أراء ومقالاتالموقع

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» قراءة متأنية لمنصب العمدة

كان زمان العمدة فى القرية رجلا قويا وله كاريزما ومهابة بين الناس ، ويتسم بالسمعة الطيبة والثراء المعقول الذى يحصنه من قبول الرشوة أوالفساد ، وكان سياسيا وذكيا أيضا فى تعامله مع أهالى القرية، وكذلك بين المتنازعين ، ويحظى بتقدير ومحبة الجميع، لأنه عادل ولا يحابى أو يجامل أحدا ، هذا العمدة الذى أتحدث عنه كان موجودا فى فترة الستينات والسبعينات والثمانينات وبداية التسعينات، مع احترامى طبعا لمن أتوا بعد هذا التاريخ، كان العمدة بمثابة رئيس مباحث القرية، ويعرف دبة النملة فيها، وجميع المشاكل كانت تنتهى عنده فى الديوان أو المندرة ، ولايجرؤ أى صاحب مظلمة على الذهاب إلى قسم أو مركز الشرطة لتحرير محضر بالمظلمة، لأن العمدة كان مسيطرا، ولديه القدرة والشخصية القوية النافذة على حلحلة أى مشكلة..

وكان يتم اختيار العمدة فى هذا الزمن الجميل بالاقتراع المباشر (الانتخاب) وليس بالتعيين كما يحدث اليوم ، والانتخابات كان يتم إجراؤها فى حرية ونزاهة تامة، ومن يأتى به الصندوق يصبح عمدة للقرية دون أى تدخل من هنا أو هناك، لذلك كان العمدة ناجحا فى منصبه، بالرغم من أنه لايحمل مؤهلات علمية سوى إجادته للقراءة والكتابة ، بالإضافة لحيازته عددا من الأفدنة ، واليوم للأسف اختلف الأمر، وأصبح منصب العمدة “ملطشة” لكل من هب ودب ، خاصة بعد أن ألغيت معايير الاختيار الحقيقية بالانتخاب المباشر وتدخلت الواسطةوالمحسوبية فى اختيارات العمد والمشايخ، وغابت الٱليات الصحيحة للاختيار الحقيقى، والتى عملت بها وزارة الداخلية لمدة عقود طويلة، وكانت ناجحة جدا ، ناهيك عن توريث منصب العمدة للأبناء، وهذا أخطر مافى الأمر ، لأن الابن ممكن أوى أنه لايكون على نفس درجة الكفاءة التى كان يتمتع بها العمدة الأب، ولامؤهلا لهذا المنصب، ولكن مع فكرة التعيين الخاطئة وشوية توصية من هنا وهناك يحدث التعيين المشئوم، وفى النهاية من يدفع ثمن فشل العمدة هم أهالى القرية، وكذلك أقسام ومراكز الشرطة، لأن العمدة الفاشل وغير المؤهل لهذا المنصب المهم سيبقى عبئا علي مراكز وأقسام الشرطة دائما،لأنه ضعيف وفاشل ولايقوى على حل مشاكل الناس فيضطرون إما للذهاب إلى القرى المجاورة لحل مشاكلهم من خلال لجنة المصالحات الموجودة بالقرية المجاورة أوالذهاب إلى أقسام ومراكز الشرطة لتحرير محاضر بغرض أيجاد حل لمشاكلهم والتى من المفروض أن يقوم جناب العمدة بحلها، وليس تصديرها لأقسام الشرطة..

والعجيب أن وزارة الداخلية تقوم كل عام بإجراء حركة تنقلات بين ضباط الشرطة على اختلاف مناصبهم وعلى نطاق واسع من أسوان لمرسى مطروح ، الهدف منها ألايتمدد نفوذ هؤلاء الضباط بهذه الأماكن ويصبحون بعد ذلك مراكز قوى مع طول البقاء فى مراكز وأقسام الشرطة و المديريات التابعة لها، الأمر الذى ينعكس على ضعف أدائهم الشرطى فى تحقيق الأمن والأمان للمواطنين ، ولاتفعل ذلك مع العمدة، والأغرب أيضا أنها تسمح بتوريث المنصب، وكأن القرية قد نضبت أن تفرز عمدة جديدا ، لذا أقترح على السيد وزير الداخلية الموقر أن نستعيد أيام زمان ويصبح اختيار العمدة بالانتخاب الحر المباشر، وليس بالتعيين من قبل الأجهزة الأمنية، مع احترامى الشديد للجميع، بشرط ألا تزيد مدة توليه هذا المنصب عن 5سنوات، وبعدها يتم استبداله بعمدة ٱخر ، وبالانتخاب المباشر أيضا ،لأن منصب العمدة لاتتناسب معه عملية التدوير ، ووجود العمدة فترة طويلة فى منصبه يكرس للفساد ولمراكز القوى، الأمر الذى ينعكس على أمن واستقرار القرية ، ويتسبب أيضا فى احتقان وغضب العائلات والقبائل الأخرى، التى لم تأخذ حظها ولم تمثل فى هذا المنصب ، مما يخلق صراعا قبليا ليس فى مصلحة أحد ، كما أنه سيؤدى لزيادة الأعباء على أقسام ومراكز الشرطة بتصدير المشاكل لها بدلا من حلها ،مكايدة فى العمدة الفاشل، وتحديا له، وهذا يمثل عبئا ٱخر على الأجهزة الأمنية ، كما أقترح على السيد وزير الداخلية إنشاء نقطة شرطة فى بعض القرى لعدم وجود عمدة كفء بها ، إلى جانب تكوين لجنة حكماء من كبار العائلات بالقرية ويمثل فيها الجميع ، وتمنح صلاحيات كاملة لحل جميع المشاكل، وتكون مساعدة لنقطة الشرطة، حفظ الله مصر وشرطتها الباسلة من كل شر

اقرأ ايضا للكاتب : 

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» بدل الصحفيين خارج حزمة الحماية الاجتماعية !

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» رأس الحكمة بداية لتصحيح المسار

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» الطاقة الشمسية مستقبل مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى