالات الطب ورُبما كان يَسبق المستشفيات الحكومية في بعض الأحيان في شراء الأجهزة الحديثة، التي ساعدته في إنشاء مُستشفى مُجهزة بأحدث الأجهزة والمستلزمات الطبية..

وهذا ما نقله لي أستاذ دكتور رائد في علم طب الباطنة وتخصص الكبد، أن المستشفيات الحكومية كانت في بعض الأحيان تلجأ لمستشفى الراحل الدكتور أسامة الغنام، من خلال تحويل بعض الحالات المرضية عليها لكونها مُجهزة بأحدث الأجهزة الطبية..

وهذه القصص الحقيقية لو اطلع عليها المسئولون عن منظومة الجمارك والموظفين في جمارك المطار ما تَعاملوا بِكل هذا الاستخفاف مع ما يَحمله الأطباء من أجهزة حديثة ودقيقة ومستلزمات طبية تُساعد في علاج الكثير من المرضى، خاصةً وأنَّ البعض من شركات الأدوية والمستلزمات الطبية تُعاني من صعوبة توفير الدولار لِتجلب كل ما تحتاج إليه المستشفيات من مستلزمات وأجهزة طبية.

ويجب أن يَعلم الموظفون داخل منظومة الجمارك أن الطبيب المشارك في ندوة أو مؤتمر علمي أو ما شابه ذلك هو على درجة علمية كبيرة وغالبا ما يكون في درجة الأستاذية.. ومَا يجلبه من أجهزة طبية رُبما أقل بكثير مما يَجلبه من عِلمٍ وخبرة اطلع عليهما خلال هذا المؤتمر، الذي قد تمكنه وتساعده في علاج المرضى.

ويجب أن يعلم الموظفون داخل منظومة الجمارك، أن الطبيب المشارك في الحدث العلمي الكبير خارج البلاد رُبما ما يَتحمل تكلفة سفره من ماله الشخصي وليس من ميزانية القائمين والمنظمين للحدث العلمي..

هذه أسئلة حقيقية مرتبطة بِواقع الأطباء وظروف المستشفيات سواء كانت حكومية أو خاصة في الوضع الحالي..

والآن لمْ تَعد المسألة مسألة التضييق على أجهزة ومستلزمات الأطباء في الجمارك بَل مُرتبطة بمنظومة القائمين على السياسة المصرفية بدرجة كبيرة في ضرورة طرح الحلول لهذه الأزمة قبل تفاقمها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى